Hallett »: «إن الله من وجهة نظر الأصل
genetically
سابق على العالم، أما من وجهة النظر الأنتولوجية فهما يمثلان الهوية الجامعة بين اللامتناهي على نحو غير متحدد، والمتحدد على نحو لا متناه، وبهذا المعنى الدقيق يتحدث اسپينوزا عن «الله أو الطبيعة» - إذ إنه، رغم أن الله بالمعنى الدقيق تماما هو طبيعة طابعة، فإن هوية الطبيعة الطابعة مع الطبيعة المطبوعة تؤكد صحة التعبير السابق، ومع ذلك لا ينبغي بالطبع أن يخلط بين الطبيعة المطبوعة وعالم المدة الزمنية المألوف في التجربة العادية - أي «النظام المألوف للطبيعة»، الذي يتصف بالكثرة والتعقد والانقسام - وإنما هي التركيب الأزلي للكون بأسره، الذي هو لا نهائي واحد لا ينقسم، والذي لا يكون عالم المدة الزمنية إلا عدما
privation
له. وهكذا تنهار الاعتراضات الشائعة على التوحيد بين الله والطبيعة؛ إذ إن عالم المدة الزمنية، بما فيه من نقائص عديدة، ليس في نظر اسپينوزا إلهيا بالضرورة ...»
60
ورغم أن المؤلف يدافع في هذا النص عن هوية الله والطبيعة، فإنه يؤكد أن هذه الهوية تقوم في ظل فهم خاص للطبيعة، تكون فيه الطبيعة المطبوعة ذاتها مخالفة لعالم التجربة العادية، الذي هو في الواقع «عدم» لها؛ وبذلك يستبقي المؤلف لفكرة الله نوعا من الترفع على عالم المدة الزمنية هذا؛ ومع ذلك فمن المشكوك فيه إلى حد بعيد أن يكون هذا العالم الأخير، في نظر اسپينوزا، متصفا بأي نوع من «النقص»، كما قال المؤلف؛ إذ إن النقص أمر ينتمي إلى المنظور البشري وليس صفة تنتمي إلى طبيعة الأشياء. كما أن المرء إذا وصف الطبيعة المطبوعة بالأزلية والوحدة واللانهائية، فماذا يتبقى بعد ذلك للطبيعة الطابعة؟ إن المؤلف، كما هو واضح، يكاد يقول هنا بثلاث حقائق متميزة: الطبيعة الطابعة، والطبيعة المطبوعة (وهذه الأخيرة يمكن أن تصبح في هوية مع الأولى لأنها أزلية مثلها) ثم عالم المدة الزمنية أو التجربة المألوفة، وهو على مستوى أدنى من المستوى السابق، ولا أظن أن نصوص اسپينوزا تؤيد المؤلف في هذا التقسيم الثلاثي؛ إذ إن اسپينوزا تحدث فقط عن حقيقتين ثم أكد هويتهما، وهو لم يميز بينهما من وجهة نظر «الأصل»، كما أنه لم يقل بوجود «نقص» بالمعنى المطلق، يمكن أن يعزى إلى العالم بأي معنى من معانيه، وإنما أقحمت هذه الأفكار في تفسير المؤلف لاسپينوزا لكي يكون فيها إرضاء إلى الميل التقليدي إلى وصف عالم التجربة المألوفة بأنه «ناقص»، ومعتمد - من وجهة نظر «الأصل» - على فكرة الله. (ب)
وحين يعرض «ولفسون» لمشكلة، وجود أو عدم وجود انفصال بين الله والعالم عند اسپينوزا، يؤكد أن نصوص اسپينوزا ذاتها لا تلقي ضوءا على هذه المسألة لأن فيها ما يؤيد الانفصال وفيها ما ينكره،
61
ومع ذلك يستخدم ولفسون المنهج التاريخي محاولا الاهتداء عن طريقه إلى حل للمشكلة، فيقول إن العلاقة بين الله وعالم الأشياء كعلاقة الكل بمجموع أجزائه عند أرسطو، فهي ليست علاقة هوية تامة، بل إن للكل نوعا من «الوجود التصوري»؛ وعلى ذلك تكون هناك تفرقة تصورية
ناپیژندل شوی مخ