وبعض ذويه، وقليل من أهله. وكان لا يفتر عن دعوتهم، ويسخرون منه فيزداد نشاطا وحيوية وراء أمله، ويصورهم الله تعالى في قوله: {وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون} (1) {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون} (2). إلا أن الباطل لا يقوى أمام الحق، فسرعان ما يتقوض، ويظهر ضعفه، كما يتلاشى الظلام حين يكون وراءه النور الساطع.
وهكذا بدأ الإسلام يستولي على القلوب في مكة رويدا رويدا، ثم انتشر بين بعض سكان يثرب (المدينة المنورة)، وازداد إيذاء المشركين للمسلمين واضطروهم إلى هجر وطنهم فرارا بدينهم.
وفي المدينة بدأت الدولة الإسلامية منظمة برياسة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وانتشر خبر الإسلام في أطراف الجزيرة، ولم تمنع أضاليل المشركين العرب من الدخول في دين الله، دين المساواة والعدالة، عقيدة سهلة سامية، إيمان بالله وطاعة لرسول الله، وعبادات تدخل السعادة والطمأنينة إلى النفوس، نظام يضبط الجماعة ويؤمن حقوق الأفراد ... كل هذا جعل القبائل العربية تتهافت إلى المدينة من كل حدب وصوب، يعلنون إسلامهم، وعم الإسلام الجزيرة العربية بعد الفتح الأكبر، ودخل الناس في دين الله أفواجا، وانقلبت مكة والمدينة بل الجزيرة العربية إلى موطن إسلامي متماسك تنبع منه إشعاعات الهداية لتنير العالم.
وقد تم ذلك للرسول الكريم خلال اثنتين وعشرين سنة وبضعة أشهر.
مخ ۱۲