بسم الله الرحمن الرحيم
معرفة أفضل البلاد المعمورة
أفضل البلاد المعمورة من شق الأرض الشمالي إلى الجزيرة الكبرى، وهي الجزيرة التي يسميها بطليموس ما روي تقطع على أربعة أقاليم، من عمران الشمال إلى الخامس، فجنوبيها: اليمن، وشماليها: الشأم، وغربيها: شرم أيلة وما طردته من السواحل إلى الُقلزم وفسطاط مصر، وشرقيها: عُمان والبحرين وكاظمة والبصرة، وموسطها: الحجاز وأرض نجد والعروض، وتسمى جزيرة العرب، لأن اللسان العربي في كلها شائع وأن تفاضل ومبتدأ عرضها - على ما يقول الحسَّاب - على ساحل عدن اثنتا عشرة درجة، وظل رأس الحمل في هذه المواضع: إصبعان ونصف عشر الإصبع وما يشرع منها بالشام على عرض اثنين وثلاثين جزءًا وسبع أصابع ونصف من الظل: بيت المقدس؛ وما يشرع منها على عرض ثلاثة وثلاثين جزءًا وثماني أصابع إلا خمسًا من الظل: الرَّملة من فلسطين وسلميَّة وبعلبك - معربة باعل بك - وقيساريَّة وصيداء والأنبار وبغداد من ناحية العراق، وما يشرع منها على عرض أربع وثلاثين وثماني أصابع وعشر من الظل: حمص وعانات وصور وسرَّ من رآى من ناحية بابل، وما يشرع على عرض خمس وثلاثين وثماني أصابع وخمسين من الظل: منبج وحلب وأذنة وأنطاكية وقنِّسرين وما يصالى المشرق بابل بخت نصرَّ. وأما أول أطوالها ومن المشرق، فعلى البصرة وما أخذ أخذها
1 / 1
جنوبًا، وهو مئة درجة وسبع درجات، تطلع عليها الشمس بعد طلوعها على خط الاستواء الطولي، وهو دائرة نصف نهار القبة بساعة مستوية وثُلثي خمس ساعة، وآخر أطوالها على عرض مدينة....وما أخذ أخذها إلى الجنوب من غير هذه الجزيرة ١١٩ درجة، تطلع عليها الشمس بعد مطلعها على موضع الاستواء بساعتين مستويتين غير ثلث خمس ساعة، وبعد طلوعها على البصرة بأربعة أخماس ساعة وهو مقدار اثنتي عشرة درجة مستقيمة، فإذا ضربنا هذه الدرج في أميال الدرجة - وهي ستة وستون ميلًا وثُلثا ميل - خرج لنا ثمانمئة ميل، فإذا قسمناها على أميال المرحلة للمجدّ في السير، خرج لنا أربعون مرحلة، وإن أردنا أن نعرف طولها، نقصنا عرض عدن وهو اثنتا عشرة درجة، من عرض خمس وثلاثين، وتركنا ما دخل من هذه الجزيرة إلى مثل طرسوس والمصيَّصة وما عرضه ست وثلاثون وسبع وثلاثون درجة، بقي لنا من الدرج ما إذا ضربناه في أميال الدرجة خرج لنا من الأميال ألف وخمسمئة وثلاثة وثلاثون ميلًا، فإذا قسمناها على أميال المرحلة للمجد في السير، خرج لنا ست وسبعون وثلثان، وهذا طول هذه الجزيرة وعرضها القراري من أسفلها، فأما عرضها من أعلاها، فهو بناحية عدن أبين قليل، ثم يزداد فيها السعة أكثر، من ناحية المشرق إلى حضرموت فبلد مهرة فعُمان، ويميل البحر حيث ما دخل في تهامة الشيء بعد الشيء إلى المغرب حتى يكون مميلها من سواحل الحجاز إلى القُلزم نحو المغرب أكثر، فصارت هذه الجزيرة تقطع على أشرف الأقاليم في موسطها، وصار فيها ما تسامتها الشمس والكواكب الجارية مرتين في الثور والأسد، وفي الجوزاء والسرطان، وهي أقرب العمران من خط الاستواء وهي تحت برج من بروج البأس، وبها البيت الحرام، والبيت الذي جعله الله مثابة للناس، وأمنا، ومقام إبراهيم ﵇، وأم القرى، ومخرج النبوة، ومعدن الرسالة، ومتبوأ إبراهيم، منشأ إسماعيل، ومولد محمد صلى الله تعالى عليهم أجمعين، ومقطن آل الله، ولذلك قال رسول الله ﷺ لعتَّاب بن أسيد: " إني مستخلفك على آل الله " وإليها كان يسير آدم، وبها كان قطونه، وبها أرض يثرب مُهاجر النبي ﵇، وحرمه، ومركز الإسلام، ومقام الإمامة، وقطب الخلافة،
1 / 2
ودار العز، ومحل الإمرة، وبها الوادي المقدس طوى، وطور سينا، ومسجد إيلياء، وآثار الأنبياء، ومنابت الأتقياء، ومحافد الأصفياء، وعرصة المحشر وجبال الرحمة، ومتعلّق السِّياحة، والعبادة والسراة، القاطعة من أعلى اليمن إلى أسفل الشأم، وبها بقاع الفصاحة والصباحة واعتدال المزاج وحسن الألوان، لا الصهبة ولا الزرقة، ومتوسط النبات في الشَّعر، لا القطط، ولا السَّبط، واسوداد الأحداق، واحورار المقل، مع الحميّة والأريحيّة والسخاء والكرم والجود بما تشح به الأنفس، والصبر بساعة البأس، وبها أفرس من ركب الخيل فهم لها حزم وحلاس، وأحسن من امتطى الإبل فهم لها أرباب وأقباس، وأوفى من تقلد ذمة، وأبرع من نطق بحكمة، وبها من يعد المئة بين حجة وعمرة، ومن يزور قبر النبي صلى الله
عليه وسلم قاصدًا غير متطَّرق وبها المسجد المؤسس على التقوى، وبها الممالك القديمة، والآثار العظيمة، مثل ناعط وغمدان، وهكروريدان، وبينون وغيمان، وبرك الغماد، وإرم ذات العماد، وجميع ما اشتمل عليه الكتاب الثامن من الإكليل. هـ وسلم قاصدًا غير متطَّرق وبها المسجد المؤسس على التقوى، وبها الممالك القديمة، والآثار العظيمة، مثل ناعط وغمدان، وهكروريدان، وبينون وغيمان، وبرك الغماد، وإرم ذات العماد، وجميع ما اشتمل عليه الكتاب الثامن من الإكليل.
معرفة وضع هذه الجزيرة في المعمور
من الأرض وموضعها منه
أعلم أن الأرض ليست بمنسطحة، ولا ببساط مستوي الوسط والأطراف، ولكنها مقببة، وذلك التقبيب لا يبين مع السعة، إنما يبين تقبيبها بقياساتها إلى أجزاء الفلك، فيقطع منها أفق كل قوم على خلاف ما يقطع عليه أفق الآخرين طولًا وعرضًا في جميع العمران، ولذلك يظهر على أهل الجنوب كواكب لا يراها أهل الشمال، ويظهر على أهل الشمال ما لا يراه أهل الجنوب ويكون عند هؤلاء نجوم أبدية الظهور والمسير حول القطب، وهي عند أولئك تظهر وتغيب، وسأضع لك في ذلك مقياسًا بينًا للعامة، من ذلك أن ارتفاع سهيل بصنعاء وما سامتها إذا حلق، زيادة على عشرين درجة، وارتفاعه بالحجاز قرب العشر، وهو بالعراق لا يُرى إلا على خط الأفق، ولا يرى بأرض الشمال،
1 / 3
وهناك لا تغيب بنات نعش، وهي تغيب على المواضع التي يرى فيها سهيل، فهذه شهادة العرض. وأما شهادة الطول فتفاوت أوقات بدء الكسوفات ووسطها وانجلائها على خط فيما بين المشرق والمغرب، فمن كان بلده أقرب إلى المشرق كانت ساعات هذه الأوقات من أول الليل والنهار أكثر؛ ومن كان بلده أقرب إلى المغرب كانت ساعات هذه الأوقات من آخر الليل وآخر النهار منكوسًا إلى أولهما أكثر، فذلك دليل على تدوير موضع المساكن والأرض، وأن دوائر الأفق متخالفة في جميع بقاع العامر، ولو كان سطح الأرض صفيحة، لكان منظر سهيل وبنات نعش واحدًا.
واعلم أن العامر من الأرض ليس هو منها الكل؛ ومن الدليل على ذلك: أن الشمس في يومي الاستواء لا تسامت أحدًا من سكان الأرض إلا من كان منهم على خط الاستواء، وهو منطقة الأرض الوسطى، وهم أول سكان العامرة من جنوبيِّ الصين وجنوبيّ الهند وبلد الزنج والدِّيبجات، ثم تميل إلى نحو الشمال في شهور الربيع، إلى أن توافي رأس السرطان في منتهى طول النهار ولا تسامت إلا ما بين خط الاستواء، والبلد الذي عرضه أربعة وعشرون جزءًا، من الحجاز والعروض وما سامت ذلك شرقًا وغربًا، ومن دخل عن هذا الخط في الشمال فإنه لا يسامتهم من الكواكب الجارية كوكب إلا أن يكون أقصى عرضه في الشمال، يوافق أن يكون في رأس السرطان في أقصى عرضها، فتبعد مسامتتها عن رأس الحمل اثنتين وثلاثين درجة، فتسامت من كان عرض بلده هذا المقدار؛ فبان لك أن العمران من نصف الأرض إلى جانبها الشمالي، ولما كانت مدورة كان العمران على هذه الصورة:
1 / 4
أول هذا العمران من خط الاستواء الذي لا عرض له إلى منقطع الإقليم السابع حتى يكون العرض وهو ارتفاع القطب خمسين جزءًا ونصف، وهذا حد مساكن الأمم المعروفة، وقد يخرج عن ذلك ما يكاد أن يسكن وينتجع إليه في الصيف أقاصي الخزر وأقاصي الترك والتَّغزغز والبرغر مما يصالي الروم وما وراء ذلك، فإن نهاره يقصر ويتلاشى حتى يصير الليل عليه أغلب، هو الموضع الذي يسمى الظلمات، وكانت ملوك العرب تنافس في دخولها لأجل السمعة وبعد الصوت لا أن ثم غنيمةً ولا جوهرًا مما ترويه العامة، وفي بعض تلك المواضع هلك تبَّع الأقرن.
وأما ما خلف خط الاستواء إلى الجنوب، فإن طباعه تكون على طباع شق الشمال سواء في جميع أحواله إلا قدر ما ذكرنا في كتاب سرائر الحكمة من اختلاف حالي الشمس في رأس أوجها ونقطة حضيضها، وقد ذكر هرمس أن فيه أقاليم كمثل هذه، الذي يحجر الناس عن بلوغه انفهاق البحر الأعظم دونه، وشدة الخب فيه، وسلطان الريح، وعظم الموج، وبعد المتناول، وقد يكاد أن يتعذر المركب في خلجه التي منها بحر الزنج وبحر المشرق، فكيف
1 / 5
به وأكثر ما يمتنع به في الأوقات المسعفة، البعد والسعة، فأما بحر المغرب المظلم فإنما امتنع عن العابرين عليه لدخوله في الشمال، وبعده عن مدار الكواكب، فغلظ ماؤه، وتكاثفت الأرواح عليه لعدم مسامتته الشمس، وما سامتته الشمس من البحار فقد تلطفه وتنفي عنه كثيرًا من غلظ الأرواح، ويظهر فيه مرامي العنبر ومنابت الصدف وغير ذلك.
معرفة قسمة الأقاليم لهرمس الحكيم
الأول: الهند، والثاني: الحجاز واليمن، والثالث: أرض مصر، والرابع: أرض بابل، والخامس: أرض الروم، والسادس: ياجوج وماجوج، والسابع: أرض الصين، وجعل الإقليم الرابع وسطًا، وجعل الستة الباقية مطيفة به حتى يتلقى الأول بالسابع عليه، وجعلها قسمة مستوية يدخل في كل بلد من هذه المشهورة ما صاقبه ودخل في حيزه.
حدود هذا الإقليم الرابع وهو بابل: الحد الأول: الثَّعلبيَّة من أرض العرب، والحد الثاني: شط نهر بلخ، والحد الثالث: نصيبين، والحد الرابع: الدَّيبل وهو حد الإقليم السابع، الثاني: حده البحر مما يلي عُمان إلى جدَّة على ما دار به من اليمن إلى أرض الزنج والحبش، إلى الثَّعلبية، والأقليم الثالث: حده منتهى أرض الحبشة مما يلي أرض الحجاز؛ إلى نصيبين، إلى أقصى الشأم إلى البحر الذي بين أرض مصر وبين الشأم. إلى وسط البحر الذي يلي الأندلس مما يلي المغرب، وحد الأقليم الخامس: بحر الشأم إلى أقصى الروم مما يلي البحر، إلى أرض الخزر وياجوج وماجوج، إلى حد الإقليم الرابع، وحد الإقليم السادس: أرض الصين إلى نهر بلخ، إلى بحر الشأم الذي يلي المشرق، وحد الإقليم السابع: من الهند إلى حد الإقليم الرابع، إلى حد الإقليم السادس؛ وجعل كل إقليم من هذه بتقدير سبعمئة فرسخ في سبعمئة، وقد تخالف الناس في مقاديره.
