عمرو بن الليث ثم جمع ما كان لديه من جيوش وعبر به نهر جيحون لهذا الغرض وأخذ يعد الجند بطرف سوطه فبلغوا عشرة آلاف كانت ركائب أكثرهم خشبية حتى أنه لم يكن ثمة ترس واحد مع كل عشرة منهم ولا درع واحدة مع كل عشرين ولا سهم واحد مع كل خمسين أما من كان منهم بغير مطية فكان يربط درعه بحلقة سرج حصان آخر ثم مضى بهم من مدينة آموي إلى بلخ
لما اخبر عمرو بن الليث الذي كان آنذاك بنيسابور بعبور إسماعيل بن أحمد جيحون ووصوله إلى بلخ في طلب الملك وبفرار شحنة سرخس ومرو جهز سبعين ألف رجل بكامل أسلحتهم وعددهم ومضى بهم إلى بلخ ولما تقابل الجيشان واشتبكا معا هزم عمرو بن الليث عند مشارف بلخ وفر جنوده جميعهم دون أن يجرح أحد منهم أو يؤسر أما عمرو نفسه فوقع في قبضة خصومه الذين ما إن اقتادوه إلى إسماعيل حتى عهد به إلى الحرس وهذا النصر من عجائب الدنيا
حين كان أحد فراشي عمرو بن الليث السابقين يتجول في المعسكر عصرا وقعت عينه عليه فتألم وتقدم نحوه فقال له عمرو لقد تركت وحيدا فابق معي الليلة وقال انني جائع فهل لك أن تهيئ لي شيئا آكله إذ لا غنى للإنسان عن الطعام ما دام حيا واستطاع الفراش أن يحصل على من من اللحم ثم استعار مقلاة حديدية من الجنود وأخذ يدور في كل جانب إلى أن جمع كمية قليلة من روث الحيوانات الجاف ثم نصب ثلاث أثافي ووضع عليه المقلاة ليقلي اللحم وتركها ومضى في طلب شيء من الملح وكان النهار في أخرياته فإذا بكلب يسطو على المقلاة لانتشال ما فيها فلذعت فمه ولما رفع رأسه علقت حلقة المقلاة بعنقه ففر بها من شدة الألم لما رأى عمرو بن الليث هذا المنظر التفت نحو الجند والحراس وقال لتعتبروا فأنا الذي كان يحمل مؤن مطبخي أربعمائة بعير كل صباح صرت إلى حال ينهب فيها كلب ما لدي في لحظة ليلا وقال أصبحت أميرا وأمسيت أسيرا وهذه من عجائب الدنيا أيضا
مخ ۵۵