(مقدمة المؤلف)
بسم الله الرحمن الرحيم (وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله)(3).
أما بعد:
حمدا لله على التوفيق والهداية إلى معرفته التي هي أصل السعادة، وعنوان كرامته، الذي نصب لنا أعلام الأدلة الدالة من فطرته، وأظهر فيها البراهين من آياته وحكمته، وعلمنا منه مالم نعلم من بدائع قدرته:{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}[فصلت:53].
مخ ۱
تعليما لبريته، وعلى كلمة الإخلاص والإيمان بوحدانيته، وعلى الإقرار بمحمد وما جاء به، وعلى معرفة أوليائه، (و)(1) أولي العلم به، نور قلوبهم بذكره، وشرح صدورهم بنوره، وطهر قلوبهم بلطفه، وألهمهم أسرار عظمته، وأراهم أنوار ملكه وملكوته، وفهمهم غامض كتابه وسنته، وعلمهم دواء القلوب، وعرفهم طب الذنوب، فبذلوا أنفسهم في ذاته لمرضاته، فحباهم بلطفه وكراماته، جعلهم ثالث نفسه في شهادته فقال:{شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم}[سورة آل عمران: 18].
وسمى نفسه المؤمن وعبده المؤمن، تشريفا (له)(2) بعبوديته، والصلاة والسلام على محمد المصطفى من خليقته، وعلى آله وصحبه وأسرته.
(وبعد)(3): فإن أصول نعم الله لا يطاق لها شكر ولا حمد لعجز المكلف الضعيف العبد، وفروعها لا تقف على حد، ولا تنحصر بالعد، ومن ألطاف الله السنية، ونعمه الهنية، أن عرفنا بآية الأوان، والمعروف في الزمان، الوسيلة الى الرحمن، ومن ترجى بركته لمن تمسك (بوده)(4) من الإخوان: النطاسي(5)، الآسي، الألمعي (إبراهيم بن أحمد بن علي الكينعي رضي الله عنه وأرضاه، وأزلفه بما لديه وحباه، وأعاد من بركاته على (العارف له)(6) السامع(7).
مخ ۲
والمبلغ والمستمع، فإني كنت ممن حظي بمودته وشغف بمحبته، وتمسك بأهداب خدمته، وعاهد المولى على عقد أخوته في الله خالصا من جميع الشوائب إن شاء الله تعالى، فأقبل رضي الله عنه وأرضاه على تأديبي وتهذيبي وتنقيح عيوبي ورحض حوبي(1)، فعل الشفيق الآسي، والحدب (2) الرفيق المواسي، شاركني في أعماله وأدعيته، واهتم بأموري إيثارا على أسرته وتلامذته، فعجزت عن القيام بحقه والاقتداء به في الحياة، وندمت وتداركت بعض حقوقه بعد الممات، بنشر بعض ماخص به من الباقيات الصالحات، لعل الناظر إليها يهتدي، وبأقواله وأفعاله وأفكاره يقتدي{أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}[الأنعام:90]، ومن لم ير مفلحا لم يفلح.
ولله در(3) القائل:
فتشبهوا إن لم تكونوا (مثلهم)(4) ... إن التشبه بالكرام فلاح
أردت بذلك وجه الله تبارك وتعالى، والمعاونة على البر والتقوى، سيما لمن سل سيف العزم على أعدائه، (و)(5) الساكنين في خلده، وحوبائه(6) مع تعريج كلي من وجوه الإخوان، أمدهم الله بلطفه وكثربهم الإيمان، وجعلهم على الحق أبلغ أعوان.. فاستخرت الله تبارك وتعالى(7) وسألته التوفيق والهداية لي ولإخواني ولكافة المسلمين، والإخلاص في كل قول وعمل واعتقاد ونية وترك، قال صلى الله عليه وآله وسلم:
مخ ۳
((عند ذكر الصالحين تنزل البركة))(1) وقال المؤ يد بالله: ذكر الصالحين وكلامهم حياة القلوب كما أن الطعام والشراب حياة النفوس، دواء مجرب، وسميت هذا الكتاب المبارك (صلة الإخوان في حلية بركة أهل الزمان).