معرفة قسمة الأقاليم لبطليموس
وأما بطليموس وقدماء اليونانيين فإنهم رأوا ن طباع الأقاليم
1 / 6
وجبلّتها لا تكون إلا طرائق من المشرق إلى المغرب متجاورة بعضها إلى بعض، من خط الاستواء إلى حيث يقع القطب الشمالي خمسين درجة، وهو ضِعْف الميْل وزيادة جزئين وكسر، وقد حدَّ في قانونه عرض كل إقليم منها وساعات نهاره الأطول على وسطه دون طرفيه بقول من نقل عنه؛ فجعل وسط
الإقليم الأول: مدينة سبأ بمأرب من أرض اليمن، وجعل العرض: ستة عشر جزءًا وربعًا وخمسًا، وساعات نهاره الأطول: ثلاث عشرة سواء، وعرض الإقليم الثاني: منتهى الميل، وهو ثلاثة وعشرون جزءًا وخمسة أسداس، وساعات نهاره الأطول: ثلاث عشرة ونصف، والثالث: إقليم إسكندرية وعرضه ثلاثون جزءًا وسدس وخمس جزء، وساعاته: أربع عشرة، والرابع: إقليم بابل، وعرضه: ستة وثلاثون جزءًا وعشر، وساعات نهاره الأطول: أربع عشرة ونصف، والإقليم الخامس: عرضه أربعون جزءًا وتسعة أعشار وثلث عشر ساعة، وساعاته: خمس عشرة ساعة، والإقليم السادس: عرضه خمسة وأربعون جزءًا ونصف وسدس عشر، وساعات نهاره الأطول: خمس عشرة ساعة ونصف. والإقليم السابع: عرضه ثمانية وأربعون جزءًا ونصف وثلث عشر، ونهاره الأطول: ست عشرة ساعة، وقد حد أقاصيها وأدانيها وبعض ما تشتمل عليه من البلاد المشهورة فقال: إن
الإقليم الأول
يمر على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها على ما ذكرناه وابتداؤه حيث يكون نهاره الأطول: اثنتي عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة. وعرضه: اثني عشر جزءًا ونصف، وانتهاؤه حيث يكون نهاره الأطول: ثلاث عشرة ساعة وربع، وعرضه: عشرون جزءًا وربع، قال: ووسط هذا الإقليم مدينة سبأ ما كان في مثل عرضها من مواضع الأرض، وابتداؤه من المشرق من أقاصي بلاد الصين، فيمر على جنوب الصين إلى سواحل البحر الذي في جنوب بلاد الهند والسند ويقطع البحر إلى جزيرة العرب وأرض اليمن وبحر جدة الماد إلى القٌلزم وبلاد الحبشة وما وراء النيل وجنوب بلاد البربر إلى أن ينتهي إلى حد
1 / 7
بلاد المغرب وهو دون البحر لمظلم بمقدار ما نحن ذاكروه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
الإقليم الثاني
ويمر الإقليم الثاني على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها ما ذكرناه، وابتداؤه من المكان الذي انتهت إليه ساعات الإقليم الأول إلى حيث يكون نهاره الأطول ثلاث عشرة ساعة وخمسا وأربعين دقيقة، وعرضه سبع وعشرون درجة وخمس، قال: ووسط هذا الإقليم بتهامة من أرض العرب وما كان في مثل عرضها من مواضع الأرض، وابتداؤه من المشرق من بلاد الصين فيمر ببلاد الهند والسند إلى حيث يلتقي البحر الأخضر - يريد بحر الزنج - وبحر البصرة، ويقطع جزيرة العرب ومكة والحجاز وبحر القُلزم وصعيد مصر، ويقطع النيل وأرض المغرب على وسط بلاد إفريقية وبلاد البربر إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دون البحر المظلم.
الإقليم الثالث
ويمر الإقليم الثالث على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها ما قد ذكرناه؛ وابتداؤه من الموضع الذي انتهت إليه ساعات الإقليم الثاني إلى حيث يكون نهاره الأطول أربع عشرة ساعة وربعًا، وعرضه ثلاثة وثلاثون جزءًا وثلث جزء، ووسط هذا الإقليم بالتقريب في برية الكوفة مما يلي تيه بني إسرائيل أيام موسى ﵇؛ وما كان في مثل عرضه من مواضع الأرض؛ وابتداؤه من المشرق في شمال بلاد الصين والهند والسند والقندهار وكابل وفارس وسجستان وعسِّقلان وأرض مصر وبلاد برقة وإفريقية ومدينة القيروان إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دول البحر المظلم.
الإقليم الرابع
ويمر الإقليم الرابع على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول، وعرضها ما قد ذكرناه؛ وابتداؤه من الموضع الذي انتهت إليه ساعات الإقليم الثالث، وعرضه إلى حيث يكون نهاره الأطول أربع عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة وعرضه ثمانيًا
1 / 8
وثلاثين درجة ونصف درجة، وسط هذا الإقليم بالتقريب مدينة أصبهان وما كان في مثل عرضها من مواضع الأرض. وابتداؤه من المشرق آخر أرض الصين وتبَّت وبلخ وخراسان والجبال وأرض الموصل وشمال الشأم وبعض الثغور وبحر الشأم وجزيرة قبرس وبلاد طنجة إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دون البحر المظلم.
الإقليم الخامس
ويمر الإقليم الخامس على وسطه إلى المشرق من المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها ما قدمنا ذكره، وابتداؤه من الموضع الذي انتهى إليه عرض الإقليم الرابع ساعاته إلى حيث يكون نهاره الأطول خمس عشرة ساعة وربعا، وعرضه ثلاث وأربعون درجة، ووسط هذا الإقليم بالتقريب مدينة مرو، وما كان في مثل عرضها من مواضع الأرض فابتداؤه من المشرق داخل بلاد الترك وشمال خراسان واذربيجان وكور إرمينية وبلاد الروم سواحل بحر الشام والشمالية والأندلس إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دون البحر المظلم.
الإقليم السادس
ويمر الإقليم السادس على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها ما قد تقدم ذكره، وابتداؤه من الموضع الذي انتهت إليه ساعات الإقليم الخامس، وعرضه إلى حيث يكون نهاره الأطول خمس عشرة ساعة وثلاثة أرباع، وعرضه ستة وأربعون جزءًا ونصف وثلث ونصف عشر جزء. ووسط هذا الإقليم بالتقريب أرض أرمنيية الشمالية، وابتداؤه من المشرق داخل بلاد الترك إلى الشمال وبلاد الخزر. ويقطع بحر جرجان إلى بلاد الروم والقسطنطينيّة وبلاد برجان إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دون البحر المظلم.
الإقليم السابع
ويمر الإقليم السابع بوسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون عرضها وساعات نهارها الأطول ما قد طواه الشرح وابتداؤه من الموضع الذي انتهى إليه عرض الإقليم السادس،
1 / 9
وساعاته إلى حيث يكون نهارها الأطول ست عشرة ساعة وربعًا، وعرضه خمسين درجة، ووسط هذا الإقليم بالتقريب المواضع الواغلة في شمال بلاد الترك، وابتداؤه من المشرق من شمال بلادهم، ويمر على ساحل بحر جرجان الشمالي وبحر الروم وبلاد برجان والصقالبة إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دون البحر المظلم.
معرفة ما بعد الإقليم السابع
ثم منتهى عرض الإقليم السابع إلى عرض أربعة وخمسين جزءًا لا يخلو من هذه الأمم التي ذكرناها في الإقليم السابع هذا المقدار لهم متطّرق ومنجع لا يزال يتردد الفرق من التّغزغز والخزر وجيلان والبرغر والصقالبة فيه، ثم تنقطع العمارة فيما بعد هذا العرض إلى الموضع الذي يكون بعده من وتد الأرض الشمالي الذي يكون على سمته القطب مقدار درج الميل، وهي أربع وعشرون وزيادة ثلث درجة، وذلك ما عرضه ست وستون درجة، لأن من هذا المقدار إلى تسعين يبعد عن مدار الشمس ويفرط فيه البرد، ولا يفارقه الثلج والجليد والضّريب والشفيف والصّقيع والقريس والبليل والهجا وغير ذلك مما يضاد نشوء الحيوان والنبات، وقد فصّل بطليموس جميع المسكون والخراب على ربع ساعة، ربع ساعة، وسنذكر ما قال تلو هذا الباب إن شاء الله تعالى.
ما أتى عن بطليموس من تفصيل أجزاء شق الشمال
قال بطليموس المهندس: نحن نجد الأرض تضطر العقل ببراهينها الهندسية أنها كريّة في جوف دائرة الفلك متجافيًا عنها من كل جانب من جوانبها بتسعين جزءًا، ويقطعها فلك الاستواء، وهي معدّل النهار الدائر نطاقه من رأس الحمل إلى رأس الميزان ذاهبًا، ومن رأس الميزان إلى رأس الحمل راجعًا بقسمين متساويين في الأجزاء: أحدهما: الشق الجنوبي، والثاني: الشق الشمالي، والفارق بين هذين القسمين خط الاستواء من الأرض، وهو نطاقها المحاذي لنطاق فلك الاستواء
1 / 10
وسط الاستواء قبة الأرض التي تحت قبة الفلك يريد رأس كرة الأرض ويقطع دائرة أفق القبة على نصف السماء علوًا ونصفها سفلًا، وينقسم الأرض على تلك الهيئة بقسمين: ظاهر وباطن، فصارت أربعة أقسام: شمالي متعال، وشمالي متسافل، وجنوبي متعال، وجنوبي متسافل، والقسمة دائرة الأفق في هذه المواضع، وفيما كان على خطه بنصفين متساويين صارت فيه الأيام مثل الليالي سواء سواء، والساعات اثنتي عشرة من الليل والنهار أبدًا، والظل في رأس الحمل والميزان معدوم، فإذا مالت الشمس في الشمال إلى رأس السرطان سقطت أظلالها إلى الشمال، ويكون منتهى الظل الصيفي والشتوي بها خمس أصابع وثلث إصبع، وتسامتهم الكواكب المحيرة إذا كانت في نقطة الربيع ونقطة الخريف، ومن الكواكب الثابتة ما كان مداره على مار النهار يريد خط الاستواء ويرون الكواكب كلها طالعة وغاربة إذ كان قطب الكرة على دائرة أفقهم بعينها وقمن أن تكون هذه المواضع من الأرض في الغاية من اعتدال المزاج، وذلك أن الشمس لا يطول لبثها عليهم في النقط التي على الرؤوس، لسرعة حركتها من نقطتي الاعتدالين في الميل، لأنها في المبدأ من قوس الميل، فتأخذ في الطول درجة وفي العرض ميل عامتها، ولا تبعد عنهم أكثر من درج الميل، وهي أربعة وعشرون جزءًا غير سدس، فيكون الصيف والشتاء هناك معتدل المزاج. قال: وأما المساكن في هذه البلاد على هذا الخط فلست أقدر أن أقول في ذلك ما لا أحيط بعلمه، لأنه لم يصر إليها إلى هذه الغاية أحد ممن عندنا، وما يقال فيها فهو إلى أن يجري مجرى الحدس أقرب منه إلى أن يجري مجرى الخبر عن المشاهدة، فهذه هي خواص خط الاستواء والدائرة العظمى التي هي تحت معدل النهار على جملة القول، وما مال عن هذه الدائرة جنوبًا وشمالًا تخالف عليه القطبان فظهر واحد وخفي واحد، وبدت بذلك كواكب تكون أبديّة الظهور، وخفي كواكب أبدية الخفاء مما تقارب القطبين، ويقسم دوائر الأفق الدوائر المسامتة لهذين الشقين بقسمين مختلفين: من أعلى وأسفل، فيكون الأعلى أعظم وأطول نهارًا، والأسفل أشف وأقصر ليلًا في المسامتة فقط، فأما على الشق الثاني من كل شق فعلى العكس، وهو أن دوائر أرض الشمال المسامتة تنقطع بآفاقها ظاهرًا على أكبر القسمين لمسامتتهم الدوائر المسامتة لأهل الجنوب ظاهرًا على أصغر القسمين فيقصر عنهم النهار إذا كانت الشمس في دوائر الجنوب وكذلك فعل في الجنوب إذا حوّلت بميلها إلى الشمال، وحيثما ظهر أحد القطبين فلا بد أن يكون عليه كواكب أبدية الظهور وحيث ما خفي فلا بد أن يكون عليه كواكب أبدية الخفاء انقضت الدائرة الأولى.
قال: وأما الدائرة الموازية الثانية: فهي التي تبلغ غاية النهار بها اثنتي عشرة ساعة وربعًا من ساعات الاعتدال يريد المستوية وبعد الدائرة من دائرة معدل النهار أربعة أجزاء وربع جزء، وترسم مارة بالجزيرة المسماة: طبروباني وهذه الدائرة من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذا كانت الشمس تصير أيضًا عند كل من تحتها على سمت الرؤوس مرتين، وكذلك سبيل ما كان تحت سهمي الميل من رأس السرطان ورأس الجدي إلى الوتر المسامت خط الاستواء ويكون ظل رأس الحمل في هذه الدائرة ثلاثًا وخمسين دقيقة وخمس عشرة ثانية من إصبع، ويقع المقاييس تحتها، ويسقط الظل إذا كانت الشمس ما بين عشرة أجزاء ونصف من الحمل إلى تسعة عشر جزءًا ونصف وأربعا وعشرين ثانية، وذلك في مئة درجة وتسع وخمسين درجة، وهو ما بين الموضعين اللذين حددناهما في الحمل والسنبلة، ويكون أطول ظلها في الشتاء ست أصابع وأربعًا وعشرين دقيقة وستًا وثلاثين ثانية من إصبع، وذلك من تسعة عشر جزءًا ونصف من أجزاء السنبلة إلى عشرة أجزاء ونصف من أول الحمل، فذلك مئتا درجة ودرجة، ولا ظل لها أوقات توسط الشمس السماء على هذا الخط.
