سلافة العصر فی محاسن الشعراء بکل مصر
سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر
أسلمته للردى أيدي الأسا ... عندما أحسن بالأيام ظنا
طال ما أمّل المام الكرى ... طمعًا في زورة الطيف وانّا
كلما جن الدجى حن إلى ... زمن الوصل فأبدى ما أجنا
وإذا هب نسيم من ربا ... حاجر أهدى له سقمًا وحزنا
يا عريبًا بالحمى لولاكم ... ما صبي قلبي إلي ريع ومغنى
كان لي صبر فأوهاه النوى ... بعدكم يا جيرة الحي وأفنى
قاتل الله النوى كم قرحت ... كبدًا من ألم الشوق وجفنا
كدرت مورد لذاتي وما ... تركت لي من جميل الصبر ركنا
قطعت أفلاذ قلبي والحشا ... وكستني من جليل السقم وهنا
فإلى كم أشتكي جور النوى ... وأقاسي من هوى ليلي ولبني
قد صمى قلبي من سكر الهوى ... بعما أزعجه السكر وعنى
ونهاني عن هوى الغيد النهى ... وحباني الشيب إحسانًا وحسنا
وتفرغت إلى مدح فتى ... سنّة المعروف والافضال سنا
يجد الربح سوى نيل العلى ... من مواىء المجد خسرانًا وغبنا
سيد السادات والمولى الذي ... أم إنعامًا وافضالًا ومنا
لم يزل في كل حين بابه ... مأمنا من نوب الدهر وحصنا
غمرت سحب أياديه الورى ... نعمًا فهو للفظ الجود معنى
نسخ الغامر من أفضاله ... حاتمًا والفضل ذا الفضل ومعنا
ورث السودد عن آبائه ... مثل ما قد ورثوا بطنًا فبطنا
حل من أوج العلى مرتبة ... صار منها النسر والعيوق أدنى
تهزء الأقلام في راحته ... برماح الحظ لما تتثنى
جادنا من راحتيه سحب ... تمطر العسجد لاماء ومزنا
يا عماد المجد يا من لم تزل ... من معاليه ثمار الفضل تجنى
عضني الدهر بأنياب الأسى ... تركتني في يد الأسواء رهنا
هائمًا في لجة الفكر ولي ... جسدٌ أنحله الشوق وأضنى
كلما لاح لعيني بارق ... من نواحي الشام أضناني وعنا
تتلظى كبدي شوقًا إلى ... صبية خلفت بالشام وافنى
ركبت آمالنا شوقًا إلى ... ورد انعامك والافضال سقنا
بعد ما انحلت العيس السرى ... وأبادت في فيافي البيد بدنا
وبأكنافك يا كهف الورى ... من تصاريف صروف الدهر لذنا
وتهنى مجدك العالي بما ... حازه بل كلما حاز تهنى
وابق يا مولى الموالي بالغًا ... من مقامات العلى ما تتمنى
وقوله أيضًا
سئمت لفرط تنقلي البيداء ... وشكت لعظم ترحلي الانضاء
ما أن أرى في الدهر غير مودع ... خلًاّ وتوديع الخليل عناء
أبلى النوى جلدي وأوقد في الحشا ... نيران وجد مالها اطفاء
فقدت لطول البين عيني ماءها ... فبكاؤها بدل الدموع دماء
فارقت أوطاني وأهل مودتي ... وحبائبًا غيدًا لهن وفاء
من كل مايسة القوام إذا بدت ... لجمال بهجتها تفار ذكاء
ما أسفرت والليل مرخ ستره ... ألا تهتك دونها الظلماء
ترمى القلوب بأسهم تصمى وما ... لجراحهن سوى الوصال دواء
شمس يغار لها الشموس مضيئة ... ولها قلوب العاشقين سماء
هيفاء تختلس العقول إذا رنت ... فكأنما لحظاتها الصهباء
ومعاشر ما شان صدق ولائهم ... نقض العهود ولا الوداد مراء
ما كنت أحسب قبل يوم فراقهم ... أن سوف يقضي بعد ذاك بقاء
فسقى ثرى وادي دمشق وجادها ... من هاطل المزن الملث حياء
1 / 183