وجعلته أحد عشر فصلا:
الأول: في حسبه ونشوئه وصفاته الجمة.
الثاني: في ابتداء درسه وقراءته في العلوم.
الثالث: في زهده وأسبابه وتركه الدنيا مع الغنى.
الرابع: في غربته ورياضته ومجاهداته لنفسه.
الخامس: في أوراده الصالحة وعباداته.
السادس: في مكارم أخلاقه وتحمله لمشاق إخوانه.
مخ ۴
السابع: في إخلاص عبادته عن الدنيا والآخرة تعظيما لجلال الله وكبريائه.
الثامن: في كراماته الظاهرة والباطنة.
التاسع: في مجاورته البيت العتيق وما فتح الله له من الأسرار والكرامات.
العاشر: في أدعيته وحكمته(1) ومكاتباته.
الحادي عشر: (في تراثه، ومخلفاته، وموضع قبره، وحسن الثناء عليه بعد موته في اليقظة والمنام)(2){وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين}[هود: 120].
ولابد من مقدمة قبل ذلك.
(مقدمة المؤلف)
بسم الله الرحمن الرحيم (وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله)(3).
أما بعد:
حمدا لله على التوفيق والهداية إلى معرفته التي هي أصل السعادة، وعنوان كرامته، الذي نصب لنا أعلام الأدلة الدالة من فطرته، وأظهر فيها البراهين من آياته وحكمته، وعلمنا منه مالم نعلم من بدائع قدرته :{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}[فصلت:53].
تعليما لبريته، وعلى كلمة الإخلاص والإيمان بوحدانيته، وعلى الإقرار بمحمد وما جاء به، وعلى معرفة أوليائه، (و)(4) أولي العلم به، نور قلوبهم بذكره، وشرح صدورهم بنوره، وطهر قلوبهم بلطفه، وألهمهم أسرار عظمته، وأراهم أنوار ملكه وملكوته، وفهمهم غامض كتابه وسنته، وعلمهم دواء القلوب، وعرفهم طب الذنوب، فبذلوا أنفسهم في ذاته لمرضاته، فحباهم بلطفه وكراماته، جعلهم ثالث نفسه في شهادته فقال:{شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم}[سورة آل عمران: 18].
مخ ۵
وسمى نفسه المؤمن وعبده المؤمن، تشريفا (له)(1) بعبوديته، والصلاة والسلام على محمد المصطفى من خليقته، وعلى آله وصحبه وأسرته.
(وبعد)(2): فإن أصول نعم الله لا يطاق لها شكر ولا حمد لعجز المكلف الضعيف العبد، وفروعها لا تقف على حد، ولا تنحصر بالعد، ومن ألطاف الله السنية، ونعمه الهنية، أن عرفنا بآية الأوان، والمعروف في الزمان، الوسيلة الى الرحمن، ومن ترجى بركته لمن تمسك (بوده)(3) من الإخوان: النطاسي(4)، الآسي، الألمعي (إبراهيم بن أحمد بن علي الكينعي رضي الله عنه وأرضاه، وأزلفه بما لديه وحباه، وأعاد من بركاته على (العارف له)(5) السامع(6).
والمبلغ والمستمع، فإني كنت ممن حظي بمودته وشغف بمحبته، وتمسك بأهداب خدمته، وعاهد المولى على عقد أخوته في الله خالصا من جميع الشوائب إن شاء الله تعالى، فأقبل رضي الله عنه وأرضاه على تأديبي وتهذيبي وتنقيح عيوبي ورحض حوبي(7)، فعل الشفيق الآسي، والحدب (8) الرفيق المواسي، شاركني في أعماله وأدعيته، واهتم بأموري إيثارا على أسرته وتلامذته، فعجزت عن القيام بحقه والاقتداء به في الحياة، وندمت وتداركت بعض حقوقه بعد الممات، بنشر بعض ماخص به من الباقيات الصالحات، لعل الناظر إليها يهتدي، وبأقواله وأفعاله وأفكاره يقتدي{أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}[الأنعام:90]، ومن لم ير مفلحا لم يفلح.
