فاستجمع قواه المتلاطمة، وقال فيما يشبه التحذير: الجو بارد، وجو السلم خاصة شديد الرطوبة!
فقالت الصغيرة بصراحة تعلمتها على يديه: لا أشعر بالبرد في قربك ..
فلفحت وجهه حرارة منبعثة من الداخل، ونم حاله على أنه سيعاود الخطأ على رغمه، وجعل يستعدي إرادته ليتغلب على الرجفة السارية في بدنه، فسألته: ما لك لا تتكلم؟
وأحس بيدها على منكبه تضغطه برقة، فما تمالك أن طوقها بذراعه، وقبلها قبلة طويلة، ثم أمطرها قبلات حتى سمع صوتها الرقيق يقول لاهثا: لا أطيق البعد عنك ..
فواصل عناقه متذاوبا في حضنها، وهي تهمس في أذنه: أتمنى لو أبقى هكذا إلى الأبد ..
فشد عليها الوثاق قائلا بصوت متهدج: يا للأسف!
فتباعد رأسها في الظلام قليلا، وهي تتساءل: علام تأسف يا حبيبي؟
فقال بعد تردد: على الخطأ الذي نتردى فيه .. - أي خطأ بالله؟
تخلص منها برقة، وراح يخلع معطفه، فطواه، ثم هم بأن يضعه على الدرابزين، ولكنه عدل عن فكرته في اللحظة الأخيرة - لحظة هائلة - فثناه على ذراعه - ثم تراجع إلى الوراء خطوة. كانت أنفاسه تضطرب ولكن عزمة اعترضت تيار استسلامه فقلبت كل شيء. وعادت يدها تتلمس السبيل إلى عنقه فأمسك بها، وانتظر حتى هدأت أنفاسه، ثم قال بهدوء: هذا خطأ كبير .. - أي خطأ؟! لست أفهم شيئا ..
صغيرة لم تبلغ الرابعة عشرة من عمرها، أنت تعبث بها إشباعا لرغبة لا ترحم، ولن يكون لهذا العبث من غاية، ليس إلا عبثا تجلب به غضب الله ومقته. - يجب أن تفهمي، أنستطيع أن نعلن ما نفعل؟ - نعلنه؟ - انظري كيف تستنكرين! ولكن لماذا لا نعلنه إن لم يكن عيبا مزريا؟
ناپیژندل شوی مخ