============================================================
وغير ذلك، وخص الرسول بخباء(1) وذخائر نفيسة ، وصرفه إلى مرسله .
فلما قدم الرسول على كسرى سأله عما ندبه لتعرفه، فأخبره بطيب تلاى الأرض، وفضائل خصائصها، وشرف مزاياها وحصانة ثغورها، وأنه لم ال ي جد لها عورة تؤتى منها إلا غرارة(1) سكانها ، وأن عقولهم متهينة لقبول الخدع محجوبة عن النظر فى العواقب، وأن هذا هو موجب حسن طاعتهم لمن الفوا طاعته، فلو تتب اليهم رجال يحسنون نصب الدعوات الى الدول لاستمالوهم وصرفوا طاعتهم عن ملكهم، فاذا انصرفت طاعتهم لم تقم لملكهم بعد نلاى قانمة، لأنهم أعضاده النين يصول بهم، فهم فى الرخاء شار مجتتاة وفى البلاء سيوف منتضاة(2).
فنظر كسرى فيما كتب اليه به الأركن، فوجده قد خاطبه بالملاطفة ، واعترف بفضله وتملقه، ورغب اليه فى الموادعة والمؤاخاة، فاسشار انوشروان وزارعه فى أمره وأعلمهم أن نفسه لا تطيب بمسالمته، فاخلفوا عليه، فاجمع على ان يرد هدينه اليه ففعل، ثم إنه تب لاستفساد رعيته رجالا الا يسنون نصب الدعوات وقلب الدول، وأمدهم بالأموال، وازاح عللهم وبين لهم مثالا يحذون عليه ، فنفروا لما أمرهم به حتى انتهوا إلى مملكة ذلك الأركن فتفرقوا فيها وعمل كل واحد قوته فيما انتتب له .
فلما أتى عليهم عامان أحكموا ما أر انوا من ذلك فى دار مملكة الأركن وفى غيرها من مدنه وحصونه ورساتيقه(4)، وكتبوا بذلك إلى كسرى ، فحرك اليهم المرزبان(5) المتولى ربع المملكة المقابل لتلك الجهة الهندية ، وذلك أن اقليم بابل كان مصروفا إلى اربع مرازبة، لكل مرزبان منهم ربع منه ، ومع كل مرزبان منهم خمسون آلف مقائل.
(1)ما يعمل من وبر أو صوف للسكن .
(2) أى شفدة سكانها .
)مجهزة ومستعدة 4)الرساتيق، مفردها الرستاق : وهى القرى الصغيرة وما يحيط بها من الأرض .
5) المرزبان : كلمة فارسية وهى تعنى الرنيس عند الفرس .
مخ ۸۶