والدائرة الموازية الثالثة: هي الدائرة التي يصير أطول ما يكون من النهار فيها اثنتي عشرة ساعة ونصفًا، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار وخط الاستواء ثمانية أجزاء وخمس وعشرون دقيقة، وترسم مارة بالخليج المسمى أو اليطيس وهذه الدائرة أيضًا من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذا كانت الشمس تصير على سمت الرؤوس ممن يسكن تحتها مرتين، والمقاييس فيها إذا كان بعد الشمس من الانقلاب الصيفي إلى كل واحدة من الجهتين تسعة وستين جزءًا - يريد ما بين إحدى وعشرين درجة من الحمل إلى تسع درجات من السنبلة - ولا ظل لها في أوقات توسط الشمس السماء عليها، فالشمس إذا كانت تسير في هذه المئة والثمانية والثلاثين جزءًا كان وقوع أظلال المقاييس إلى ناحية الجنوب عنها، وإذا كان مسيرها في الأجزاء الباقية - وهي مئتا جزء واثنان وعشرون جزءًا - كان وقوع الأظلال إلى ناحية الشمال عنها، ويكون ظل رأس الحمل بها إصبعًا وستًا وأربعين دقيقة وخمسًا وعشرين ثانية من إصبع، ومبلغ ظلها في الانقلاب الصيفي ثلاث أصابع وثماني عشرة دقيقة وثمانيًا وثلاثين ثانية من إصبع، وظل الانقلاب الشتوي من رأس الجدي بها سبع أصابع وأربع وثمانون دقيقة وثمان وأربعون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية الرابعة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها اثنتي عشرة ساعة ونصفًا وربع ساعة، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار اثنا عشر جزءًا ونصف جزء، وترسم مارة بالخليج المسمى أودوليطيقوس وهذه الدائرة أيضًا من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذا صارت الشمس على سمت الرؤوس عند من يسكن تحتها أيضًا مرتين، والمقاييس فيها إذا كان بعُد الشمس من الانقلاب الصيفي في رأس السرطان إلى كل واحدة من الجهتين سبعة وخمسين جزءًا وثلثي جزء، ولا ظل لها في أوقات توسط الشمس السماء عليها فالشمس ما دامت تسير في هذه المئة والخمسة عشر جزءًا وثلث جزء - يريد ما بين درجتين وثلث من الثور إلى سبع وعشرين درجة وثلثي درجة من الأسد - يكون وقوع إظلال المقاييس إلى ناحية الجنوب عنها؛ فإذا كان مسيرها في أجزاء الفلك الباقية وهي مئتا جزء وأربعة وأربعون وثلثا جزء، كان فيها إلى ناحية الشمال عنها، ويكون ظل رأس الحمل على هذا الموضع إصبعين وتسعًا وثلاثين دقيقة وثلاثين ثانية من إصبع، ومنتهى ظل الصيف في رأس السرطان: إصبعان وأربع وعشرون دقيقة وثلاث وثلاثون ثانية من إصبع، ومنتهى في ظل الشتاء في رأس الجدي: ثماني أصابع وخمسة أسداس إصبع.
والدائرة الموازية الخامسة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثلاث عشرة ساعة، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ستة عشر جزءًا وسبع وعشرون دقيقة، وترسم مارة بالجزيرة المسماة ما روى - يريد مأرب أرض سبأ - وهذه الدائرة أيضًا من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذ كانت الشمس تصير على سمت الرؤوس عند من يسكن تحتها مرتين، والمقاييس فيها إذا كان بعد الشمس من الانقلاب الصيفي - يعني رأس السرطان إلى كل واحدة من الجهتين - خمسة وأربعين جزءًا، ولا ظل لها في أوقات توسط الشمس السماء عليها مسامته لها - يريد بهذه الأجزاء من نصف الثور إلى أول السرطان إلى نصف برج الأسد - فإذا كانت الشمس تسير في هذه التسعين جزءًا كان وقوع الأظلال إلى ناحية الجنوب عنها، وإذا كان مسيرها في باقي أجزاء الفلك - وهي مئتان وسبعون جزءًا - كان وقوع الأظلال إلى ناحية الشمال، ويكون ظل رأس الحمل على هذا الموضع ثلاث أصابع واثنين وثلاثين دقيقة وثماني عشرة ثانية ويكون ظل رأس السرطان عليها إصبع وثلاث وثلاثون دقيقة واثنتا عشرة ثانية، وظل رأس الجدي عليها عشر أصابع وعشر دقائق، وست وثلاثون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية السادسة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثلاث عشرة ساعة وربعًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدّل النهار عشرون جزءًا وأربع عشرة دقيقة، وترسم مارَّة بالمواضع المسماة ناباطو يريد أجزاء الإقليم الأول فيما شارف مكة، وهذه الدائرة أيضًا من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذا كانت الشمس تصير فيها على سمت الرؤوس مرتين، والمقاييس في انتصاف النهار إذا كان بعد الشمس من الانقلاب الصيفي إلى كل واحدة من جهته أحدًا وثلاثين جزءًا - يريد آخر جزءٍ من الثور، وأول جزء من الأسد - ولا ظل للشمس في هذين الجزءين، وهما في مسامتة هذا الموضع، وإذا جازت من هذين الجزءين في الشمال وقعت الأظلال في الجنوب، وإذا كان مسيرها في باقي أجزاء الفلك وهي مئتا جزء وثمانية وتسعون جزءًا كان سقوط الأظلال إلى ناحية الشمال، وظل رأس الحمل في هذا الموضع أربع أصابع وعشرون دقيقة وست عشرة ثانية، وعلى رأس السرطان خمس وأربعون دقيقة وأربع عشرة ثانية من إصبع وظل رأس الجدي أحد عشر إصبعًا وسبع وثلاثون دقيقة وخمس ثوان من إصبع.
والدائرة الموازية السابعة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثلاث عشرة ساعة ونصفًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار، ثلاثة وعشرون جزءًا وإحدى وخمسون دقيقة، وهي سمت أقصى الميل، وترسم مارة بالجزيرة المسماة سوينى - يريد الحجاز - وهذه الدائرة أول الدوائر التي تسمى ذوات ظل واحد، وذلك أن أظلال المقاييس في انتصاف النهار لا تقع عند من يسكن تحتها في وقت من الأوقات إلى ناحية الجنوب لكن الشمس في الانقلاب الصيفي نفسه فقط تصير على سمت رؤوسهم، ولا يرى للمقاييس حينئذ ظل، وذلك أن بُعدهم عن معدل النهار هو بعد الانقلاب الصيفي عنه، وأما سائر الزمان كله فإن أظلال المقاييس تقع عندهم إلى ناحية الشمال، وظل رأس الحمل في هذا المكان خمس أصابع وثماني عشرة دقيقة وخمس وأربعون ثانية من إصبع، ولا ظل لرأس السرطان كما ذكرنا لمسامتته هذا الوضع، وظل راس الجدي عليه ثلاث عشرة إصبعًا، وإحدى عشرة دقيقة وست وثلاثون ثانية من إصبع، وجميع الدوائر التي هي أميل إلى الشمال من هذه الدائرة لا ظل لها جنوبيّ إلى أقصى الشمال إذ كانت الشمس لا تبلغهم. والدائرة الموازية الثامنة: هي التي تصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثلاث عشرة ساعة ونصفا وربعًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار سبعة وعشرون جزءًا وخمس جزء، وترسم مارة بالمدينة المسماة بطولامايس وهي المعروفة بأرميس فيبلاد تيبايس وظل رأس الحمل في هذا الموضع ست أصابع وعشر دقائق واثنتا عشرة ثانية من إصبع ويكون ظل الصيف في رأس السرطان اثنتين وأربعين واثنتي عشرة ثانية من إصبع ويكون ظل الشتاء عليه في رأس الجدي أربع عشرة إصبعًا وخمسين دقيقة وسبعا وثلاثين ثانية من إصبع.
والدائرة الموازية التاسعة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها أربعٍ عشرة ساعة من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ثلاثون جزءًا واثنتان وعشرون دقيقة، وترسم مارة بأسفل أرض مصر وما أخذها شرقًا وغربا؟ وظل رأس الحمل في هذا الموضع سبع أصابع ودقيقتان وأربع عشرة ثانية من إصبع ويكون به الظل الصيفي من رأس السرطان إصبعًا واثنتين وعشرين دقيقة واثنتي عشرة ثانية من إصبع ويكون به ظل الشتاء من رأس الجدي ست عشرة إصبعًا وتسعًا وثلاثين دقيقة وأربع عشرة ثانية من إصبع. والدائرة الموازية العاشرة: هي التي يصير أطول ما يكون النهار فيها أربع عشرة ساعة وربعًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ثلاثة وثلاثون جزءًا وثماني عشرة دقيقة، وترسم مارة بوسط بلاد الشام، وظل رأس الحمل بها سبع أصابع وثلاث وخمسون دقيقة وأربع وعشرون ثانية من إصبع، والظل الصيفي من رأس السرطان إصبع وتسع وخمسون دقيقة وإحدى وخمسون ثانية من إصبع يكون إصبعين بالتقريب، وظل الشتاء من رأس الجدي ثماني عشرة إصبعًا وخمس وثلاثون دقيقة وسبع وعشرون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية الحادية عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها أربع عشرة ساعة ونصفًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ستة وثلاثون جزءًا، وترسم مارة بالجزيرة المسماة رودس يريد بابل، وظل رأس الحمل هنالك ثماني أصابع ثلاث وأربعون دقيقة من إصبع وظل رأس السرطان إصبعان وأربع وثلاثون دقيقة وسبع وخمسون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي بها عشرون إصبعًا وتسع وثلاثون دقيقة وتسع وثلاثون ثانية من إصبع.
والدائرة الموازية الثانية عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها أربع عشرة ساعة ونصفًا وربعًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ثمانية وثلاثون جزءًا وخمس وثلاثون دقيقة، وترسم مارة بالجزيرة المسماة بسمورنا وظل رأس الحمل فيها تسع أصابع وثلاث وثلاثون دقيقة وخمس وعشرون ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان الصيفي ثلاث أصابع وست عشرة ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان الصيفي ثلاث أصابع وست عشرة ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي الشتوي اثنتان وعشرون إصبعًا وتسع وخمسون دقيقة وأربع وثلاثون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية الثالثة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار بها خمس عشرة ساعة من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار أربعون جزءًا وست وخمسون دقيقة، ترسم مارة بالبلاد المسماة السنطس وظل رأس الحمل بها عشر أصابع وأربع وعشرون دقيقة واثنتان وثلاثون ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان الصيفي بها ثلاث أصابع وإحدى وأربعون دقيقة وعشر ثوان من إصبع، وظل رأس الجدي الشتوي بها خمس وعشرون إصبعا وتسع وعشرون دقيقة وست عشرة ثانية. والدائرة الموازية الرابعة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها خمس عشرة ساعة وربعًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ثلاثة وأربعون جزءًا وأربع دقائق، وترسم مارة بالجزيرة المسماة ماساليا وظل رأس الحمل بها إحدى عشرة إصبعا وسبع عشرة دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان الصيفي بها أربع أصابع وثلاث عشرة دقيقة وست وثلاثون ثانية من إصبع، ومنتهى الظل الشتوي من رأس الجدي بها ثمان وعشرون إصبعا وأربع وعشرون ثانية من إصبع.
والدائرة الموازية الخامسة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها خمس عشرة ساعة ونصفًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار خمسة وأربعون جزءًا ودقيقة واحدة، وترسم مارة بوسط بحر (بُنْطُس) وظل رأس الحمل بها اثنتا عشرة إصبعا وست وعشرون ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان الصيفي أربع أصابع وثمان وثلاثون دقيقة وثلاثون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي الشتوي إحدى وثلاثون إصبعا وثلاث دقائق وثمان وعشرون ثانية. والدائرة الموازية السادسة عشر: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها خمس عشرة ساعة ونصفا وربعًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ستة وأربعون جزءًا وإحدى وخمسون دقيقة، ترسم مارة بعيون النهر المسمى اسطَروس وظل رأس الحمل بها اثنتا عشر إصبعا وثمان وأربعون دقيقة وست ثوان من إصبع، منتهى ظل الصيف بها خمس أصابع وعشر إصبع، ومنتهى ظل الشتاء بها أربع وثلاثون إصبعا وسبع عشر دقيقة وست ثوان. والدائرة الموازية السابعة عشر: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون النهار فيها ست عشرة ساعة مستوية، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ثمانية وأربعون جزءًا واثنتان وثلاثون دقيقة وترسم مارة بمخارج النهر المسمى بورسطانس وظل رأس الحمل به ثلاث عشرة إصبعا وأربع وثلاثون دقيقة. وست وخمسون عشرة ثانية من إصبع، والظل الصيفي من رأس السرطان خمس أصابع وإحدى وثلاثون دقيقة وخمس عشرة ثانية من إصبع، والظل الشتوي من رأس الجدي سبع وثلاثون إصبعًا وتسع وأربعون دقيقة وسبع عشرة ثانية. والدائرة الموازية الثامنة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ست عشرة ساعة وربعًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار خمسون جزءًا وأربع دقائق، وترسم مارة بوسط البحيرة المسماة ما أوطس وظل رأس الحمل فيها أربع عشرة إصبعًا وخمس وعشرون دقيقة وخمس وأربعون ثانية من إصبع وظل رأس السرطان خمس أصابعٍ وسبع وخمسون دقيقة وأربع وعشرون ثانية، وظل رأس الجدي اثنتان وأربعون إصبعًا وثماني دقائق وست وثلاثون ثانية من إصبع.
