والآلام وانفقت كل ما أخذت معي من مال وعدت بالحال التي تراني عليها لا ألوي على شيء إنني في حاجة الان إلى أبريقي الذهب اللذين أدخرتهما عندك لمثل هذه الأيام العصيبة ولم يجب القاضي بقليل أو كثير حتى أنه لم يكلف نفسه أن يسألني ما تقول أنت ومع من ونهض إلى حجرته وتركني فعدت كسير الفؤاد وكنت أخجل لما كنت فيه من حال سيئة وعري ان أذهب إلى منزل أحد أصدقائي وذوي قرباي بل كنت أنام في المسجد ليلا وأتوارى في إحدى الزوايا نهارا ولم أطيل عليك القصة لقد طرقت معه الموضوع مرتين لكنه لم يجب بشيء وفي اليوم السابع كلمته بحدة وشدة فقال لي إنك مصاب بالهوس وإن عقلك قد تبلد من تعب الطريق وغبارها فأخذت تهذي كثيرا لست أعرفك وليس لدي خبر مما تقول أما الرجل الذي تذكر اسمه فكان شابا وسيم الوجه ممتلىء الجسم بهي الطلعة جميل الملبس قلت أيها القاضي أنا نفسي ذلك الشاب لكن سبب هزالي وصفرتي ما قضيته من عيش سيىء في تلك المدة أما قبح وجهي وصفرة لونه فليس إلا بما أصبت به من جروح قال إنهض ولا تصدع رأسي إنهض وامض بالسلامة قلت أيها القاضي لا تفعل هذا اتق الله فبعد هذه الدار دار أخرى ولكل عمل ثواب وعقاب قال لا تتعبني قلت لك من الذهب حصتان ولي خمس فلن يجب قلت أيها القاضي لك أحد الإبريقين حلالا طيبا فرد لي الاخر فإنني في عوز شديد ومع هذا أوقع لك براءة تامة بشهادة شهود عدول بأن ليس بذمتك شيء قال القاضي لقد أضناك الجنون وها أنت ذا تدور في فلكه حتى لأستطيع أن أحكم بجنونك وامر بإدخالك المستشفى ووضعك بالسلاسل والقيود بحيث تبقى ثمة ما دمت حيا
فخفت وأيقنت أن الرجل صمم على غصبي ذهبي وان الناس سيجرون على كل ما يحكم به ونهضت برفق وخرجت من عنده وأنا أردد المثل القائل بالملح يدرء فساد اللحم فبم يدرء فساد الملح ان القاضي مصدر كل الأحكام فمن ذا يسل العدل منه إذا ظام فلو كان عضد الدولة عادلا لما كانت عشرين الألف دينار بيد القاضي ولما وصلت إلى ما أنا فيه من جوع أو تخليت عن طمعي بمالي وملكي ومرتع صباي
لما سمع المنهي من الرجل حكاية حاله تألم له ورق لحاله وقال أيها الفتى الشهم إنما تأتي الامال بعد اليأس وكل أمرك إلى الله فهو عز وجل الذي يدبر أمور العباد ثم قال له لي في هذه القرية صديق شهم مضياف وأنا ذاهب لزيارته فهل لك وقد راقتني رفقتك أن نقضي اليوم والليلة في بيته وننتظر ما يجيء به غد ومضى
مخ ۱۱۳