السلوك في طبقات العلماء والملوك
السلوك في طبقات العلماء والملوك
پوهندوی
محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي
د ایډیشن شمېره
الثانية
.. فَإِذا أَتَى الأخوان صَار كَأَنَّهُ ... مِمَّا اعتراه من الْحيَاء عروس
قد صرت رَأس الْمُسلمين لدينهم ... وَلكُل قوم عُمْدَة وَرَئِيس
فَإِذا ارتحلت فَرُبمَا عَن دينهم ... مالوا وَقد عضت عَلَيْهِ ضروس
هَذَا مقَال من محب نَاصح ... مَا فِيهِ تنميق وَلَا تَدْلِيس
مثل النداء هُوَ الشعار لديننا ... وشعار دين سواكم الناقوس
واسلم وَدم فِي ألف ألف مَسَرَّة ... مَا غرد الْقمرِي والطاووس
ثمَّ الصَّلَاة على النَّبِي وَآله ... مهما تردد فِي الأنوف نفوس ... وَقد استكملت هَذِه القصيدة لحسن ألفاظها وعذوبة إيرادها وعدالة قَائِلهَا وَاسْتِحْقَاق من قيلت فِيهِ وَهِي من القصائد الطنانة بَين الْفُقَهَاء الَّذين رسخت أصولهم فِي الْفِقْه وخصوصا فِي الْجِهَة الأصابية واليحصبية والمشرقية وَهِي خَمْسَة وَخَمْسُونَ بَيْتا ثمَّ إِن الإِمَام زيد لما طَالَتْ عَلَيْهِ المشاققة ارتحل إِلَى مَكَّة حسما للمشاققة وَهِي الرحلة الثَّانِيَة فِي سنة خمسمئة فَلبث هُنَالك اثْنَتَيْ عشرَة سنة مَاتَ فِي أَثْنَائِهَا شيخاه الإمامان الطَّبَرِيّ والبندنيجي مقدما الذّكر فتعينت الْفَتْوَى على الإِمَام زيد والتدريس كَذَلِك إِذْ لم يكن بعدهمَا أكبر قدرا مِنْهُ فِي علمه وَعَمله
قَالَ ابْن سَمُرَة وَذَلِكَ أَنه كَانَ حَافِظًا نقالا كَانَ يحفظ ثلثمئة مَسْأَلَة فِي الْخلاف بأدلتها وعللها وَكَانَ فِي أثْنَاء إِقَامَته بِمَكَّة يَأْتِيهِ مغل أرضه من الْيمن موفرة فيقتات بَعْضهَا ويعامل ببقيتها حَتَّى يحصل لَهُ بِسَبَب ذَلِك مَال جزيل وَلم يزل مجللا مُعظما عِنْد المكيين وَغَيرهم حَتَّى حصلت فتْنَة بَين مُتَقَدِّمي مَكَّة وَبَين الطَّبَرِيّ بِسَبَب الْقَضَاء وَالْفَتْوَى وثار من ذَلِك شَيْء من أُمُور السلاطين وأهويتهم فتجهز الْفَقِيه عِنْد ذَلِك من مَكَّة نافرا حَتَّى لحق الْجند فَقَدمهَا سنة اثْنَتَيْ عشرَة وخمسمئة وَقيل ثَلَاث عشرَة وَكَانَ الْمفضل قد توفّي بعد خُرُوج الْفَقِيه بِنَحْوِ أَربع سِنِين وللا ذَلِك لم يرغب الْفَقِيه فِي عود الْجند وَلما تسامع النَّاس بمصير الإِمَام زيد فِي الْجند وصلوه من جَمِيع أنحاء الْيمن وَاشْتَغلُوا بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ وَكَانَ الْفَقِيه أَبُو بكر بن جَعْفَر قد توفّي أَيْضا فَلم يبْق بِالْيمن من يقْصد للمعضلات وَحل المشكلات غير هَذَا الْفَقِيه فوصله طلبة الْعلم من عدن وَأبين ولحج وأنحائها ثمَّ من تهَامَة وَحضر موت وَمن الْجبَال المعافر والمخلاف ثمَّ تفقه بِهِ جمع من أهل الْجند نَوَاحِيهَا كسير وزبران وسهفنة ونخلان وَالسَّلَف
1 / 266