ولله در(9) القائل:
مخ ۶
فتشبهوا إن لم تكونوا (مثلهم)(10) ... إن التشبه بالكرام فلاح أردت بذلك وجه الله تبارك وتعالى، والمعاونة على البر والتقوى، سيما لمن سل سيف العزم على أعدائه، (و)(1) الساكنين في خلده، وحوبائه(2) مع تعريج كلي من وجوه الإخوان، أمدهم الله بلطفه وكثربهم الإيمان، وجعلهم على الحق أبلغ أعوان.. فاستخرت الله تبارك وتعالى(3) وسألته التوفيق والهداية لي ولإخواني ولكافة المسلمين، والإخلاص في كل قول وعمل واعتقاد ونية وترك، قال صلى الله عليه وآله وسلم:
مخ ۷
((عند ذكر الصالحين تنزل البركة))(1) وقال المؤ يد بالله: ذكر الصالحين وكلامهم حياة القلوب كما أن الطعام والشراب حياة النفوس، دواء مجرب، وسميت هذا الكتاب المبارك (صلة الإخوان في حلية بركة أهل الزمان).
وجعلته أحد عشر فصلا:
الأول: في حسبه ونشوئه وصفاته الجمة.
الثاني: في ابتداء درسه وقراءته في العلوم.
الثالث: في زهده وأسبابه وتركه الدنيا مع الغنى.
الرابع: في غربته ورياضته ومجاهداته لنفسه.
الخامس: في أوراده الصالحة وعباداته.
السادس: في مكارم أخلاقه وتحمله لمشاق إخوانه.
مخ ۸
السابع: في إخلاص عبادته عن الدنيا والآخرة تعظيما لجلال الله وكبريائه.
الثامن: في كراماته الظاهرة والباطنة.
التاسع: في مجاورته البيت العتيق وما فتح الله له من الأسرار والكرامات.
العاشر: في أدعيته وحكمته(1) ومكاتباته.
الحادي عشر: (في تراثه، ومخلفاته، وموضع قبره، وحسن الثناء عليه بعد موته في اليقظة والمنام)(2){وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين}[هود: 120].
ولابد من مقدمة قبل ذلك.
مقدمة المؤلف
في فضل المؤمنين والعلماء والصالحين عشر آيات مبشرات، وعشرة أخبار منبهات، وعشر حكايات مشوقات، ليكون لطفا وبداية نسعد بها في الغاية والنهاية:
الآية الأولى: قال تبارك وتعالى: { الم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون، أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون}[البقرة:1-4] آمنا بما أنزلت فاجعلنا من المتقين، المهتدين، المفلحين.
الآية الثانية: {وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين، فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين}[المائدة: 84، 85].
مخ ۹
الآية الثالثة: قال الله تبارك وتعالى: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم} [المائدة: 119] إي(1): والله العظيم.
الآية الرابعة:{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون، نزلا من غفور رحيم، ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} [فصلت:30-33].نسألك اللهم، يا رحيم، يا كريم(2) السلامة والاستقامة ثم الكرامة.
الآية الخامسة: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون، الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم} [الأنفال:2-4].
مخ ۱۰
الآية السادسة:{للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون، والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم } [يونس:26] إخواني: إن الحسنى ثواب الحسنى(1) والزيادة رضى الله عن عبده، وقيل: (إن)(2) الزيادة غرفة من لؤلؤة بيضاء فرسخ في فرسخ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب، قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((لم أر كالجنة نام طالبها، ولا كالنار نام هاربها))(3).
الآية السابعة:{ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} [يونس: 57].
