للمسميات المختلفة كثيرًا. وقد كان بعض اللغويين حصر أسماء السيف والأسد في لغة العرب فكانت أورقًا عدة. وهي مع هذه السعة والكثرة أخصر اللغات في إيصال المعاني وفي النقل إليها يبين ذلك. فليس كلام ينقل إلى لغة العرب إلا ويجيء الثاني أخصر من الأول مع سلامة المعاني وبقائها على حالها. وهذه بلا شك فضيلة مشهورة وميزة كبيرة. لأن الغرض في الكلام ووضع اللغات بيان المعاني وكشفها. فإذا كانت لغة تفصح عن المقصود وتظهره مع الاختصار والاقتصار فهي أولى بالاستعمال وأفضل مما يحتاج فيه إلى الإسهاب والإطالة. وقد خبرني أبو داود المطران - وهو عارف باللغتين العربية والسريانية - أنه إذا نقل الألفاظ الحسنة إلى السرياني قبحت وخست. وإذا نقل الكلام المختار من السرياني إلى العربي إزداد طلاوة وحسنًا. وهذا الذي ذكره صحيح يخبر به أهل كل لغة عن لغتهم مع العربية. وقد حكى أن بعض ملوك الروم وأظنه نقفور سأل عن شعر المتنبي فأنشد له:
كأن العيس كانت فوق جفني ... مناخات فلما ثرن سالا١
وفسر له معناه بالرومية فلم يعجبه.
وقال كلاما معناه: ما أكذب هذا الرجل كيف يمكن أن يناخ جمل على عين إنسان وما أحسب أن العلة فيما ذكرته عن النقل إلى اللغة العربية منها وتباين ذلك إلا أن لغتنا فيها من الاستعارات والألفاظ الحسنة الموضوعة ما ليس مثله في غيرها من اللغات. فإذا نقلت لم يجد الناقل ما يتوصل به إلى نقل تلك الألفاظ المستعارة بعينها وعلى هيئتها لتعذر مثلها في اللغة التي تنقل إليها. والمعاني لا تتغير
_________
١ هو من قصيدة له في مدح بدر بن عمار يقول: كنت لا أبكي قبل فراقهم فكان إبلهم كانت تمسك دمعي عن السيلان ببروكها فوق جفني فلما فارقوني سال دمعي فكأنها ثارت الرحيل من فوق جفني فسال ما كانت تمسكه من دموعي وهو تخيل بديع ويعد من المبالغة المقبولة.
1 / 50