الا لا سقى الله البعاد وجوره ... فإن قليلًا منه عنك خطير
ووالله لو كان التباعد ساعة ... وأنت بعيد إنه لكثير
وله
ألا يا زمانًا طال فيه تباعدي ... أما رحمة تدنو بها وتجود
لألقى الذي فارقت أنسي مذ نأى ... فها أنا مسلوب الفؤآد فريد
وكتب إلي مادحًا وعلى فنن البلاغة صادحًا
أفل أيهذا القلب عما تحاوله ... فإنك مهما زدت زاد تشاغله
دع الدهر يفعل كيف شاء فقلما ... يروم امرؤُ شيئًا وليس يواصله
وما الدهر إلا قلبٌ في أموره ... فلا يغترر في الحالتين معامله
ويا طالما طاب الزمان لواجدٍ ... فسرّ وقد سآءت لديه أوائله
رعى وسقى الله الحجاز وأهله ... بلثٍّ تعمّ الأرض سقيًا هواطله
فإنّ به داري ودار عزيزة ... عليّ ومهما أشغل القلب شاغله
ولكن بي شوقًا إلى خلتي التي ... متى ذكرت للقلب هاجت بلابله
أبيت ولي منها حنين كأنني ... طريح طعان قد أصيبت مقاتله
هوى لك ما ألقاه يا عذبة اللما ... وإلا فصعب ما أنا اليوم حامله
أكابد فيك الشوق والشوق قاتلي ... وأسأل ممن لم يجب من يسائله
تقى الله في قتل امرئ طال سقمه ... وإلا فإن الهجر لا شك قاتله
صليه فقال طال الصدود فقلما ... يعيش امرؤ والصد ممن يقاتله
حزين لما يلقاه فيك من الجوى ... فها هو مضنى مدنف الجسم ناحله
بلى ان يكن لي من علي وعزمه ... معين فإني كلما شئت نائله
فذاك أخي حامي الذمار وسيدي ... وذخري الذي ألقى به ما أحاوله
وذاك الذي لولاه ما عرف الندى ... ولا عرف التفضيل لولا فضائله
أعز همام يمتطي صهوة العلا ... فتعلو به بين الأنام منازله
فلا فخر إلا فخره وعلاؤه ... ولا جود إلا ما هو اليوم باذله
يعز إذا ذلت أسود لدى الوغا ... وتسعد منه في الحروب قبائله
له بين أبناء الملوك مخايل ... فيا حبذا ذاك الفتى ومخايله
إذا ما أتاه سائل نال سؤله ... ونال جزيلًا فوق ما هو آمله
ويأتي إليه طالب الجود راغبًا ... فيرجع مسرورًا بما نال سائله
فيا ملجئي في النائبات ومن به ... إذا رمت أمرًا في الزمان أواصله
إليك فقد جاءتك منى قصيدة ... أتت تشتكي دهرًا تعدي تطاوله
ودم ذا علاءٍ في البرايا وسؤدد ... رفيع مكان لا علاء يطاوله
فراجعته بقولي
إليك فقلبي لا تقر بلابله ... إذا ما شدت فوق الغصون بلابله
تهيج له ذكري حبيب مفارق ... زرود وحزوري والعقيق منازله
سقاهن صوب الدمع منى ووبله ... منازل لا صوب الغمام ووابله
يحل بها من لا أصرح باسمه ... غزال على بعد المزار أغازله
تقسمه للحسن عبل ودقة ... فرن وشاحاه وصمت خلاخله
وما أنا بالناسي ليالي بالحمى ... تقضت وورد العيش صفو مناهله
ليالي لا ظبى الصريم مصارم ... ولا ضاق ذرعًا بالصدور مواصله
وكم عاذل قلبي وقد لج في الهوى ... وما عادل في شرعة الحب عاذله
يلومون جهلًا بالغرام وإنما ... له وعليه بره وغوائله
فلله قلب قد تمادى صبابة ... على اللوم لا تنفك تغلي مراجله
وبالحلة الفيحاء من أبرق الحمى ... رداح حماها من قنا الخط ذابله
تميس كما ماس الرديني مائدا ... وتهتز عجبًا مثل ما اهتز عامله
مهفهفة الكشحين طاوية الحشا ... فما مائد الغصن الرطيب ومائله
1 / 19