مخ ۱۱
الآية الثامنة: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب، الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب} [الرعد:28، 29]، إخواني، حي علي خير العمل هلموا -رحمكم الله- إلى الله وإلى كرمه الجم، (وفضله)(1) الذي عم، في بعض الصحف، يقول الله تعالى: يا عبدي، إلى متى هذه الغيبة فبطولها تحصل الوحشة بيني وبينك، اقبل إلي أملأ قلبك غنى ويدك رزقا، ولا تباعد عني فأملأ قلبك فقرا وبدنك شغلا، أتدرون ما طوبى ؟ قيل: هنيئا مريئا(2)، وقيل: شجرة في الجنة أغصانها متدلية على كل بيت منها، غلظ ساقها للراكب المجد ألف سنة، وهي معنى قوله تعالى: {وظل ممدود، وماء مسكوب} [الواقعة:30، 31] تفجر أنهار الجنة من تحت ساقها(3).
الآية التاسعة: {إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير، وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد} [الحج:23، 24].
مخ ۱۲
الآية العاشرة: {إلا عباد الله المخلصين، أولئك لهم رزق معلوم، فواكه وهم مكرمون، في جنات النعيم، على سرر متقابلين، يطاف عليهم بكأس من معين، بيضاء لذة للشاربين، لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون، وعندهم قاصرات الطرف عين، كأنهن بيض مكنون} [الصافات:41-49] إلى قوله تعالى: {لمثل هذا فليعمل العاملون}[الصافات:61] {وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين} [الزمر:74] {الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون}[النحل:42].
والقرآن المجيد فيه شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين(1)، لمن كان له قلب واقر(2) حاضر، وفهم وافر، ورتله ترتيلا، ووقف عند(3) عجائبه {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب} [الأنعام: 7، 8].
الأخبار العشرة
مأثورة عن الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا}[الفتح:29، 30]صلى الله عليه وعلى آله وصحبه(4) وأنصاره.
مخ ۱۳
الأول: من (الشهاب) قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((يقول الله تعالى ذكره وجلت قدرته: أنا عند ظن عبدي فليظن بي عبدي ما شاء، وأنا مع عبدي إذا ذكرني، وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في، والمتباذلين في، والمتزاورين في، لا إله إلا الله حصني فمن دخله أمن [من](1) عذابي، اشتد غضبي على من ظلم من لم يجد ناصرا غيري يا دنيا، مري على أوليائي لاتحلولي لهم فتفتنيهم، يا دنيا، اخدمي من خد مني، واتعبي [يا دنيا](2) من خدمك، من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، [و](3) ما ترددت في شيء أنا فاعله، ما ترددت في قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته، ولابد له منه، ما تقرب إلي عبدي المؤمن بمثل الزهد في الدنيا، ولا تعبد لي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولازال يتحبب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به. يا موسى، إنه [لن](4) يتصنع المتصنعون لي بمثل الزهد في الدنيا، ولم يتقرب إلي المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم، ولم يتعبد لي المتعبدون بمثل البكاء من خيفتي، هذا دين أرتضيه لنفسي، ولن يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق، فأكرموه بهما ما صحبتموه، إذا وجهت إلى عبدي المؤمن مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده فاستقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزانا، أو أنشر له ديوانا، ثم الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني [في](5) واحد منهما ألقيته في النار))(6) الخبر الثاني: من (السيلقية)(1) عن: أنس بن مالك، قال: قيل لرسول الله (ص): من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون؟، قال: ((الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، واهتموا بآجل الدنيا حين اهتم الناس بعاجلها، فأماتوا(2) منها ما خشوا أن يميتهم، وتركوا منها ما علموا أن سيتركهم فما عرض لهم من نايلها عارض إلا رفضوه، ولاخادعهم من رفعتها خادع إلا وضعوه، خلقت الدنيا بينهم [فما يجددونها وخربت بينهم فما يعمرونها، وماتت في صدورهم](3) فما يحيونها بل يهدمونها، فيبنون بها آخرتهم، ويبيعونها فيشترون بها ما يبقي لهم، ونظروا إلى أهلها [فيها](4) صرعى قد خلت بهم المثلات فما يرون أمانا دون ما يرجون، ولاخوفا دون ما يحذرون))(5).
