فسألته داهشة: أتعني أنه لا توجد واحدة بالذات هي السبب في هذه البلوى؟ - أبدا، صدقيني، اختاري لي بنفسك .. - وما الداعي إلى السرعة إذن؟ دعني أختار لك، أعطني مهلة، إنها مسألة عام أو عامين؟
فعلا صوته وهو يقول: أنا لا أهزل، دعيني فهو يفهمني خيرا منك!
فسأله أبوه بهدوء: ما وجه السرعة؟
فقال عبد المنعم وهو يغض بصره: لا أستطيع البقاء دون زواج.
فتساءلت خديجة: وآلاف الشبان أمثالك كيف يستطيعون؟
فقال الشاب مخاطبا أباه: لا أقبل أن أفعل ما يفعله الآخرون!
فتفكر إبراهيم قليلا، ثم قال حسما للموقف: يكفي هذا الآن، وسنعود إلى الموضوع في فرصة أخرى.
وهمت خديجة بالكلام ولكن زوجها منعها، وأخذها من يدها فغادرا الحجرة إلى مجلسهما في الصالة. وتحادث الزوجان مقلبين الأمر على جميع وجوهه. وبعد أخذ ورد طويلين مال إبراهيم إلى تأييد مطلب ابنه، وتولى بنفسه إقناع زوجه، حتى سلمت بالمبدأ، وعند ذاك قال إبراهيم: عندنا نعيمة بنت أخي، فلن نتعب في البحث عن عروس.
فقالت خديجة باستسلام: أنا التي أقنعتك بالنزول عن نصيبك من ميراث المرحوم إكراما لعائشة، فلا اعتراض لي على اختيار نعيمة زوجة لابني، إن سعادة عائشة تهمني جدا كما تعلم، ولكني أخاف تفكيرها، وأحسب ألف حساب للشذوذ الذي طرأ عليها، ألم تلمح أمامها مرات عن رغبتنا في تزويج نعيمة من عبد المنعم؟ ومع ذلك خيل إلي أنها كانت ترحب بابن جميل الحمزاوي عندما قيل إن والده طلب له يدها .. - هذا تاريخ قديم، مضى عليه عام أو أكثر، والحمد لله أنه لم يتم، فما كان يشرفني أن يأخذ بنت أخي شاب مثله مهما تكن وظيفته؛ الأصل عندي كل شيء، نعيمة عندنا على العين والرأس.
فقالت خديجة وهي تتنهد: على العين والرأس، ترى ماذا يقول أبي عن هذا اللعب إذا علم به؟!
ناپیژندل شوی مخ