اللّفظ. وكان قبل قد أعفى المستمع من كدّ التلطّف، وأراح قارىء الكتاب من علاج التفهّم.
وقال العربى: البلاغة التقرّب من المعنى البعيد؛ والتباعد من حشو الكلام؛ وقرب المأخذ؛ وإيجاز فى صواب؛ وقصد إلى الحجّة؛ وحسن الاستعارة.
ومثله قول الآخر: البلاغة تقريب ما بعد من الحكمة بأيسر الخطاب.
والتقرّب من المعنى البعيد، وهو أن يعمد إلى المعنى اللّطيف فيكشفه، وينفى الشواغل عنه؛ فيفهمه السامع من غير فكر فيه، وتدبّر له. مثل قول الأول فى امرأة:
لم ندر ما الدّنيا وما طيبها ... وحسنها حتى رأيناها
إنك لو أبصرتها ساعة ... أجللتها أن تتمنّاها
وقال بعضهم لملك من الملوك: أمّا التعجّب من مناقبك فقد نسخه تواترها؛ فصارت كالشىء القديم الذى قد كسى به؛ أى ألف لا كالشىء البديع الذى يتعجّب منه. ومن هذا أخذ أبو تمام قوله «١»:
على أنها الأيام قد صرن كلها ... عجائب حتى ليس فيها عجائب
وقول آخر لبعض الملوك أيضا: أخلاقك تجعل العدوّ صديقا، وأحكامك تصير الصديق عدوا، ويشهد عدم مثلك فيما يكون.
وقال بعض القدماء: لكل جليلة دقيقة ودقيقة الموت الهجر.
وقلت:
اسم التفرّق بيّن ... لكنّ معناه موت
وجداننا كلّ شىء ... إذا تباعدت فوت
والرواية الصحيحة أن العربى قال: البلاغة التقرب من المعنى البعيد؛ ولكن
1 / 47