مخ ۱۵
تم هذا حديث، عليه مسحة من الكلام الإلهي لذي تقوى ويقين{أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله} [الزمر:22].
الخبر الثالث: من (الشهاب) قيل لرسول الله (ص): من المؤمن يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم ((من عامل الناس فلم(1) يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروءته، ووجبت أخوته، وظهرت عدالته، وحرمت غيبته))(2).
الخبر الرابع: عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا جاء ملك الموت لقبض (3) روح المؤمن، قال له ملكاه: امهلنا حتى نملأ مسامعه من الثناء الحسن، فيقولان له:جزاك الله عنا خيرا، كنت فيما علمنا سريعا في طاعة الله، بطيئا عن(4) معاصيه، تحب الخير وأهله، وتعمل ما استطعت منه، فرب كلام [حسن](5) قد أسمعتنا، ورب مجلس كريم قد أجلستنا، فأبشر بالموعد الصدق، بيننا وبينك الموقف(6) بين يدي الله بالشهادة لك عنده غدا))(7).
مخ ۱۶
الخبر الخامس: روي: أن أبا إدريس الخولاني، قال [لمعاذ](1): إني أحبك في الله، فقال له معاذ: ابشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلميقول: ((ينصب لطائفة من أمتي كراسي حول العرش يوم القيامة، وجوههم كالقمر ليلة البدر، يفز ع الناس ولا يفزعون، ويخاف الناس ولا يخافون، فهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون.فقيل: من هؤلاء يا رسول الله ؟ فقال: ((هم المتحابون في الله))(2).
وروى ابن مسعود، عن: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمأنه قال: ((المتحابون في الله على عمود من ياقوتة حمراء في رأس العمود سبعون ألف غرفة، مشرفون على أهل الجنة يضيئ حسنهم لأهل الجنة كما تضي ء الشمس لأهل الدنيا، عليهم ثياب سندس خضر مكتوب على جباههم هؤلاء المتحابون في الله))(3).
وروى ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمأنه قال في معني قوله تعالى:{ إخوانا على سرر متقابلين} [الحجر:47] ((كانوا في الدنيا على الطاعة في الاجتماع، والحياطة في الافتراق، وظهور النصيحة، وحفظ الغيبة، وتمام الوفاء، ووجود الأنس، وفقد الجفاء، وارتفاع الوحشة، ووجود الانبساط، ولهذا يحزن الناس وهم يفرحون)).
مخ ۱۷
الخبر السادس: روي: أن أبا هريرة دخل السوق فصاح: أنتم هاهنا وميراث [محمد](1) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم في المسجد؟ فذهب الناس إلى المسجد، ثم رجعوا فقالوا: يا أبا هريرة، ما رأينا ميراثا. (قال)(2): ما رأيتم؟ قالوا: رأينا أقواما يذكرون الله، ويقرءون القرآن.
قال: ذلك ميراث محمد صلى الله عليه وآله وسلم سمعت -رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((ما جلس قوم يذكرون الله يتدارسون العلم إلا ناداهم مناد من السماء: قوموا فقد بدلت سيئاتكم حسنات، وغفر لكم جميعا))(3).
وسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((من زار عالما فكأنما زارني، ومن صافح عالما فكأنما صافحني، ومن جالس عالما فكأنما جالسني، ومن جالسني في الدنيا أجلسه الله معي في الجنة))(4).
وروى الفقيه حميد في كتاب (الإيضاح) عنه: صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: [((من زار عالما فكأنما عبد الله ستين سنه)).
مخ ۱۸
وروي عنه: صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من زار عالما](1) فكأنما زار بيت المقدس، ومن زار بيت المقدس حرم الله جسده على النار)).
وفي بعض الأخبار عنه صلى الله عليه وآله وسلم من العالم ؟ قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الذي إذا رئي ذكر الله والذي يدعو من الدنيا إلى الآخرة، ومن الشك إلى اليقين، ومن الرياء إلى الإخلاص))(2). ذكره في بعض الكتب، غاب علي(3) اسمه، والله أعلم.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم:((العلماء ورثة الأنبياء))(4).