والدائرة الموازية التاسعة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ست عشرة ساعة ونصفًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار واحد وخمسون جزءًا ونصف جزء، وترسم مارة بأقاصي ناحية الجنوب من بلاد برطانيا وظل رأس الحمل هناك خمس عشرة إصبعًا ونصف سدس إصبع، وظل رأس السرطان ست أصابع وسبع عشرة دقيقة وأربع وعشرون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي خمس وأربعون إصبعًا وإحدى وأربعون ثانية من إصبع والدائرة الموازية العشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ست عشرة ساعة ونصفًا وربعًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار اثنان وخمسون جزءا وخمسون دقيقة، وترسم مارة بمغايض رينس وظل رأس الحمل هناك خمس عشرة إصبعًا وسبع وأربعون دقيقة وعشرون ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان ست أصابع وتسعٍ وثلاثون دقيقة وأربع وأربعون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي خمسون إصبعًا وثلاث وأربعون دقيقة وثمان وأربعون ثانية من إصبع والدائرة الموازية الحادية والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها سبع عشرة ساعة مستوية، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار أربعة وخمسون جزءًا ودقيقة واحدة، وترسم مارة بمغايض طانايس وظل رأس الحمل هناك ست عشرة إصبعًا وإحدى وثلاثون دقيقة وثمان وثلاثون ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان ست أصابع وثمان وخمسون دقيقة وخمسون دقيقة وخمسون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي خمس وخمسون إصبعًا وخمسون دقيقة واثنتان وخمسون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية الثانية والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها سبع عشرة ساعة وربعًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار خمسة وخمسون جزءًا، وترسم مارة بالموضع المسمى بريغانطيس من بلاد برطانيا الكبرى، وظل رأس الحمل في هذا المكان سبع عشرة إصبعًا وثماني دقائق، وظل رأس السرطان سبع أصابع وخمس عشرة دقيقة وثلاث وثلاثون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي ستون إصبعًا وست وخمسون دقيقة وسبع وعشرون ثانية من إصبع.
والدائرة الموازية الثالثة والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون النهار فيها سبع عشرة ساعة ونصفًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ستة وخمسون جزءًا، وترسم مارة بوسط بلاد برطانيا الكبرى، وظل رأس الحمل فيه سبع عشرة إصبعًا وسبع وأربعون دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان سبع أصابع واثنتان وثلاثون دقيقة واثنتان وأربعون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي سبع وستون إصبعًا وست دقائق وتسع ثوانٍ من إصبع. والدائرة الموازية الرابعة والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون النهار فيه سبع عشرة ساعة ونصفًا وربعًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار سبعة وخمسون جزءًا، وترسم مارة بالموضع المسمى قاطورقطونيس من بلاد برطانيا وظل رأس الحمل في هذا المكان ثماني عشرة إصبعًا وتسع وعشرون دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان سبع أصابع وخمسون دقيقة واثنتان وأربعون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي أربع وسبعون إصبعًا وسبع وثلاثون دقيقة وأربع وعشرون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية الخامسة والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثماني عشرة ساعة من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ثمانية وخمسون جزءًا، وترسم مارة بنواحي الجنوب من بلاد برطانيا الصغرى، وظل رأس الحمل في هذا الموضع تسع عشرة إصبعًا وخمس أصابع، وظل رأس السرطان بها ثماني أصابع وثماني دقائق واثنتان وأربعون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي ثلاث وثمانون إصبعًا وست وخمسون دقيقة وست وثلاثون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية السادسة والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون النهار فيها ثماني عشرة ساعة ونصفًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار تسعة وخمسون جزءًا ونصف جزء وترسم مارة بالمواضع الوسطى من بلاد برطانيا الصغرى وظل رأس الحمل هناك ٢٠و٢٥و٣ وظل رأس السرطان ٨و٣٦و٢١ وظل رأس الجدي.
قال: وإنما لم نستعمل في هذه المواضع التفاصيل بربع ساعة من قبل أن الدوائر الموازية تصير حينئذ متقاربات متصلًا بعضها ببعض واختلاف الارتفاعات لا يجتمع منه عند ذلك ولا جزء واحد على التمام، ومن قبل أنه لا يجب لنا نستقصي أمر الدوائر التي هي أميل من الدوائر التي ذكرناها إلى الشمال على مثال ما استقصينا شرح أمر تلك الدوائر، ولذلك رأينا أن وضعنا أيضًا نسبة المقاييس إلى الأظلال فيها كما توضع، وكما فعلنا في المواضع المعروفة المحدودة من الفصل. فأما الموضع الذي مبلغ أطول ما يكون النهار فيه تسع عشر ساعة من ساعات الاستواء، فإن بعد دائرته الموازية من معدل النهار أحد وستون جزءًا وترسم مارة بأقاصي الشمال من بلاد برطانيا الصغرى ولم يذكر ظلًا فانا علمناه، وظل رأس الحمل هناك إحدى وعشرون إصبعًا وتسع وثلاثون دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان تسع أصابع وخمس دقائق وثلاث وثلاثون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي مئة وثلاث وثلاثون إصبعًا. والموضع الذي مبلغ أطول ما يكون من أيام النهار فيه تسع عشرة ساعة ونصف ساعة من ساعات الاستواء يكون بعد دائرته الموازية من معدل النهار اثنين وستين جزءًا وترسم مارة بالجزيرة المسماة أبودوهي اورنقى ولم يذكر ظلا، وظل رأس الحمل هناك اثنتان وعشرون إصبعًا وأربع وثلاثون دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان تسع أصابع وثلاث وعشرون دقيقة وسبع وعشرون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي مئة وست وستون إصبعًا وخمس وعشرون دقيقة وسبع وخمسون ثانية من إصبع. والموضع الذي مبلغ أول ما يكون النهار فيه عشرون ساعة من ساعات الاستواء، يكون بعد دائرته الموازية من معدل النهار ثلاثة وستين جزءًا وترسم مارة بالجزيرة المسماة ثولي ولم يذكر ظلا، وظل رأس الحمل هناك ثلاث وعشرون إصبعًا وثلاث وثلاثون دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان تسع أصابع وست وأربعون دقيقة وتسع ثوان من إصبع، وظل رأس الجدي عشرون ومئتا إصبع وثلاث وعشرون دقيقة وأربع وعشرون ثانية من إصبع.
والموضع الذي مبلغ أطول ما يكون من النهار فيه إحدى وعشرون ساعة من ساعات الاستواء فإن بعد دائرته الموازية من معدل النهار أربعة وستون جزءًا ونصف جزء وترسم مارة بأمم لا يعرفون ولا يعدون من الصقالبة، ولم يذكر ظلًا، وظل رأس الحمل هناك خمس وعشرون إصبعًا وسدس إصبع وظل رأس السرطان عشر أصابع ... وظل رأس الجدي أربع وستون وأربعمئة إصبع، واثنتان وعشرون دقيقة وثمان وأربعون ثانية من إصبع. والموضع الذي مبلغ أطول ما يكون من النهار فيه اثنتان وعشرون ساعة من ساعات الاستواء، فإن بُعد تلك الدائرة الموازية من معدل النهار خمسة وستون جزءًا ونصف جزء وظل رأس الحمل هناك ست وعشرون إصبعًا وعشرون دقيقة وثلاثون ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان عشر أصابع وأربعون دقيقة وثماني عشرة ثانية، وظل رأس الجدي ألف إصبع ومئة وخمسون إصبعًا وسبع عشرة دقيقة وتسع ثوان من إصبع. والموضع الذي يكون مبلغ أطول أيامه ثلاث وعشرون ساعة من ساعات الاستواء يكون بعد الدائرة الموازية عليه من معدل النهار ستة وستين جزءا وظل رأس الحمل هناك ست وعشرون إصبعا وسبع وخمسون دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان عشر أصابع وإحدى وخمسون دقيقة وسبع وعشرون ثانية ولا حدَّ لظل الجدي. والموضع الذي مبلغ أطول ما يكون النهار فيه أربع وعشرون ساعة من ساعات الاستواء فإن بعد دائرته الموازية من معدل النهار ستة وستون جزءًا ونصف جزء قال: وهذه أول الدوائر التي يقع الظل فيها دائرًا حول المقياس وكل ما انتصب، وذلك أن الشمس لمَّا كانت لا تغيب هناك في الانقلاب الصيفي وحده - يريد رأس السرطان - صارت أظلال المقاييس تقع إلى جميع جهات الأفق وفي هذا الموضع دائرة الإنقلاب الصيفي الموازية لمعدل النهار دائمة الظهور، ودائرة الانقلاب الشتوي الموازية لمعدل النهار دائمة الخفاء من قبل أنهما جميعًا يماسَّان الأفق فيه على المبادلة ويصير الدائرة المائلة أيضًا التي تمر بأوساط البروج هي الأفق إذا كان الطالع منها نقطة الاستواء الربيعي - أي رأس الحمل.
قال: فإن أحب محبٌّ من قبل الازدياد في العلم أن يبحث بوجه آخر من الدوائر أيضًا التي أميل إلى الشمال من الدوائر التي ذكرناها عن شيء من جمل ما يلزم فيها وجد الموضع الذي ارتفاع القطب الشمالي فيه سبعة وستون جزءًا بالتقريب وهي بُعده من معدل النهار الذي هو منطقة الاستواء، لا يغيب هناك خمسة عشر جزءًا من الدائرة التي تمر أوساط البروج التي عن كل واحدة من جنبتي رأس السرطان - يريد من نصف الجوزاء إلى نصف السرطان - حتى يكون مبلغ أطول ما يكون من النهار وهناك ودور الأظلال إلى جميع جهات الأفق قريبًا عن شهر واحد. وحيث يكون ارتفاع القطب تسعة وستين جزءًا ونصف جزء فإنك تجد هناك عن كل واحدة من جنبتي الانقلاب الصيفي ثلاثين جزءًا لا تغيب أصلًا - يريد من أول الجوزاء إلى آخر السرطان - حتى يكون أطول ما يكون من النهار هناك ودور إظلال المقاييس قريبًا من شهرين. وحيث يكون ارتفاع القطب وبعد الدائرة الموازية من معدل النهار ثلاثة وسبعين جزءًا وثلث جزء فإنك تجد هناك ن كل واحدة من جنبتي الانقلاب الصيفي خمسة وأربعين جزءًا لا تغيب - يريد ما بين نصف الثور ونصف الأسد - حتى يكون مبلغ أطول ما يكون من النهار هناك ودور إظلال المقاييس يمتد إلى قريب من ثلاثة أشهر. وحيث يكون ارتفاع القطب ثمانية وسبعين جزءًا وثلث جزء فإنك تجد هناك عن كل واحدة من جنبتي الانقلاب الصيفي ستين جزءًا لا تغيب، وهي من أول الثور إلى آخر الأسد، حتى يكون مبلغ أطول ما يكون من النهار هناك، ودور إظلال المقاييس قريبًا من أربعة أشهر. وحيث يكون ارتفاع القطب أربعة وثمانين جزءًا فإنك تجد هناك عن كل واحدة من جنبتي الانقلاب الصيفي خمسة وسبعين جزءًا لا تغيب، وهي من نصف الحمل إلى نصف السنبلة، حتى يكون مبلغ أطول ما يكون من النهار هناك قريبًا من خمسة أشهر وتكون أظلال المقاييس تدور حولها قريبًا من هذه المدة من الزمان.
وحيث يكون القطب الشمالي مرتفعًا عن الأفق أجزاء الربع بأسره وهي تسعون جزءًا فهناك النصف بأسره من الدوائر التي تمرُّ بأوساط البروج الذي هو أميل إلى الشمال عن دائرة معدل النهار لا يصير في وقت من الأوقات تحت الأرض، والنصف الذي هو أميل إلى الجنوب بأسره لا يصير في وقت من الأوقات فوق الأرض حتى يكون كل سنة يومًا واحدًا وليلة واحدة كل واحد منهما قريبًا من ستة أشهر، ويكون أظلال المقاييس في جميع الأوقات تدور حولها. ومن خواص هذا الميل إلى القطب الشمالي أن يكون على سمت الرؤوس الوتد - يريد القطب - وأن يكون دائرة معدل النهار يقوم هناك مقام الدائرة الأبدية الظهور، ومقام الدائرة الأبدية الخفاء ومقام دائرة الأفق إذ كانت تجعل النصف بأسره من الكرة الذي هو أميل منها إلى الشمال فوق الأرض في جميع الأوقات، والنصف الذي هو أميل إلى الجنوب تحت الأرض - يريد أن نقطة القطب الشمالي هي موسط سماء الموضع ونقطة قطب الجنوب هي وتده الأسفل.
فجميع هذا الذي ذكره عنده على أحد عشر صنفًا وإحدى عشرة طريقة، الطريقة الأولى: الكرة المنتصبة وساعاتها اثنتا عشرة ساعة مستوية وهي مدار خط الاستواء، والطريقة الثانية: الخليج المسمى أواليطيس وساعاتها اثنتا عشرة ساعة ونصف وعرضها ثماني درجات وثلث درجة ونصف سدس، وهذا ما بين خط الاستواء ومبدأ الإقليم الأول، وقد جعل هذه الطريقة منه، والطريقة الثالثة: الجزيرة المسماة مارويى وهي اليمن الإقليم الأول وساعاتها ثلاث عشرة ساعة وعرضها ستة عشر جزءًا وربع وخمس، والطريقة الرابعة الجزيرة المسماة سويني يريد الحجاز وساعاتها ثلاث عشرة ونصف، وعرضها مقطع الميل وهو ثلاث وعشرون درجة وإحدى وخمسون دقيقة، والطريقة الخامسة: أسافل بلاد مصر وساعاتها أربع عشرة ساعة، وعرضها ثلاثون جزءًا وخمس وسدس جزء. والطريقة السادسة: الجزيرة المسماة رودس وهي بابل وساعاتها أربع عشرة ساعة ونصف عرضها ستة وثلاثون جزءًا، والطريقة السابعة: البلاد المسماة ألسبنطس وساعاتها خمس عشرة وعرضها أربعون جزءًا وتسعة أعشار وثلث عشر من جزء، والطريقة الثامنة: بوسط بحر بنطس وساعاتها خمس عشرة ونصف خمسة وأربعون جزءًا، والطريقة التاسعة: بمغايض النهر المسمَّى بورسطانس وساعاتها ست عشرة وعرضها ثمانية وأربعون جزءًا ونصف وثلث عشر، والطريقة العاشرة بأقاصي الجنوب من بلاد برطانيا وساعاتها ست عشرة ساعة ونصف وعرضها واحد وخمسون جزءًا ونصف، والطريقة الحادية عشرة: بمغايض طانايس وساعاتها سبع عشرة وبُعدها أربعة وخمسون جزءًا وسدس عشر. والأقاليم من هذه الطرائق السبع الجزيرة المسماة مارويى وهي اليمن من الإقليم الأول، والثاني الجزيرة المسماة سوينى والثالث أسافل أرض مصر، والرابع جزيرة رودس والخامس البلاد المسماة السبنطس والسادس وسط بحر بنطس والسابع مخرج النهر المسمى بورسطانس. اختلاف الناس في العرض والطول
أما العرض فإن من الناس من يعد الإقليم الأول من حد وتر خط الاستواء إلى أقصى حده من الشمال، ومنهم من يجعل البحر الزِّنجي حاجزًا بين الإقليم الأول بين وسط خط الاستواء، وذلك ما عرضه ثماني درجات وخمس وعشرون دقيقة وساعاته اثنتا عشرة ونصف ومن الخلفة في عرضه ما يخالف به حساب صنعاء في عرضها وعرض مأرب وظلهما، وذلك أنهم يذكرون أن ظل رأس الحمل بصنعاء ثلاث أصابع وعشر، وعرضها أربع عشرة ونصف، ومأرب سبأ يكون مثل ذلك لأنها محاذية لها على خط السَّمت الطولي فهي مشرق صنعاء وصنعاء مغربها وبينهما مسافة يومين للمفرد، وارتفاع سهيل عليها حسَّاب صنعاء، وأما قياس طوله المأموني فقد يخالفهم شيئًا، وهذا دليل على أن وسط هذا الإقليم وادي نجران من أرض اليمن ومكة آخر حد اليمن، ومما يعدل قولهم أنا نجد عرض مدينة سبأ لبطليموس ستة عشر جزءًا وربعًا وخمسا من جزء، وهي على ما ذكرناه، ثم نجده جعل عرض ظفار أربعة عشر جزءًا، وهذا من قياسه بظفار يشهد لحسّاب صنعاء لأن ظفار على ذائرة انتصاف نهار صنعاء من جهة الجنوب وبينهما بالتقريب ثلاثة أيام، ولعل بطليموس أراد فلاة مأرب أرض سبأ فهي فلاة يشرع عليها بيحان ومأرب والجوف ونجران والهجيرة وأعراض ترج وبيشة وتبالة، وكان أشهر هذه المواضع الشارعة على هذه الفلاة مدينة سبأ.
