176

Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan

خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان

ژانرونه

.. أما وجه امتناع الأول – وهو جهلهم بأسماء الله تعالى وصفاته – فلأن من في قلبه أدنى حياة وطلب للعلم، أو نهمة في العبادة يكون البحث عن هذا الباب، والسؤال عنه، ومعرفة الحق فيه أكبر مقاصده، وأعظم مطالبه، وليس النفوس الصحيحة إلى شيء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر، وهذا أمر معلوم بالفطرة الوجدانية، فكيف يتصور – مع قيام هذا المقتضِي الذي هو من أقوى المقتضيات أن يتخلف عنه مقتضاه في أولئك السادة في مجموع عصورهم؟ هذا لا يكاد يقع في أبلد الخلق وأشدهم إعراضًا عن الله – جل وعلا – وأعظمهم انكبابًا على طلب الدنيا، والغفلة عن ذكر الله – ﵎ – فكيف يقع في أولئك؟!.
... ثم لو فرضنا جهلهم بالحق في هذا الباب فإن جهل من بعدهم بأسماء الله وصفاته أولى وأحرى، لأن معرفة ذلك متوقف عن طريق بيان النبي – ﷺ – وتابعوهم بإحسان – رضي الله تعالى عنهم أجمعين – هم الواسطة بين الرسول – ﷺ – وبين الأمة، فإذا انتفى عنهم العلم بأسماء الله وصفاته يلزم أن لا يكون عند أحد علم في هذا الباب، وذلك ممتنع بلا ارتياب.
... وإذا انتفى جهل السلف الصالح بأسماء الله وصفاته، وثبت علمهم بذلك عن طريق التفصيل فلا يصح أن يقال: إنهم كتموا الحق، ولم يبينوه، فمن عرف حالهم في تبليغ الدين، وحرصهم على نشر هدي سيد المرسلين – عليه صلوات الله وسلامه – عَلِمَ عِلْمَ اليقين استحالة ذلك على سلفنا الكرام الصادقين – ﵃ أجمعين –.
... على أنه يقال: لو فرضنا كتمان السلف الصالح لذلك مع علمهم به، لفلا يمكن لمن بعدهم معرفة أسماء الله وصفاته، لأن السلف الكرام هو الواسطة والبيان، كما تقدم على ذلك البرهان، وبذلك تعلم انتفاء الجهل عنهم الكتمان، في صفات الرحيم الرحمن، وما نقل عنهم من إيضاح لذلك وبيان هو في غاية الإحكام والإتقان، ويدفع عنهم كل تخرص ووهم وهذيان.

1 / 176