سيرة الملوک التباعنه: په درېیمه برخه کې
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
ژانرونه
لكن صرخات زرقاء اليمامة المحذرة جاءت متأخرة جدا، وبعد فوات الأوان.
ويقال إن حسان اليماني أذل جديس حتى العظم إلى أن أفناها عن الوجود، وضاعت سدى تحذيرات زرقاء اليمامة لسنوات ويقظتها في التنبيه بالخطر الجاثم المهدد لقومها ومدينتها، منذ أن استقام من جديد عرش «تباعنة» اليمن، عقب الموت الكمدي المفاجئ للتبع أسعد اليماني، وتولي ابنه الأكبر حسان مكانه.
لكن من كان يسمع ويعي، والجميع في اليمامة قد أعماهم النصر السابق المعجل على بقية مناوئيهم من قبائل طسم إلى أن حلت الكارثة ووقع ما كانت تحذر منه زرقاء اليمامة.
الفصل الرابع
الهجوم الليلي والتخفي بأغصان الأشجار
على ذلك النحو المتآمر الفادح، جاء اجتياح التبع اليمني «ميت القلب والحواس» حسان بن أسعد لقبائل «جديس» سكان اليمامة، سهلا ميسرا كمثل نصل سكين يقطع زبدا.
فمع الهزيع الأخير من الليل المظلم الدامس وبعده قام جيشه بالتخفي من الرأس حتى أخمص القدم بأفرع الأشجار وغصونها من دون بذل أي محاولة لقرع الطبول أو إحداث أية جلبة، وبالصمت الرهيب الذي كان يلف المكان، أطبق حسان على الجديسيين من العرب العاربة وهم داخل مضاجعهم ليطحنهم جيشه الزاحف كمثل غابات وحشية مطبقة من كل صوب وحدب على الأسوار والبوابات والدور والمضارب، وسيوف جند الملك حسان تعمل في الرقاب النائمة، مشعلين النيران والحرائق أينما حلوا.
بل إن التبع حسان وجنده، تعمدوا استدراج كلاب قبائل جديس بالاحتيال عليها فرموا اللحم المسموم لها، حالما قاربوا مضارب أعدائهم وفرائسهم ليلا؛ مما ساعدهم على اقتناص النصر بأقل الخسائر.
ومن هنا كانت الفاجعة التي حلت بقبائل جديس، ليذبحوا رجالا ونساء وأطفالا داخل مضاجعهم ليلا غيلة على ذلك النحو الغادر من جانب ذلك الملك المتجبر وجيشه الزاحف الذي طحنهم طحنا على مرأى من أميرتهم «زرقاء اليمامة» التي أعيتها كل حيلة في تبصيرهم، فلعلها الوحيدة التي اعتلت رأس فرسانها وحرسها الخاص، وتصدت للحرب والقتال من جهة، ومن جهة أخرى صارخة في بقية رجال جديس ومحاربيها النائمين والغافلين: يا جديس، يا قوم! لقد سارت إليكم الشجر، وأتتكم حمير.
لكن من يمكن له أن يسمع ويعي في تلك الساعات السابقة على انبلاج النهار، وقد نفذت أسهم الحميريين، وعملت سيوفهم في رقابهم، عبر تلك المذبحة الليلية التي عمت، كالطاعون، ساحات مدينة اليمامة وباحاتها ومضاربها ومنازلها وخيامها دون رحمة أو شفقة.
ناپیژندل شوی مخ