وأما الطول فإن أهل المغرب من اليونانيين والروم نظروا أقصى عماراتهم فكان ذلك منها بالقرب من البحر المظلم الآخذ على ما بين شمال المغرب وجنوبه فصيروه الحد، ثم جعلوا نهاية الطول في المشرق على مسافة اثنتي عشرة ساعة وهو ثمانون ومئة درجة مستقيمة. إذ كان جميع دوائر آفاق البلدان يقطع من الفلك ظاهرًا وباطنًا على هذا المقدار، وأما أهل المشرق من الهند ومن يليهم ومن الصين وغيرها فإنهم خالفوا اليونانيين فجعلوا أول المشرق خلف الذي جعله أولئك بثلاث عشرة درجة ونصف وهو قدر ساعة إلا عشرًا، ثم جعلوا حد المغرب دون ما جعله أهله بهذا المقدار، وصار كل واحد من الفرقتين يجعل قبة الأرض التي يحسب عليها مواضع الكواكب على تسعين درجة من حده الذي حده، فأما أهل المشرق فإنهم جعلوا مبتدأ العمران من حيث يبلغه البالغ في أقاصي الصين كالمواضع التي يبلغها البالغ بعد حدود الأقاليم في الشمال ويكون أول مطلع الشمس على هذا الحد وهو نصف ليل أهل القبة التي وضع عليها حساب السِّند هند، فمن عمل بأطوال بطليموس من هؤلاء فإنه ينقص من أطواله ثلاث عشرة درجة ونصفا ليكون ما يبقي بعد مدينته من المغرب ثم ينقص ذلك من مئة وثمانين، فإن كان ما يبقى أقل من تسعين فمدينته خلف القبة إلى ما يلي المشرق، وإن بقي أكثر من تسعين درجة فمدينته دون القبة إلى المغرب، وإن بقي تسعون فهي تحت دائرة انتصاف نهار القبة، ومثال ذلك أن بطليموس جعل طول ظفار باليمن ثمانية وسبعين جزءًا، فإذا نقصناها من ثمانين ومئة جزء بقي مئة وجزءان وهو طولها من المشرق على حد المغربيين، وتطلع عليها الشمس بعد طلوعها على أهل القبة بأربعة أخماس ساعة، فهذا المقدار لمن أخذ بقول بطليموس، ومن أخذ بقول أصحاب السَّند هند فإنه ينقص من طول ظفار الذي ذكرناه ثلاث عشرة درجة ونصفًا، فيبقى أربع وستون درجة ونصف وهو طولها من المغرب عند من يرى رأي أهل المشرق، فإن نقص هذا الطول من طول ثمانين ومئة بقي مئة وخمسة عشر جزءًا ونصف وهو طولها من المشرق، وتطلع عليها الشمس بعد طلوعها على أهل القبة بساعة مستوية ونصف وخمس ساعة. وطول صنعاء عند حسابها من المشرق مئة وثمانية عشر جزءًا وهو يخالف طول ظفار
لبطليموس لأن طولهما لا يكون إلا واحدًا. ما أتى عن بطليموس القلوذي في طبائع أهل العمران من الأرض على الجملة لما كانت الكواكب مشتركة التدبير في بقاع الأرض خالطة بين الوسط والطرف كان من حسن التأليف وانسياق النظام أن نذكر الكل ليعرف ما لجزيرة العرب من الطبائع الخاصيِّة والعاميَّة، وأن يظهر ما وسمها به الحكماء مما في أهلها موجود ومعاين، فأما في الجملة فإن العامر من الأرض الأعلى من ربيعها الشماليين هو عنده على ثلاث خبَّات متفاوتة. فالخبَّة الأولى ما كان من خط الاستواء تحت مجاري الكواكب إلى مسامته منقطع الميل من رأس السرطان، وذلك سمت ما بين مكة والمدينة وما حاذاه شرقًا وغربًا، والخبَّة الثانية من هذا العرض إلى ما زاد على الميل مثل نصفه، وذلك حيث يكون العرض ستة وثلاثين جزءًا من المشرق إلى المغرب، والخبَّة الثالثة من هذا العرض إلى أقصى العمران ومسامته من الفلك مدار بنات نعش.
قال: فالذين مساكنهم فيما بين رأس الحمل ورأس السرطان وهو ما بين خط الاستواء وموسط الحجاز وما أخذ أخذه شرقًا وغربًا فقد يعرض لهم أن الشمس يحرقهم ممرها على سمت رؤوسهم، فتكون أبدانهم سودًا وشعورهم سودًا جعدة كثيفة ووجوههم قحلة وجثثهم قصيفة وطبائعهم حارة وأخلاقهم في أكثر الأمر وحشية لدوام الحر في موضع مسكنهم واتصاله بهم. قال: وهم الذين نسميهم باسم عام الحبش. ولسنا نراهم على هذه الحال من الحرارة فقط بل يظهر الحر الشديد في الهواء المحيط بهم أيضًا في سائر الحيوان والنبات الذي عندهم. قال أبو محمد: إن الحكيم وإن نسب هذه الخبة إلى الحبشة فإن الحبشة أقل من فيها وفيها من هو أشد سوادًا منهم ومن هو أصفى منهم ألوانًا ومن يخالف الجميع بالبياض وباعتدال الألوان وبالخضرة والأدمة مثل ساكني طرف هذه الخبة من الصين ومن جزيرة العرب، ولذلك علل قد ذكرناها في كتاب سرائر الحكمة. قال بطليموس: وأما الذين يسكنون تحت مدار بنات نعش فإنهم لما كان بعدهم عن فلك البروج وعن حرارة الشمس بعدًا كثيرًا صار البرد عليهم أغلب ولما كان ما يصل إليهم من الرطوبة شيء كثير غزير الغذاء ولم يكن هناك حرارة تنشفها صارت ألوانهم بيضاء وشعورهم سبطًا وأبدانهم عظيمة مخصبة، وطبائعهم مائلة إلى البرد، وأخلاق هؤلاء القوم أيضًا وحشية لدوام البرد في مواضع مساكنهم اتصاله، وكلما وجد فيهم فهو موجود في دوابهم وثمارهم من العظم والقوة واختلاف التأليف.
وأما الذين يسكنون في الوسط فيما بين مدار بنات نعش ومدار رأس السرطان، فإن الشمس لما كانت لا تصل إلى موضع سمت رؤوسهم - ولم يكن بعدها عنهم في أوقات انتصاف النهار بعدًا كثيرًا، فكان مزاج هوائهم معتدلًا فكان قد يختلف إلا أنه لا يعرض له تغير كثير من الحر إلى البرد ومن البرد إلى الحر - صارت ألوان هؤلاء متوسطة ومقادير أبدانهم معتدلة وطبائعهم حسنة المزاج ومساكنهم متصلة وأخلاقهم أنيسة. ومن كان من هؤلاء يميل إلى ناحية الجنوب فهو في أكثر الأمر أذكى وأحيل وأقوى على العلم بأمور الآلهة لقرب فلك البروج والكواكب المتحيرة من موضع سمت رؤوسهم، وحركات أنفسهم تليق بحركات الكواكب في سرعة وقوفها على الشيء، وإنها ذوات فحص ونظر في العلوم التي تسمى التعليمية - أي علم النجوم والحساب - كأنه يريد أداني بابل فبلد فارس فذاهبا إلى المغرب على أرض مصر وجزيرة يونان - ومن كان منهم بالجملة مائلًا إلى ناحية المشرق فهم أكثر تذكرًا وأقوى انفسًا ويظهرون جميع أمورهم، لأن ناحية المشرق من طباع الشمس وهي ناحية نهارية مذكرة ومتيامنة، كما يرى في الحيوان أن الأعضاء المتيامنة منه أقوى وأعون على الشدة والجلد ويكون دواب هذه الناحية أقوى وأعمل وأصبر من غيرها. وأما الذين يميلون إلى ناحية المغرب فهم أكثر تأنيثًا وأنفسهم ألين ويخفون أمورهم في أكثر الأمر ويسترونها، لأن هذه الناحية قمرية ومن شأن القمر أبدًا أن يكون أول طلوعه وظهوره بعد الاجتماع من ناحية مهب الرياح الغربية المسماة بالدبور، ولذلك يظن بهذه الناحية أنها ليلية مؤنثة متياسرة ضد الناحية الشرقية، وكل واحدة من هذه النواحي الكلية يلزم أن يكون فيها أحوال جزئية من أحوال الأخلاق والسنن الطبيعية، كما أن أحوال الهواء المحيط تختلف في المواضع التي ذكرناها حارة على أكثر الأمر أو باردة أو معتدلة على أكثر الأمر، وتخص مواضع وبلدانًا منها بالزيادة والنقصان إما لمرتبة الموضع في الوضع وإما لارتفاعه وانخفاضه وإما لمجاورته ما يجاوره. وكما أن بعض الناس أيضًا فلاحون خاصة لسهولة أرضهم، وغيرهم نواتي وملاحون لقرب البحر منهم، وآخرون أهل خفض ودعة وأنس ويسار لخصب بلادهم وكثرة خيرها، وكذلك يجد
الإنسان طباعًا خاصية في كل واحدة من البلدان من المشاكلة الطبيعية التي فيما بين الأقاليم الجزئية وبين الكواكب والبروج، وهذه الاختلافات التي ذكرناها إنما ذكرناها
والدائرة الموازية الثالثة: هي الدائرة التي يصير أطول ما يكون من النهار فيها اثنتي عشرة ساعة ونصفًا، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار وخط الاستواء ثمانية أجزاء وخمس وعشرون دقيقة، وترسم مارة بالخليج المسمى أو اليطيس وهذه الدائرة أيضًا من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذا كانت الشمس تصير على سمت الرؤوس ممن يسكن تحتها مرتين، والمقاييس فيها إذا كان بعد الشمس من الانقلاب الصيفي إلى كل واحدة من الجهتين تسعة وستين جزءًا - يريد ما بين إحدى وعشرين درجة من الحمل إلى تسع درجات من السنبلة - ولا ظل لها في أوقات توسط الشمس السماء عليها، فالشمس إذا كانت تسير في هذه المئة والثمانية والثلاثين جزءًا كان وقوع أظلال المقاييس إلى ناحية الجنوب عنها، وإذا كان مسيرها في الأجزاء الباقية - وهي مئتا جزء واثنان وعشرون جزءًا - كان وقوع الأظلال إلى ناحية الشمال عنها، ويكون ظل رأس الحمل بها إصبعًا وستًا وأربعين دقيقة وخمسًا وعشرين ثانية من إصبع، ومبلغ ظلها في الانقلاب الصيفي ثلاث أصابع وثماني عشرة دقيقة وثمانيًا وثلاثين ثانية من إصبع، وظل الانقلاب الشتوي من رأس الجدي بها سبع أصابع وأربع وثمانون دقيقة وثمان وأربعون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية الرابعة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها اثنتي عشرة ساعة ونصفًا وربع ساعة، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار اثنا عشر جزءًا ونصف جزء، وترسم مارة بالخليج المسمى أودوليطيقوس وهذه الدائرة أيضًا من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذا صارت الشمس على سمت الرؤوس عند من يسكن تحتها أيضًا مرتين، والمقاييس فيها إذا كان بعُد الشمس من الانقلاب الصيفي في رأس السرطان إلى كل واحدة من الجهتين سبعة وخمسين جزءًا وثلثي جزء، ولا ظل لها في أوقات توسط الشمس السماء عليها فالشمس ما دامت تسير في هذه المئة والخمسة عشر جزءًا وثلث جزء - يريد ما بين درجتين وثلث من الثور إلى سبع وعشرين درجة وثلثي درجة من الأسد - يكون وقوع إظلال المقاييس إلى ناحية الجنوب عنها؛ فإذا كان مسيرها في أجزاء الفلك الباقية وهي مئتا جزء وأربعة وأربعون وثلثا جزء، كان فيها إلى ناحية الشمال عنها، ويكون ظل رأس الحمل على هذا الموضع إصبعين وتسعًا وثلاثين دقيقة وثلاثين ثانية من إصبع، ومنتهى ظل الصيف في رأس السرطان: إصبعان وأربع وعشرون دقيقة وثلاث وثلاثون ثانية من إصبع، ومنتهى في ظل الشتاء في رأس الجدي: ثماني أصابع وخمسة أسداس إصبع.
