قصة عمرو بن الليث
وأعجب من هذا الحال أيضا ما كان من أمر الأمير إسماعيل وعمرو بن الليث التالي فلما أسر عمرو التفت إسماعيل نحو العظماء وقال ان الله عز وجل هو الذي وهبني هذا النصر وليس لأحد سواه عز اسمه من فضل علي في هذه النعمة وقال أيضا اعلموا أن عمرو بن الليث كان رجلا عالي الهمة معطاء كثير السلاح والعدة صاحب رأي وتدبير يقظا في كل شيء وكريما عارف للحق إنني أرى أن أسعى جاهدا لإنقاذ حياته وفكاكه من الأسر فقالوا الرأي ما يراه الأمير يقضي بما يراه مناسبا فأرسل إسماعيل إلى عمرو بن الليث يقول ليهدأ بالك فأنني بصدد الشفاعة لك لدى الخليفة لإنقاذ حياتك ولن أبالي في أن أنفق كل ما في خزينتي في هذا السبيل لتقضي بقية عمرك سالما
لما سمع عمرو بن الليث هذا الكلام قال أنني أعلم ان لا خلاص لي من هذا الأسر أبدا وأنه لم يبق من العمر إلا أقله وأن الخليفة لن يرضى بغير موتي بديلا ولكن أرسل أنت يا إسماعيل شخصا ثقة أفضي إليه بما لدي من كلام على أن ينقل إليك ما يسمع مني فعاد رسول الأمير اسماعيل وأخبره بكل ما قيل فأرسل إسماعيل إلى عمرو بن الليث شخصا معتمدا في الحال فقال له عمرو قل لإسماعيل إنك لم تهزمني بل إن تدينك واعتقادك وحسن سيرتك وعدم رضى أمير المؤمنين عني هي التي هزمتني إن الله عز وجل هو الذي سلبني الملك من جديد ووهبك إياه وأنت بهذه الهبة والنعمة والخيرات جدير أما أنا فقد قبلت قضاء الله عز وجل وحكمه ولا أبغي لك سوى الخير لقد صرت الآن إلى ملك جديد دون أن تكون لك خزائن وثروة في حين أن لي ولأخي كنوزا ودفائن كثيرة معي ثبت بها جميعها وقد وهبتك إياها كلها لتكون لك ثروة تقوي بها نفسك وتهيئ ما تحتاج إليه من عدة وعتاد وتملأ خزانتك ثم أخرج الثبت من كمه وناوله الرسول ليعطيه إسماعيل فلما جاء الرسول إلى إسماعيل وأعاد على مسامعه كل ما سمع ووضع الثبت أمامه التفت إسماعيل نحو وجهاء القوم وقال إن عمرو بن الليث يريد بحنكته وذكائه أن يحرز قصب السبق على الأذكياء فيوقعهم في الفخ ويبتليهم بمحنة أبدية ثم تناول الثبت وألقى به أمام الرسول وقال أعده إليه وقل له إنك تريد بما أنت فيه من جلد وذكاء أن تحرز قصب السبق على الجميع أنى لك ولأخيك هذه الكنوز فوالدكما كان صفارا وقد ثقفتما هذه المهنة عنه أما الملك فشاءت الأقدار أن تصلوا إليه عنوة وتفقدوه تهورا وأما كنوز
مخ ۵۶