الخبر السابع: روى أبو سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إن لله ملائكة سياحين في الأرض، فإذا وجدوا أقواما(5) في عبادة الله نادوهم: هلموا -رحمكم الله- إلى بغيتكم، هلموا إلى رحمة ربكم، فيجيبون فيحفون بهم، فإذا صعدوا (6) إلى السماء، يقول الله تبارك وتعالى-وهو أعلم بذلك-: على أي حال تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم يحمدونك، [ويمجدونك](7) ويذكرونك، ويعبدونك. فيقول الله عز وجل: أي شيء يطلبون؟
فيقولون:الجنة. فيقول: هل رأوها؟ فيقولون: لا. فيقول تبارك وتعالى: كيف لو رأوها ؟
مخ ۱۹
فيقولون: لو رأوها لكانوا أشد طلبا لها وأشد حرصا عليها. فيقول تعالى: من أي شيء يتعوذون(1)؟
فيقولون: من النار. فيقول: هل رأوها؟ فيقولون:لا. فيقول تعالى: كيف لو رأوها ؟ فيقولون: لو رأوها لكانوا أشد منها هربا(2)، وأشد خوفا. فيقول تبارك وتعالى: أشهدكم أني قد غفرت لهم.
فيقولون: إن فيهم فلانا الخاطئ لم يردهم، وإنما جاءهم لحاجة. فيقول تعالى: هم القوم لا يشقى [لديهم خليلهم(3) جليسهم)(4).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((المجلس الصالح يكفر عن المؤمن ألفي ألف مجلس من مجالس السوء))(5).
فقال عمر وهو الراوي: إن الرجل ليخرج من بيته وعليه من الذنوب مثل جبال تهامة، فإذا سمع العلم أو(6) العلماء خاف واسترجع من ذنوبه فيرجع إلى منزله وليس عليه ذنب، فلا تفارقوا مجالس العلماء، فإن لله في الدنيا جنة فمن دخلها طاب عيشه، قيل: وما هي؟ قال: مجالس الذكر.
مخ ۲۰
ثم إخواني، إلى متى هذا الغلاط، ومتى نرتفع عن هذا الانحطاط، ومتى نقبل إلى الآخرة بنشاط، إن مالكنا ومالك يوم الدين يدعونا لنقف على أرائكه ويقطعنا جزءا من ملكه، ويكرمنا على مائدته: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} [البقرة:186].
إخواني، قطع بنا والهفاه أجبنا الخسيس العدو الراصد، وغفلنا عن الصمد الرحيم الواحد، تمسكنا بالقاذورات والقذارات، والرذاذات من الدنية التي هي أم الخطيئات وعدوة الله وعدوة أوليائه، واشتغلنا بكل سيء خسيس، وغفلنا عن كل خطير ونفيس. اللهم، احينا من هذه الموتة، وانقذنا من هذه الغرقة، واكشف عن قلوبنا أغطية جهل معرفة حقوقك[يا كريم] (1).
الخبر الثامن: منقول من الشفاء بتعريف حقوق المصطفى)، قال علي
عليه السلام: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن سنته فقال: ((المعرفة رأس مالي، والعقل أصل د يني، والحب أساسي، والشوق مركبي، وذكر الله أنيسي، والثقة كنزي، والحزن رفيقي، والعلم سلاحي، والصبر ردائي، والرضا غنيمتي، والفقر فخري، والزهد حرفتي، واليقين قوتي، والصدق شفيعي، والطاعة حسبي، والجهادخلقي، وقرة عيني في الصلاة)). اللهم احينا على سنته [وأمتنا على ملته، وأدخلنا في شفاعته، وصل عليه وعلى آله وصحبه وأسرته](2).
الخبر التاسع: قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاث من كن فيه استكمل إيمانه: لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يرائي بشيء من عمله، وإذا عرض له أمران أحدهما للدنيا والآخر(3) للآخرة آثر الآخرة على الدنيا))(4).
مخ ۲۱