والدائرة الموازية الخامسة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثلاث عشرة ساعة، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ستة عشر جزءًا وسبع وعشرون دقيقة، وترسم مارة بالجزيرة المسماة ما روى - يريد مأرب أرض سبأ - وهذه الدائرة أيضًا من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذ كانت الشمس تصير على سمت الرؤوس عند من يسكن تحتها مرتين، والمقاييس فيها إذا كان بعد الشمس من الانقلاب الصيفي - يعني رأس السرطان إلى كل واحدة من الجهتين - خمسة وأربعين جزءًا، ولا ظل لها في أوقات توسط الشمس السماء عليها مسامته لها - يريد بهذه الأجزاء من نصف الثور إلى أول السرطان إلى نصف برج الأسد - فإذا كانت الشمس تسير في هذه التسعين جزءًا كان وقوع الأظلال إلى ناحية الجنوب عنها، وإذا كان مسيرها في باقي أجزاء الفلك - وهي مئتان وسبعون جزءًا - كان وقوع الأظلال إلى ناحية الشمال، ويكون ظل رأس الحمل على هذا الموضع ثلاث أصابع واثنين وثلاثين دقيقة وثماني عشرة ثانية ويكون ظل رأس السرطان عليها إصبع وثلاث وثلاثون دقيقة واثنتا عشرة ثانية، وظل رأس الجدي عليها عشر أصابع وعشر دقائق، وست وثلاثون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية السادسة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثلاث عشرة ساعة وربعًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدّل النهار عشرون جزءًا وأربع عشرة دقيقة، وترسم مارَّة بالمواضع المسماة ناباطو يريد أجزاء الإقليم الأول فيما شارف مكة، وهذه الدائرة أيضًا من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذا كانت الشمس تصير فيها على سمت الرؤوس مرتين، والمقاييس في انتصاف النهار إذا كان بعد الشمس من الانقلاب الصيفي إلى كل واحدة من جهته أحدًا وثلاثين جزءًا - يريد آخر جزءٍ من الثور، وأول جزء من الأسد - ولا ظل للشمس في هذين الجزءين، وهما في مسامتة هذا الموضع، وإذا جازت من هذين الجزءين في الشمال وقعت الأظلال في الجنوب، وإذا كان مسيرها في باقي أجزاء الفلك وهي مئتا جزء وثمانية وتسعون جزءًا كان سقوط الأظلال إلى ناحية الشمال، وظل رأس الحمل في هذا الموضع أربع أصابع وعشرون دقيقة وست عشرة ثانية، وعلى رأس السرطان خمس وأربعون دقيقة وأربع عشرة ثانية من إصبع وظل رأس الجدي أحد عشر إصبعًا وسبع وثلاثون دقيقة وخمس ثوان من إصبع.
والدائرة الموازية السابعة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثلاث عشرة ساعة ونصفًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار، ثلاثة وعشرون جزءًا وإحدى وخمسون دقيقة، وهي سمت أقصى الميل، وترسم مارة بالجزيرة المسماة سوينى - يريد الحجاز - وهذه الدائرة أول الدوائر التي تسمى ذوات ظل واحد، وذلك أن أظلال المقاييس في انتصاف النهار لا تقع عند من يسكن تحتها في وقت من الأوقات إلى ناحية الجنوب لكن الشمس في الانقلاب الصيفي نفسه فقط تصير على سمت رؤوسهم، ولا يرى للمقاييس حينئذ ظل، وذلك أن بُعدهم عن معدل النهار هو بعد الانقلاب الصيفي عنه، وأما سائر الزمان كله فإن أظلال المقاييس تقع عندهم إلى ناحية الشمال، وظل رأس الحمل في هذا المكان خمس أصابع وثماني عشرة دقيقة وخمس وأربعون ثانية من إصبع، ولا ظل لرأس السرطان كما ذكرنا لمسامتته هذا الوضع، وظل راس الجدي عليه ثلاث عشرة إصبعًا، وإحدى عشرة دقيقة وست وثلاثون ثانية من إصبع، وجميع الدوائر التي هي أميل إلى الشمال من هذه الدائرة لا ظل لها جنوبيّ إلى أقصى الشمال إذ كانت الشمس لا تبلغهم. والدائرة الموازية الثامنة: هي التي تصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثلاث عشرة ساعة ونصفا وربعًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار سبعة وعشرون جزءًا وخمس جزء، وترسم مارة بالمدينة المسماة بطولامايس وهي المعروفة بأرميس فيبلاد تيبايس وظل رأس الحمل في هذا الموضع ست أصابع وعشر دقائق واثنتا عشرة ثانية من إصبع ويكون ظل الصيف في رأس السرطان اثنتين وأربعين واثنتي عشرة ثانية من إصبع ويكون ظل الشتاء عليه في رأس الجدي أربع عشرة إصبعًا وخمسين دقيقة وسبعا وثلاثين ثانية من إصبع.
والدائرة الموازية التاسعة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها أربعٍ عشرة ساعة من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ثلاثون جزءًا واثنتان وعشرون دقيقة، وترسم مارة بأسفل أرض مصر وما أخذها شرقًا وغربا؟ وظل رأس الحمل في هذا الموضع سبع أصابع ودقيقتان وأربع عشرة ثانية من إصبع ويكون به الظل الصيفي من رأس السرطان إصبعًا واثنتين وعشرين دقيقة واثنتي عشرة ثانية من إصبع ويكون به ظل الشتاء من رأس الجدي ست عشرة إصبعًا وتسعًا وثلاثين دقيقة وأربع عشرة ثانية من إصبع. والدائرة الموازية العاشرة: هي التي يصير أطول ما يكون النهار فيها أربع عشرة ساعة وربعًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ثلاثة وثلاثون جزءًا وثماني عشرة دقيقة، وترسم مارة بوسط بلاد الشام، وظل رأس الحمل بها سبع أصابع وثلاث وخمسون دقيقة وأربع وعشرون ثانية من إصبع، والظل الصيفي من رأس السرطان إصبع وتسع وخمسون دقيقة وإحدى وخمسون ثانية من إصبع يكون إصبعين بالتقريب، وظل الشتاء من رأس الجدي ثماني عشرة إصبعًا وخمس وثلاثون دقيقة وسبع وعشرون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية الحادية عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها أربع عشرة ساعة ونصفًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ستة وثلاثون جزءًا، وترسم مارة بالجزيرة المسماة رودس يريد بابل، وظل رأس الحمل هنالك ثماني أصابع ثلاث وأربعون دقيقة من إصبع وظل رأس السرطان إصبعان وأربع وثلاثون دقيقة وسبع وخمسون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي بها عشرون إصبعًا وتسع وثلاثون دقيقة وتسع وثلاثون ثانية من إصبع.
والدائرة الموازية الثانية عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها أربع عشرة ساعة ونصفًا وربعًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ثمانية وثلاثون جزءًا وخمس وثلاثون دقيقة، وترسم مارة بالجزيرة المسماة بسمورنا وظل رأس الحمل فيها تسع أصابع وثلاث وثلاثون دقيقة وخمس وعشرون ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان الصيفي ثلاث أصابع وست عشرة ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان الصيفي ثلاث أصابع وست عشرة ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي الشتوي اثنتان وعشرون إصبعًا وتسع وخمسون دقيقة وأربع وثلاثون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية الثالثة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار بها خمس عشرة ساعة من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار أربعون جزءًا وست وخمسون دقيقة، ترسم مارة بالبلاد المسماة السنطس وظل رأس الحمل بها عشر أصابع وأربع وعشرون دقيقة واثنتان وثلاثون ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان الصيفي بها ثلاث أصابع وإحدى وأربعون دقيقة وعشر ثوان من إصبع، وظل رأس الجدي الشتوي بها خمس وعشرون إصبعا وتسع وعشرون دقيقة وست عشرة ثانية. والدائرة الموازية الرابعة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها خمس عشرة ساعة وربعًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ثلاثة وأربعون جزءًا وأربع دقائق، وترسم مارة بالجزيرة المسماة ماساليا وظل رأس الحمل بها إحدى عشرة إصبعا وسبع عشرة دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان الصيفي بها أربع أصابع وثلاث عشرة دقيقة وست وثلاثون ثانية من إصبع، ومنتهى الظل الشتوي من رأس الجدي بها ثمان وعشرون إصبعا وأربع وعشرون ثانية من إصبع.
والدائرة الموازية الخامسة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها خمس عشرة ساعة ونصفًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار خمسة وأربعون جزءًا ودقيقة واحدة، وترسم مارة بوسط بحر (بُنْطُس) وظل رأس الحمل بها اثنتا عشرة إصبعا وست وعشرون ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان الصيفي أربع أصابع وثمان وثلاثون دقيقة وثلاثون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي الشتوي إحدى وثلاثون إصبعا وثلاث دقائق وثمان وعشرون ثانية. والدائرة الموازية السادسة عشر: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها خمس عشرة ساعة ونصفا وربعًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ستة وأربعون جزءًا وإحدى وخمسون دقيقة، ترسم مارة بعيون النهر المسمى اسطَروس وظل رأس الحمل بها اثنتا عشر إصبعا وثمان وأربعون دقيقة وست ثوان من إصبع، منتهى ظل الصيف بها خمس أصابع وعشر إصبع، ومنتهى ظل الشتاء بها أربع وثلاثون إصبعا وسبع عشر دقيقة وست ثوان. والدائرة الموازية السابعة عشر: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون النهار فيها ست عشرة ساعة مستوية، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ثمانية وأربعون جزءًا واثنتان وثلاثون دقيقة وترسم مارة بمخارج النهر المسمى بورسطانس وظل رأس الحمل به ثلاث عشرة إصبعا وأربع وثلاثون دقيقة. وست وخمسون عشرة ثانية من إصبع، والظل الصيفي من رأس السرطان خمس أصابع وإحدى وثلاثون دقيقة وخمس عشرة ثانية من إصبع، والظل الشتوي من رأس الجدي سبع وثلاثون إصبعًا وتسع وأربعون دقيقة وسبع عشرة ثانية. والدائرة الموازية الثامنة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ست عشرة ساعة وربعًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار خمسون جزءًا وأربع دقائق، وترسم مارة بوسط البحيرة المسماة ما أوطس وظل رأس الحمل فيها أربع عشرة إصبعًا وخمس وعشرون دقيقة وخمس وأربعون ثانية من إصبع وظل رأس السرطان خمس أصابعٍ وسبع وخمسون دقيقة وأربع وعشرون ثانية، وظل رأس الجدي اثنتان وأربعون إصبعًا وثماني دقائق وست وثلاثون ثانية من إصبع.
والدائرة الموازية التاسعة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ست عشرة ساعة ونصفًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار واحد وخمسون جزءًا ونصف جزء، وترسم مارة بأقاصي ناحية الجنوب من بلاد برطانيا وظل رأس الحمل هناك خمس عشرة إصبعًا ونصف سدس إصبع، وظل رأس السرطان ست أصابع وسبع عشرة دقيقة وأربع وعشرون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي خمس وأربعون إصبعًا وإحدى وأربعون ثانية من إصبع والدائرة الموازية العشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ست عشرة ساعة ونصفًا وربعًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار اثنان وخمسون جزءا وخمسون دقيقة، وترسم مارة بمغايض رينس وظل رأس الحمل هناك خمس عشرة إصبعًا وسبع وأربعون دقيقة وعشرون ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان ست أصابع وتسعٍ وثلاثون دقيقة وأربع وأربعون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي خمسون إصبعًا وثلاث وأربعون دقيقة وثمان وأربعون ثانية من إصبع والدائرة الموازية الحادية والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها سبع عشرة ساعة مستوية، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار أربعة وخمسون جزءًا ودقيقة واحدة، وترسم مارة بمغايض طانايس وظل رأس الحمل هناك ست عشرة إصبعًا وإحدى وثلاثون دقيقة وثمان وثلاثون ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان ست أصابع وثمان وخمسون دقيقة وخمسون دقيقة وخمسون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي خمس وخمسون إصبعًا وخمسون دقيقة واثنتان وخمسون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية الثانية والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها سبع عشرة ساعة وربعًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار خمسة وخمسون جزءًا، وترسم مارة بالموضع المسمى بريغانطيس من بلاد برطانيا الكبرى، وظل رأس الحمل في هذا المكان سبع عشرة إصبعًا وثماني دقائق، وظل رأس السرطان سبع أصابع وخمس عشرة دقيقة وثلاث وثلاثون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي ستون إصبعًا وست وخمسون دقيقة وسبع وعشرون ثانية من إصبع.
