208

سر مکتوم

السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم ويليه جواب في الجمع بين حديثين، هما: دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك بكثرة المال والولد، وحديث دعائه بذلك على من لم يؤمن به ويصدقه

خپرندوی

مكتبة وتسجيلات دار الإمام مالك

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

د خپرونکي ځای

الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي

وأما المال الذي دعا بالكثرة منه على من لم يُؤمن به، وكذا الذي دعا بالتقلُّل منه لمحبِّيه، فهو المباين لما تقدَّم بكل طريق في الحقوق الواجبة، وكذا المستحبة، بل هو المعنيُّ بقوله ﷺ: «وربَّ متخوضٍ في مال الله ﷿ ورسوله ﷺ؛ له النار يوم القيامة» (١) .
ولو اتفق صدور صِلةٍ أو نحوها من الكافر فيه كان حظه منه ما خُوِّل فيه من صحَّةٍ، ومالٍ، وشبههما.
وقد قال ﷺ: «لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة» (٢) .
وقال -أيضًا-: «يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء بمَ أخذ المال، أمِن حلالٍ أم من حرام» (٣) .
وإلى قريب من هذا الجواب أشار شيخُنا ﵀، فإنه قال في «فتح الباري» (٤): «فإن قيل: كيف دعا لأنس، وهو خادمه بما كرهه لغيره؟! فيحتمل أن يكون مع دعائه له بذلك قرنه بأن لا يناله من قِبَل ذلك ضررٌ، لأن المعنى في كراهية اجتماع المال والولد إنما هو لما يُخشى في ذلك من الفتنة بهما، والفتنة لا تُؤمن معها الهلكة» انتهى كلام شيخِنا.
ويتأيّد بقول أنس ﵁: «أنه ﷺ ما ترك خير آخرةٍ ولا دنيا إلا دعا له به» (٥) .
وإلى الفرق بين المالين -الذين أحدهما: وبالٌ، والآخر: نوالٌ- أشار ﷺ

(١) مضى تخريجه (ص ١١٢) .
(٢) مضى تخريجه (ص ١٣٤) .
(٣) مضى تخريجه (ص ١٣٦) .
(٤) انظره: (١١/١٣٨) .
(٥) مضى تخريجه (ص ١٣٦) .

1 / 221