سلافة العصر فی محاسن الشعراء بکل مصر
سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر
إن هذا الزمان يحمل مني ... همة حملها عليه ثقيل
يتأذى من كون مثلي كأني ... أنا منه في الصدر داء دخيل
فكأني إذا انتضيت يراعا ... بسنان علي الزمان أصول
وكأن المداد إذ رقمته ... أنملي والدموع منه تسيل
صبغة أثرت بخدي سوادًا ... واحالته وهي لا تستحيل
ليتني لو صبغت فؤادي منها ... فارعوى الشيب واستحال النصول
لا أرى أنني انفردت بهذا ... كل أيام دهر مثلي شكول
يا بني نوعنا تعالوا نداعي ... حظنا إنني لكل كفيل
عند قاضي عساكر الروم طرا ... وشهودي من اليقين عدول
عند يحيى المولى الجليل وهذا ... قدره فوق أن يقال جليل
زكرياء قد حوى منه نجلًا ... مثله مريم حوت والخليل
عالم الأمة الجليلة أن قي ... س فلا غرو بالنبيل النبيل
عالم عامل وفي حبىّ ... فهواه على التقى مجبول
رجل هذه عناصره الغر ... لجسم من الهدى مأهول
جاش صدر الزمان قلبك لما ... جئته رحمة تلاشي العليل
كنت ماء الحياة صادف ميتًا ... شخصه قبره رجاء قتيل
إنما أنت للموالي كعقد ... زاه يزدان من رواه التليل
إنما أنت فخر دولة ملك ... حاز فخرًا بعزقه الاكليل
نصر الله دولة لك فيها ... بأبيك الجليل أصل أصيل
كلكم نابت بدوحة علم ... فرعها في السماء حتى الاصول
إن يكن جاور الغفور فيحيى ... خلف صالح وذكر جميل
بأبي أنت إنما أنت شمس ... لنجوم السماء منك أفول
لو أعرت الهلال منك كمالًا ... ما اعتراه نقص ولا تحويل
أو منحت البحر الخضم وقارًا ... فرحتي ما هيجته القبول
أو غدا من مزاج خلقك فيه ... أثر كان دونه السلسبيل
أو قسمت الذي حويت من العلم ... لما كان في الأنام جهول
حزت حلمًا لو حل فطرة ليث ... أخذته سكينة لا تزول
حزت رأيًا لو كان للسيف يومًا ... رونق منه ما عراه فلول
نير لو بدا بليل وطرف الشمس من ... اثمد الدجى مكحول
وتمنت منه العيون سوادًا ... قدر ميل للكحل أعجز ميل
شاركتك الكرام في الوصف لكن ... لم يكن صادقًا بها التمثيل
مثل ما شاركت وفي البين بون ... غرر الخيل في البياض الحجول
من يهنيك والهناء عظيم ... بمحل له بك التبجيل
منصب نلته وطرف الأعادي ... من سنا نوره حسير كليل
ولبست الفخار منه قشيبًا ... فهو من فوق مثله مسدول
لا يرى للذي حواه عديلًا ... لا ولا أنت إن قبلت عديل
كيف نرجو من الزمان نظيرًا ... لجواد به الزمان بخيل
ولئن جئت في الزمان أخيرًا ... فلخير الأوقات فيه الأصيل
فتهنا فلي هناء فإني ... مستميح وجاهك المأمول
قد تكفلت عند حظي بأمن ... ليس لي في ذراك عنه نكول
إنه إن أتاك في كسرة الليل ... تردى بالصبح حين يؤول
سيدي مسمعًا فهذي عقود ... لم يشن نظم مثلها التظويل
عبدك الدهر ساني ومر لي ... القوم عن عبد بابه مسئول
ليقل عثرتي سلمت يراع ... كعصى المرسل الكليم مقيل
1 / 219