والدائرة الموازية الثالثة والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون النهار فيها سبع عشرة ساعة ونصفًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ستة وخمسون جزءًا، وترسم مارة بوسط بلاد برطانيا الكبرى، وظل رأس الحمل فيه سبع عشرة إصبعًا وسبع وأربعون دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان سبع أصابع واثنتان وثلاثون دقيقة واثنتان وأربعون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي سبع وستون إصبعًا وست دقائق وتسع ثوانٍ من إصبع. والدائرة الموازية الرابعة والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون النهار فيه سبع عشرة ساعة ونصفًا وربعًا من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار سبعة وخمسون جزءًا، وترسم مارة بالموضع المسمى قاطورقطونيس من بلاد برطانيا وظل رأس الحمل في هذا المكان ثماني عشرة إصبعًا وتسع وعشرون دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان سبع أصابع وخمسون دقيقة واثنتان وأربعون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي أربع وسبعون إصبعًا وسبع وثلاثون دقيقة وأربع وعشرون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية الخامسة والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثماني عشرة ساعة من ساعات الاستواء، وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ثمانية وخمسون جزءًا، وترسم مارة بنواحي الجنوب من بلاد برطانيا الصغرى، وظل رأس الحمل في هذا الموضع تسع عشرة إصبعًا وخمس أصابع، وظل رأس السرطان بها ثماني أصابع وثماني دقائق واثنتان وأربعون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي ثلاث وثمانون إصبعًا وست وخمسون دقيقة وست وثلاثون ثانية من إصبع. والدائرة الموازية السادسة والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون النهار فيها ثماني عشرة ساعة ونصفًا من ساعات الاستواء، وبعد هذه الدائرة من معدل النهار تسعة وخمسون جزءًا ونصف جزء وترسم مارة بالمواضع الوسطى من بلاد برطانيا الصغرى وظل رأس الحمل هناك ٢٠و٢٥و٣ وظل رأس السرطان ٨و٣٦و٢١ وظل رأس الجدي.
قال: وإنما لم نستعمل في هذه المواضع التفاصيل بربع ساعة من قبل أن الدوائر الموازية تصير حينئذ متقاربات متصلًا بعضها ببعض واختلاف الارتفاعات لا يجتمع منه عند ذلك ولا جزء واحد على التمام، ومن قبل أنه لا يجب لنا نستقصي أمر الدوائر التي هي أميل من الدوائر التي ذكرناها إلى الشمال على مثال ما استقصينا شرح أمر تلك الدوائر، ولذلك رأينا أن وضعنا أيضًا نسبة المقاييس إلى الأظلال فيها كما توضع، وكما فعلنا في المواضع المعروفة المحدودة من الفصل. فأما الموضع الذي مبلغ أطول ما يكون النهار فيه تسع عشر ساعة من ساعات الاستواء، فإن بعد دائرته الموازية من معدل النهار أحد وستون جزءًا وترسم مارة بأقاصي الشمال من بلاد برطانيا الصغرى ولم يذكر ظلًا فانا علمناه، وظل رأس الحمل هناك إحدى وعشرون إصبعًا وتسع وثلاثون دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان تسع أصابع وخمس دقائق وثلاث وثلاثون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي مئة وثلاث وثلاثون إصبعًا. والموضع الذي مبلغ أطول ما يكون من أيام النهار فيه تسع عشرة ساعة ونصف ساعة من ساعات الاستواء يكون بعد دائرته الموازية من معدل النهار اثنين وستين جزءًا وترسم مارة بالجزيرة المسماة أبودوهي اورنقى ولم يذكر ظلا، وظل رأس الحمل هناك اثنتان وعشرون إصبعًا وأربع وثلاثون دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان تسع أصابع وثلاث وعشرون دقيقة وسبع وعشرون ثانية من إصبع، وظل رأس الجدي مئة وست وستون إصبعًا وخمس وعشرون دقيقة وسبع وخمسون ثانية من إصبع. والموضع الذي مبلغ أول ما يكون النهار فيه عشرون ساعة من ساعات الاستواء، يكون بعد دائرته الموازية من معدل النهار ثلاثة وستين جزءًا وترسم مارة بالجزيرة المسماة ثولي ولم يذكر ظلا، وظل رأس الحمل هناك ثلاث وعشرون إصبعًا وثلاث وثلاثون دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان تسع أصابع وست وأربعون دقيقة وتسع ثوان من إصبع، وظل رأس الجدي عشرون ومئتا إصبع وثلاث وعشرون دقيقة وأربع وعشرون ثانية من إصبع.
والموضع الذي مبلغ أطول ما يكون من النهار فيه إحدى وعشرون ساعة من ساعات الاستواء فإن بعد دائرته الموازية من معدل النهار أربعة وستون جزءًا ونصف جزء وترسم مارة بأمم لا يعرفون ولا يعدون من الصقالبة، ولم يذكر ظلًا، وظل رأس الحمل هناك خمس وعشرون إصبعًا وسدس إصبع وظل رأس السرطان عشر أصابع ... وظل رأس الجدي أربع وستون وأربعمئة إصبع، واثنتان وعشرون دقيقة وثمان وأربعون ثانية من إصبع. والموضع الذي مبلغ أطول ما يكون من النهار فيه اثنتان وعشرون ساعة من ساعات الاستواء، فإن بُعد تلك الدائرة الموازية من معدل النهار خمسة وستون جزءًا ونصف جزء وظل رأس الحمل هناك ست وعشرون إصبعًا وعشرون دقيقة وثلاثون ثانية من إصبع، وظل رأس السرطان عشر أصابع وأربعون دقيقة وثماني عشرة ثانية، وظل رأس الجدي ألف إصبع ومئة وخمسون إصبعًا وسبع عشرة دقيقة وتسع ثوان من إصبع. والموضع الذي يكون مبلغ أطول أيامه ثلاث وعشرون ساعة من ساعات الاستواء يكون بعد الدائرة الموازية عليه من معدل النهار ستة وستين جزءا وظل رأس الحمل هناك ست وعشرون إصبعا وسبع وخمسون دقيقة من إصبع، وظل رأس السرطان عشر أصابع وإحدى وخمسون دقيقة وسبع وعشرون ثانية ولا حدَّ لظل الجدي. والموضع الذي مبلغ أطول ما يكون النهار فيه أربع وعشرون ساعة من ساعات الاستواء فإن بعد دائرته الموازية من معدل النهار ستة وستون جزءًا ونصف جزء قال: وهذه أول الدوائر التي يقع الظل فيها دائرًا حول المقياس وكل ما انتصب، وذلك أن الشمس لمَّا كانت لا تغيب هناك في الانقلاب الصيفي وحده - يريد رأس السرطان - صارت أظلال المقاييس تقع إلى جميع جهات الأفق وفي هذا الموضع دائرة الإنقلاب الصيفي الموازية لمعدل النهار دائمة الظهور، ودائرة الانقلاب الشتوي الموازية لمعدل النهار دائمة الخفاء من قبل أنهما جميعًا يماسَّان الأفق فيه على المبادلة ويصير الدائرة المائلة أيضًا التي تمر بأوساط البروج هي الأفق إذا كان الطالع منها نقطة الاستواء الربيعي - أي رأس الحمل.
قال: فإن أحب محبٌّ من قبل الازدياد في العلم أن يبحث بوجه آخر من الدوائر أيضًا التي أميل إلى الشمال من الدوائر التي ذكرناها عن شيء من جمل ما يلزم فيها وجد الموضع الذي ارتفاع القطب الشمالي فيه سبعة وستون جزءًا بالتقريب وهي بُعده من معدل النهار الذي هو منطقة الاستواء، لا يغيب هناك خمسة عشر جزءًا من الدائرة التي تمر أوساط البروج التي عن كل واحدة من جنبتي رأس السرطان - يريد من نصف الجوزاء إلى نصف السرطان - حتى يكون مبلغ أطول ما يكون من النهار وهناك ودور الأظلال إلى جميع جهات الأفق قريبًا عن شهر واحد. وحيث يكون ارتفاع القطب تسعة وستين جزءًا ونصف جزء فإنك تجد هناك عن كل واحدة من جنبتي الانقلاب الصيفي ثلاثين جزءًا لا تغيب أصلًا - يريد من أول الجوزاء إلى آخر السرطان - حتى يكون أطول ما يكون من النهار هناك ودور إظلال المقاييس قريبًا من شهرين. وحيث يكون ارتفاع القطب وبعد الدائرة الموازية من معدل النهار ثلاثة وسبعين جزءًا وثلث جزء فإنك تجد هناك ن كل واحدة من جنبتي الانقلاب الصيفي خمسة وأربعين جزءًا لا تغيب - يريد ما بين نصف الثور ونصف الأسد - حتى يكون مبلغ أطول ما يكون من النهار هناك ودور إظلال المقاييس يمتد إلى قريب من ثلاثة أشهر. وحيث يكون ارتفاع القطب ثمانية وسبعين جزءًا وثلث جزء فإنك تجد هناك عن كل واحدة من جنبتي الانقلاب الصيفي ستين جزءًا لا تغيب، وهي من أول الثور إلى آخر الأسد، حتى يكون مبلغ أطول ما يكون من النهار هناك، ودور إظلال المقاييس قريبًا من أربعة أشهر. وحيث يكون ارتفاع القطب أربعة وثمانين جزءًا فإنك تجد هناك عن كل واحدة من جنبتي الانقلاب الصيفي خمسة وسبعين جزءًا لا تغيب، وهي من نصف الحمل إلى نصف السنبلة، حتى يكون مبلغ أطول ما يكون من النهار هناك قريبًا من خمسة أشهر وتكون أظلال المقاييس تدور حولها قريبًا من هذه المدة من الزمان.
وحيث يكون القطب الشمالي مرتفعًا عن الأفق أجزاء الربع بأسره وهي تسعون جزءًا فهناك النصف بأسره من الدوائر التي تمرُّ بأوساط البروج الذي هو أميل إلى الشمال عن دائرة معدل النهار لا يصير في وقت من الأوقات تحت الأرض، والنصف الذي هو أميل إلى الجنوب بأسره لا يصير في وقت من الأوقات فوق الأرض حتى يكون كل سنة يومًا واحدًا وليلة واحدة كل واحد منهما قريبًا من ستة أشهر، ويكون أظلال المقاييس في جميع الأوقات تدور حولها. ومن خواص هذا الميل إلى القطب الشمالي أن يكون على سمت الرؤوس الوتد - يريد القطب - وأن يكون دائرة معدل النهار يقوم هناك مقام الدائرة الأبدية الظهور، ومقام الدائرة الأبدية الخفاء ومقام دائرة الأفق إذ كانت تجعل النصف بأسره من الكرة الذي هو أميل منها إلى الشمال فوق الأرض في جميع الأوقات، والنصف الذي هو أميل إلى الجنوب تحت الأرض - يريد أن نقطة القطب الشمالي هي موسط سماء الموضع ونقطة قطب الجنوب هي وتده الأسفل.
فجميع هذا الذي ذكره عنده على أحد عشر صنفًا وإحدى عشرة طريقة، الطريقة الأولى: الكرة المنتصبة وساعاتها اثنتا عشرة ساعة مستوية وهي مدار خط الاستواء، والطريقة الثانية: الخليج المسمى أواليطيس وساعاتها اثنتا عشرة ساعة ونصف وعرضها ثماني درجات وثلث درجة ونصف سدس، وهذا ما بين خط الاستواء ومبدأ الإقليم الأول، وقد جعل هذه الطريقة منه، والطريقة الثالثة: الجزيرة المسماة مارويى وهي اليمن الإقليم الأول وساعاتها ثلاث عشرة ساعة وعرضها ستة عشر جزءًا وربع وخمس، والطريقة الرابعة الجزيرة المسماة سويني يريد الحجاز وساعاتها ثلاث عشرة ونصف، وعرضها مقطع الميل وهو ثلاث وعشرون درجة وإحدى وخمسون دقيقة، والطريقة الخامسة: أسافل بلاد مصر وساعاتها أربع عشرة ساعة، وعرضها ثلاثون جزءًا وخمس وسدس جزء. والطريقة السادسة: الجزيرة المسماة رودس وهي بابل وساعاتها أربع عشرة ساعة ونصف عرضها ستة وثلاثون جزءًا، والطريقة السابعة: البلاد المسماة ألسبنطس وساعاتها خمس عشرة وعرضها أربعون جزءًا وتسعة أعشار وثلث عشر من جزء، والطريقة الثامنة: بوسط بحر بنطس وساعاتها خمس عشرة ونصف خمسة وأربعون جزءًا، والطريقة التاسعة: بمغايض النهر المسمَّى بورسطانس وساعاتها ست عشرة وعرضها ثمانية وأربعون جزءًا ونصف وثلث عشر، والطريقة العاشرة بأقاصي الجنوب من بلاد برطانيا وساعاتها ست عشرة ساعة ونصف وعرضها واحد وخمسون جزءًا ونصف، والطريقة الحادية عشرة: بمغايض طانايس وساعاتها سبع عشرة وبُعدها أربعة وخمسون جزءًا وسدس عشر. والأقاليم من هذه الطرائق السبع الجزيرة المسماة مارويى وهي اليمن من الإقليم الأول، والثاني الجزيرة المسماة سوينى والثالث أسافل أرض مصر، والرابع جزيرة رودس والخامس البلاد المسماة السبنطس والسادس وسط بحر بنطس والسابع مخرج النهر المسمى بورسطانس. اختلاف الناس في العرض والطول
أما العرض فإن من الناس من يعد الإقليم الأول من حد وتر خط الاستواء إلى أقصى حده من الشمال، ومنهم من يجعل البحر الزِّنجي حاجزًا بين الإقليم الأول بين وسط خط الاستواء، وذلك ما عرضه ثماني درجات وخمس وعشرون دقيقة وساعاته اثنتا عشرة ونصف ومن الخلفة في عرضه ما يخالف به حساب صنعاء في عرضها وعرض مأرب وظلهما، وذلك أنهم يذكرون أن ظل رأس الحمل بصنعاء ثلاث أصابع وعشر، وعرضها أربع عشرة ونصف، ومأرب سبأ يكون مثل ذلك لأنها محاذية لها على خط السَّمت الطولي فهي مشرق صنعاء وصنعاء مغربها وبينهما مسافة يومين للمفرد، وارتفاع سهيل عليها حسَّاب صنعاء، وأما قياس طوله المأموني فقد يخالفهم شيئًا، وهذا دليل على أن وسط هذا الإقليم وادي نجران من أرض اليمن ومكة آخر حد اليمن، ومما يعدل قولهم أنا نجد عرض مدينة سبأ لبطليموس ستة عشر جزءًا وربعًا وخمسا من جزء، وهي على ما ذكرناه، ثم نجده جعل عرض ظفار أربعة عشر جزءًا، وهذا من قياسه بظفار يشهد لحسّاب صنعاء لأن ظفار على ذائرة انتصاف نهار صنعاء من جهة الجنوب وبينهما بالتقريب ثلاثة أيام، ولعل بطليموس أراد فلاة مأرب أرض سبأ فهي فلاة يشرع عليها بيحان ومأرب والجوف ونجران والهجيرة وأعراض ترج وبيشة وتبالة، وكان أشهر هذه المواضع الشارعة على هذه الفلاة مدينة سبأ.
