212

Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan

خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان

ژانرونه

.. وسأقرر بمثالين – زيادة عما تقدم – أن الاعتماد على العلوم النظرية العقلية العوجاء، والترهات الكشفية الهوجاء، لن تجلب لصاحبها إلا الشقاء والعناء والبلاء، فتدبر المثالين، وسل الهداية من رب الثقلين – ﷾ –:
المثال الأول: رجل عول على عقله، وأعرض عن هَدي ربه، فهذى بكلامه هذيان المجانين، وهو الزنديق أبو المعري اللعين، كان ذكيًا ولم يكن زكيًا (١)، بقي خمسًا وأربعين سنة لا يأكل اللحم، ولا البيض، ولا اللبن، ويحرم ذبح الحيوان على طريقة البراهمة من زنادقة الفلاسفة، وكان يتقوت بالنبات وغيره، وأكثر ما كان يأكل العدس (٢)،

(١) لا خير في الذكاء إذا لم يصحبه زكاء، فقوة الذكاء بمنزلة قوة البدن والإرادة، وأهل الرأي والعلم بمنزلة أهل الملك والإمارة وكل من هؤلاء وهؤلاء لا ينفعه ذلك شيئًا إلا أن يعبد الله وحده لا شريك له ويؤمن برسله، وباليوم الآخر كما في مجموع الفتاوى: (١٨/٥٨) .
(٢) وأرفع شيء في العدس أنه شهوة اليهود، كما قال الإمام ابن القيم في المنار المنيف (٥٢) مجموع الفتاوى: (٢٧/٢٢)، وزاد المعاد: وما روي من أن العدس قدس على لسان سبعين نبيًا، وأنه يرق القلب ويكثر الدمعة ويسرعها، فحديث باطل رواه ابن الجوزي في الموضوعات: (٢/٢٩٤-٢٩٥)، والطبراني كما في المجمع: (٥/٤٤)، والبيهقي في شعب الإيمان وابن السنيّ في الطب كما في اللآليء المصنوعة: (٢/٢١٢) ..وفي تاريخ بغداد: (٩/١٤٣) سئل ابن المبارك عن الحديث في أكل العدس: أنه قُدِس على لسان سبعين نبيًا، فقال: ولا على نبي واحد إنه لمؤذ منفخ، من يحدثكم به؟ قالوا: سَلْم بن سالم البَلَخي، قال: عمن؟ قالوا: عنك، قال: وعني أيضًا، قال ابن القيم في المنار المنيف: (٥٢) ولو قدس فيه نبي واحد لكان شفاء من الأدواء، فكيف بسبعين نبيًا؟ وقد سماه الله "أدنى" البقرة ٦١، ونعى على من اختاره على المنّ والسلوى، وجعله قرينًا للثوم والبصل، أفترى أن أنبياء بني إسرائيل – على نبينا وعليهم الصلاة والسلام – قدسوهُ لهذه العلة والمضار التي فيه: تهييج السوداء، والنفخ والرياح الغليظة، وضيق النفس، والدم الفاسد وغير ذلك من المضار المحسوسة، ويشبه أن يكون هذا الحديث من وضع الذين اختاروهُ على المن والسلوى وأشباههم أ. هـ وانظر الكلام على ذلك الحديث والحكم عليه بالرد والبطلان في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الموضوعة الشنيعة: (٢/٢٤٣-٢٤٤) الفصل الثاني، والمقاصد الحسنة: (٣٠٣)، وميزان الاعتدال: (٢/١٨٥، ٣/٣١٣)، ولسان الميزان: (٣/٦٣)، وتهذيب التهذيب: (٨/٢١٣)، وكشف الخفاء: (٢/٩٢)، وتذكرة الموضوعات: (١٤٧)، والمصنوع في معرفة الحديث الموضوع: (١٢٩)، وموضوعات الصغاني: (٥٧)، والدرر المنتثرة: (١٢١)، وأسنى المطالب: (١٤٩) .

1 / 212