عليه. وعلمت أنه من يزغ منا عن أمر الله يذقه من عذاب السعير، فليقض الأمير حفظه الله في ما كان قاضيًا ثم ليعجل ذلك ولا ينظرني فوالله إن العافية لفي عقابه وإن العقاب لفي عافيته وإن الموت لخير من الحياة معه، إذا كان هذا الجد منه والحق عنده والسلام.
ولبشر أيضًا: أما بعد فإن من الناس من تحمُّل حاجته أهون من فحش طلبه، ومنهم من حمل عداوته أخف من ثقل صداقته، ومنهم من إفراط لائمته أحسن من قدر مدحته، وإن الله خلق فلانا ليغم الدنيا ويقذر به أهلها فهو على قذره فيها من حجج الله على أهلها، فأسأل لذي فتن الأرض بحياته وغم أهلها ببقائه أن يديل بطنها من ظهرها والسلام.
ومن بشر إلى الشافعي في عبد الله بن مصعب: أما بعد فإنك تسألني عن عبد الله كأنك هممت به إذ سرك القدوم عليه فلا تفعل يرحمك الله، فإن الطمع بما عنده لا يخطر على القلب إلا من سوء التوكل على الله ﷿، وإن رجاء ما في يده لا يكون إلا بعد اليأس من روح الله، لأنه يرى الإفتار الذي نهى الله عنه هو إسراف الذي يعذب الله عليه، وإن الصدقة منسوخة، وأن الضيافة مرفوعة، وأن إيثار المرء على نفسه عند الخصاصة إحدى الكبائر الموجبة الهلكة، وكأنه لم يسمع بالمعروف إلا في الجاهلية الأولى الذي قطع الله دابرهم ونهى المسلمين عن اتباع آثارهم، وكأن الرجفة لم تصب أهل مدين عنده إلا لسخاء كان فيهم، ولم يهلك الريح العقيم عادًا إلا لتوسع ذكر منهم، وهو يخاف العقاب على الإنفاق، ويرجو الثواب على الإقتار، ويعد نفسه الفقر، ويأمرها بالبخل، خيفة أن ينزل به بعض قوارع الظالمين، ويصيبه ما أصاب القوم المجرمين، فأقم يرحمك الله على مكانك، واصطبر على عسترك وتربص به الدوائر، عسى الله أن يبدلنا وإياك خيرًا منه زكاة وأقرب رحمًا والسلام.
ومنه إلى بشَّار بن رضابة: أما بعد فإني رأيتك في أول زمانك تغدو
1 / 60