معك يوم القيامة، قال: ولم؟ قال: ليجيزك الصّراط بطفرة «١» .
وقال أبو علقمة لطبيب: أجد رسيسا فى أسناخى «٢»، وأرى وجعا فيما بين الوابلة إلى الأطرة «٣» من دايات العنق. فقال الطبيب: هى هى هذا وجع القرشى، قال: وما يبعدنا منهم يا عدىّ نفسه؟ نحن من أرومة واحدة، ونجل واحد. قال الطبيب: كذبت، وكلما خرج هذا الكلام من جوفك كان أهون لك، قال:
بل لك الهوان والخسار والحقارة والسباب، اخرج عنى قبّحك الله.
وقال لجارية كان يهواها: يا خريدة، قد كنت إخالك عروبا، فإذا أنت نوار «٤»، مالى أمقك وتشنئينى! قالت: يا رقيع، ما رأيت أحدا يحبّ أحدا فيشتمه! وإذا كان موضوع الكلام على الإفهام فالواجب أن تقسّم طبقات الكلام على طبقات الناس، فيخاطب السّوقى بكلام السّوقة، والبدوىّ بكلام البدو، ولا يتجاوز به عما يعرفه إلى ما لا يعرفه؛ فتذهب فائدة الكلام، وتعدم منفعة الخطاب.
وقوله: «ولا يدقق المعانى كلّ التدقيق» . لأنّ الغاية فى تدقيق المعانى سبيل إلى تعميته، وتعمية المعنى لكنة؛ إلا إذا أريد به الإلغاز وكان فى تعميته فائدة، مثل أبيات المعانى، وما يجرى معها من اللّحون التى استعملوها وكنّوا بها عن المراد لبعض الغرض.
فأمّا من أراد الإبانة فى مديح، أو غزل، أو صفة شىء فأتى بإغلاق دلّ ذلك على عجزه عن الإبانة، وقصوره عن الإفصاح، كأبى تمام حيث يقول «٥»:
خان الصفاء أخ خان الزمان أخا ... عنه فلم يتخوّن جسمه الكمد «٦»
1 / 29