الحكاية الثالثة
روى: أبو طالب المكي(1)، في كتاب (قوت القلوب وطريق المحب إلى المحبوب ) إن أحمد بن الحواري(2)، دخل يوما على سليمان الداراني(رضي الله عنهم)(3)، فرآه يبكي، فقال ما يبكيك يا شيخ الصدق ؟ فقال: ويحك يا أحمد، إنه إذا جن الليل، (وافترش) (4) أهل المحبة أقدامهم، وجرت دموعهم على خدودهم، أشرف الجليل عليهم، فقال: بعيني من تلذذ بكلامي، واستراح بمناجاتي، فبي حلفت لأنظر إليهم بعين رضاي، وأبيحهم رياض قدسي، فعلامة حب الله يا أحمد، حب القرآن، وعلامة حب الله وحب القرآن حب السنة، وعلامة حب السنة حب الآخرة، وعلامة حب الآخرة بغض الدنيا، وعلامة بغض الدنيا(5)لا تأخذ منها شيئا إلا زادا وبلغة إلى الآخرة، وتقديم أمر الآخرة على أمور الدنيا من كل ما تهوى النفس، والمبادرة إلى أوامر الحبيب، والتذلل للعلماء به، والعاملين له، ثم التعزز على أبنا ء الدنيا المؤثرين لها والبعد عنهم. ولله القائل:
يا نسيم القرب، ما أطيبكا
أي عيش لأناس قربوا ... ذاق طعم الأنس من حل بكا
قد سقوا بالكأس من مشربكا
مخ ۳۰