وفي عيان لم تتركه القبائل بسلام، فحوالي نهاية العام 459ه/ نوفمبر 1066م أتته بطون بني الدعام، وبني بحير(1)، ووجهاء نهم إلى عيان، وطلبت إليه الخروج والدعوة. وتردد الرجل لبعض الوقت، ثم خضع للضغوط وتبعهم إلى الجوف. قرابة هذا الوقت وصله رسولان من سعيد (الأحول) بن نجاح، حاكم زبيد، الذي كان المسؤول عن قتل الصليحي، ونقلا إليه دعوة سيدهما لحملة مشتركة على صنعاء. فأرسل الشريف الفاضل معهما أخاه سنان الدولة أحمد، والقاضي عيسى بن الحسين بن أحمد، لإنجاز التحالف مع ابن نجاح. لكن في الوقت نفسه تقريبا مضى الأمير ذو الشرفين بضغط من أخيهما حسن إلى صنعاء لمحاولة الاتفاق مع الصليحيين. وهناك استقبلهما إسماعيل بن أبي يعفر الصليحي استقبالا حسنا، ثم ما لبث حاكم صنعاء أحمد بن مظفر أن عاد إلى المدينة ودعاهما أيضا للقائه. كان الصليحيون وقتها يعدون لحملة ضخمة على زبيد للثأر لمقتل علي بن محمد الصليحي، ولتحرير زوجته الملكة أسماء من الأسر، ولذلك كانوا على استعداد لإعطاء تنازلات في العلاقة مع الأشراف. وهكذا أكد أحمد بن مظفر للشريفين أنه في حال فشل الصليحيين في حملتهم فإن البلاد كلها ستقع في يد الأشراف، أما إذا نجحوا فإن الفضل في ذلك سيعود للسادة أيضا. وهكذا أعاد الرسولين إلى عيان مع هدايا للشريف الفاضل، ورسول من جانبه أسمه دلهام بن عبدالله الحرازي يحمل رسالة للفاضل. لكن الفاضل - الذي كان لا يزال مع القبائل في الجوف يستعد للثورة - رفض محاولات التقارب مع الصليحيين أولا، ثم رضي بمقابلة رسولهم. وفي النهاية جرى التوقيع من جانب الشريف الفاضل على ثلاث وثائق، كان أخوه ذو الشرفين قد تفاوض عليها مع الصليحيين بصنعاء وأكد مضامينها إسماعيل بن أبي يعفر الصليحي ودلهام الحرازي(1). أما الوثيقة الأولى فتنص على التسليم بأرض وادعة وبكيل للشرفاء ويحدها نقيل عجيب. وأما الوثيقة الثانية فتؤمن حرية الحركة والإقامة للشيعة الحسينية حيث كانوا. وأما الثالثة فتؤكد ملكية الأشراف لبعض المدن والبلدان مثل حمودة وحاز وبيت شعيب وبيت سود. ولم يكن يسع الشريف الفاضل رفض تلك الوثائق التي وافق عليها أخوه فوافق عليها أيضا، وأرسل ابنه محمدا إلى صنعاء رهينة لدى الصليحيين حيث بقي هناك طوال حملتهم على زبيد (19 صفر - 26 ربيع الثاني 1460ه/ 28 ديسمبر 1067 - 2 مارس 1068).
مخ ۲۳