وأما الطول فإن أهل المغرب من اليونانيين والروم نظروا أقصى عماراتهم فكان ذلك منها بالقرب من البحر المظلم الآخذ على ما بين شمال المغرب وجنوبه فصيروه الحد، ثم جعلوا نهاية الطول في المشرق على مسافة اثنتي عشرة ساعة وهو ثمانون ومئة درجة مستقيمة. إذ كان جميع دوائر آفاق البلدان يقطع من الفلك ظاهرًا وباطنًا على هذا المقدار، وأما أهل المشرق من الهند ومن يليهم ومن الصين وغيرها فإنهم خالفوا اليونانيين فجعلوا أول المشرق خلف الذي جعله أولئك بثلاث عشرة درجة ونصف وهو قدر ساعة إلا عشرًا، ثم جعلوا حد المغرب دون ما جعله أهله بهذا المقدار، وصار كل واحد من الفرقتين يجعل قبة الأرض التي يحسب عليها مواضع الكواكب على تسعين درجة من حده الذي حده، فأما أهل المشرق فإنهم جعلوا مبتدأ العمران من حيث يبلغه البالغ في أقاصي الصين كالمواضع التي يبلغها البالغ بعد حدود الأقاليم في الشمال ويكون أول مطلع الشمس على هذا الحد وهو نصف ليل أهل القبة التي وضع عليها حساب السِّند هند، فمن عمل بأطوال بطليموس من هؤلاء فإنه ينقص من أطواله ثلاث عشرة درجة ونصفا ليكون ما يبقي بعد مدينته من المغرب ثم ينقص ذلك من مئة وثمانين، فإن كان ما يبقى أقل من تسعين فمدينته خلف القبة إلى ما يلي المشرق، وإن بقي أكثر من تسعين درجة فمدينته دون القبة إلى المغرب، وإن بقي تسعون فهي تحت دائرة انتصاف نهار القبة، ومثال ذلك أن بطليموس جعل طول ظفار باليمن ثمانية وسبعين جزءًا، فإذا نقصناها من ثمانين ومئة جزء بقي مئة وجزءان وهو طولها من المشرق على حد المغربيين، وتطلع عليها الشمس بعد طلوعها على أهل القبة بأربعة أخماس ساعة، فهذا المقدار لمن أخذ بقول بطليموس، ومن أخذ بقول أصحاب السَّند هند فإنه ينقص من طول ظفار الذي ذكرناه ثلاث عشرة درجة ونصفًا، فيبقى أربع وستون درجة ونصف وهو طولها من المغرب عند من يرى رأي أهل المشرق، فإن نقص هذا الطول من طول ثمانين ومئة بقي مئة وخمسة عشر جزءًا ونصف وهو طولها من المشرق، وتطلع عليها الشمس بعد طلوعها على أهل القبة بساعة مستوية ونصف وخمس ساعة. وطول صنعاء عند حسابها من المشرق مئة وثمانية عشر جزءًا وهو يخالف طول ظفار
لبطليموس لأن طولهما لا يكون إلا واحدًا. ما أتى عن بطليموس القلوذي في طبائع أهل العمران من الأرض على الجملة لما كانت الكواكب مشتركة التدبير في بقاع الأرض خالطة بين الوسط والطرف كان من حسن التأليف وانسياق النظام أن نذكر الكل ليعرف ما لجزيرة العرب من الطبائع الخاصيِّة والعاميَّة، وأن يظهر ما وسمها به الحكماء مما في أهلها موجود ومعاين، فأما في الجملة فإن العامر من الأرض الأعلى من ربيعها الشماليين هو عنده على ثلاث خبَّات متفاوتة. فالخبَّة الأولى ما كان من خط الاستواء تحت مجاري الكواكب إلى مسامته منقطع الميل من رأس السرطان، وذلك سمت ما بين مكة والمدينة وما حاذاه شرقًا وغربًا، والخبَّة الثانية من هذا العرض إلى ما زاد على الميل مثل نصفه، وذلك حيث يكون العرض ستة وثلاثين جزءًا من المشرق إلى المغرب، والخبَّة الثالثة من هذا العرض إلى أقصى العمران ومسامته من الفلك مدار بنات نعش.
قال: فالذين مساكنهم فيما بين رأس الحمل ورأس السرطان وهو ما بين خط الاستواء وموسط الحجاز وما أخذ أخذه شرقًا وغربًا فقد يعرض لهم أن الشمس يحرقهم ممرها على سمت رؤوسهم، فتكون أبدانهم سودًا وشعورهم سودًا جعدة كثيفة ووجوههم قحلة وجثثهم قصيفة وطبائعهم حارة وأخلاقهم في أكثر الأمر وحشية لدوام الحر في موضع مسكنهم واتصاله بهم. قال: وهم الذين نسميهم باسم عام الحبش. ولسنا نراهم على هذه الحال من الحرارة فقط بل يظهر الحر الشديد في الهواء المحيط بهم أيضًا في سائر الحيوان والنبات الذي عندهم. قال أبو محمد: إن الحكيم وإن نسب هذه الخبة إلى الحبشة فإن الحبشة أقل من فيها وفيها من هو أشد سوادًا منهم ومن هو أصفى منهم ألوانًا ومن يخالف الجميع بالبياض وباعتدال الألوان وبالخضرة والأدمة مثل ساكني طرف هذه الخبة من الصين ومن جزيرة العرب، ولذلك علل قد ذكرناها في كتاب سرائر الحكمة. قال بطليموس: وأما الذين يسكنون تحت مدار بنات نعش فإنهم لما كان بعدهم عن فلك البروج وعن حرارة الشمس بعدًا كثيرًا صار البرد عليهم أغلب ولما كان ما يصل إليهم من الرطوبة شيء كثير غزير الغذاء ولم يكن هناك حرارة تنشفها صارت ألوانهم بيضاء وشعورهم سبطًا وأبدانهم عظيمة مخصبة، وطبائعهم مائلة إلى البرد، وأخلاق هؤلاء القوم أيضًا وحشية لدوام البرد في مواضع مساكنهم اتصاله، وكلما وجد فيهم فهو موجود في دوابهم وثمارهم من العظم والقوة واختلاف التأليف.
وأما الذين يسكنون في الوسط فيما بين مدار بنات نعش ومدار رأس السرطان، فإن الشمس لما كانت لا تصل إلى موضع سمت رؤوسهم - ولم يكن بعدها عنهم في أوقات انتصاف النهار بعدًا كثيرًا، فكان مزاج هوائهم معتدلًا فكان قد يختلف إلا أنه لا يعرض له تغير كثير من الحر إلى البرد ومن البرد إلى الحر - صارت ألوان هؤلاء متوسطة ومقادير أبدانهم معتدلة وطبائعهم حسنة المزاج ومساكنهم متصلة وأخلاقهم أنيسة. ومن كان من هؤلاء يميل إلى ناحية الجنوب فهو في أكثر الأمر أذكى وأحيل وأقوى على العلم بأمور الآلهة لقرب فلك البروج والكواكب المتحيرة من موضع سمت رؤوسهم، وحركات أنفسهم تليق بحركات الكواكب في سرعة وقوفها على الشيء، وإنها ذوات فحص ونظر في العلوم التي تسمى التعليمية - أي علم النجوم والحساب - كأنه يريد أداني بابل فبلد فارس فذاهبا إلى المغرب على أرض مصر وجزيرة يونان - ومن كان منهم بالجملة مائلًا إلى ناحية المشرق فهم أكثر تذكرًا وأقوى انفسًا ويظهرون جميع أمورهم، لأن ناحية المشرق من طباع الشمس وهي ناحية نهارية مذكرة ومتيامنة، كما يرى في الحيوان أن الأعضاء المتيامنة منه أقوى وأعون على الشدة والجلد ويكون دواب هذه الناحية أقوى وأعمل وأصبر من غيرها. وأما الذين يميلون إلى ناحية المغرب فهم أكثر تأنيثًا وأنفسهم ألين ويخفون أمورهم في أكثر الأمر ويسترونها، لأن هذه الناحية قمرية ومن شأن القمر أبدًا أن يكون أول طلوعه وظهوره بعد الاجتماع من ناحية مهب الرياح الغربية المسماة بالدبور، ولذلك يظن بهذه الناحية أنها ليلية مؤنثة متياسرة ضد الناحية الشرقية، وكل واحدة من هذه النواحي الكلية يلزم أن يكون فيها أحوال جزئية من أحوال الأخلاق والسنن الطبيعية، كما أن أحوال الهواء المحيط تختلف في المواضع التي ذكرناها حارة على أكثر الأمر أو باردة أو معتدلة على أكثر الأمر، وتخص مواضع وبلدانًا منها بالزيادة والنقصان إما لمرتبة الموضع في الوضع وإما لارتفاعه وانخفاضه وإما لمجاورته ما يجاوره. وكما أن بعض الناس أيضًا فلاحون خاصة لسهولة أرضهم، وغيرهم نواتي وملاحون لقرب البحر منهم، وآخرون أهل خفض ودعة وأنس ويسار لخصب بلادهم وكثرة خيرها، وكذلك يجد
الإنسان طباعًا خاصية في كل واحدة من البلدان من المشاكلة الطبيعية التي فيما بين الأقاليم الجزئية وبين الكواكب والبروج، وهذه الاختلافات التي ذكرناها إنما ذكرناها
ناپیژندل شوی مخ
على أكثر الأمر لا على التبعيض على أنه لابد من أن نذكر جمل الأشياء لجزئية بالمقدار الذي ينتفع به.
ما أتى عن بطليموس القلوذي في طبائع أهل العمران
من الأرض على التبعيض والتجزئة
قال بطليموس الحكيم: لما انقسمت دائرة البروج بأربعة أقسام وهي - المثلثات لأن كل قسم منها ثلاثة أبراج على طبيعة من الطبائع الأربع التي هي النار والأرض والهواء والماء - انقسم عامر الأرض بأربعة أقسام كل قسم منها منسوب إلى قسم من المثلثات في الطباع لأن كل محيط بطبع ما أحاط به على قدر طبيعته، فأول المثلثات النارية هي الحمل والأسد والقوس، والمثلثة الثانية الترابية وهي الثور والسنبلة والجدي، والمثلثة الثالثة الهوائية وهي الجوزاء والميزان والدَّلو، والمثلثة الرابعة المائية وهي السرطان والعقرب والسمكة، فمثلثة الحمل لشمال المغرب ووالي تدبيرها الأول المشتري لأنه شمالي، ثم يليها بعده المريخ أنه مغربيّ، ومثلثة الثور لمقابلة هذا القسم وهو جنوب المشرق ووالي تدبيرها الأول كوكب الزهرة لأنها جنوبية، ثم يليها بعده زحل لأنه مشرقي، ومثلثه الجوزاء لشمال المشرق وصاحب تدبيرها الأول زحل لأنه مشرقي ويليها بعده المشتري لأنه شمالي، ومثلثه السرطان لما قابل هذا القسم وهو جنوب المغرب ووالي تدبيره الأول المريخ لأنه مغربي، ثم يليه بعد الزُّهرة لأنها جنوبية. قال: فلما كانت هذه الأشياء كذلك وكان وضع سكناها ينقسم إلى أربعة أرباع متساوية في العدد للمثلثات أما عرضه فينقسم بالخط الذي يمر ببحرنا - يعني بحر الاسكندرية - ويبتدأ من الموضع الذي يقول مجاز إيراقليس ويأخذ إلى الخليج الذي يقال له أيسطيقوس وهو بالظهر الجبلي الذي يليه من ناحية المشرق وبهذا الخط ينفصل ما بين الناحية الجنوبية والشمالية منه، وينقسم طوله بالخط الذي يمر بالخليج العربي وباللُّجِّ الذي يقال له إيجيون وبفنطس وبالبحيرة التي يقال لها ماوطيس وهو الخط الذي
1 / 31
يفصل به بين المشرق والمغرب فصارت هذه الأرباع المنقسمة بهذين الخطين موافقة في الوضع للمثلثات، والربع الواحد من أرباع هذا الموضع المسكون كله - أعني الذي فيما بين الشمال والمغرب - هو في ناحية البلاد التي تسمى قالطوغالاطيا وهي التي يعمها اسم أوروفا، وأمم هذا الربع الصقالبة وفرنجة والإسبان وترك المغرب في الروم وقالي قلا. والربع الذي يقابل هذا الربع - يعني بين الصبا والجنوب - هو في ناحية البلاد التي يقال لها إتيوفيا الشرقية وهي الجزء الجنوبي من آسيا العظمى، والربع الثالث اعني الذي بين الشمال والصبا هو في ناحية البلاد التي يقال لها سقوتيا وهو الجزء الشمالي من أسيا العظمى، والربع المقابل لهذا الربع أعني الذي فيما بين مهبِّ الدبور والجنوب هو في ناحية البلاد التي يقال لها إتيوفيا الغربية وهي التي يعمها اسم بلاد ليبوا، يريد بشمال المغرب أرض الروم فما غرب منها وبشمال المشرق خراسان وما شرق منها وبجنوب المشرق السند والهند وما شرق عنها وبجنوب المغرب الحبش والزنج وما غرب عنها. قال أيضًا فإن لكل واحد من الأرباع التي تقدم ذكرها مما كان من أجزائه ما يلي وسط الأرض المسكونة، كلها فوضعه بقياسه إلى جميع ذلك الربع الذي هو منه ضد وضعه من جميع الأرض المسكونة، وذلك أن الربع المنسوب إلى أوروفا وهو الموضع بين الشمال والدبور من جميع الأرض المسكونة يكون وضع ما يلي منه وسط الأرض المسكونة يميل إلى الزاوية المقابلة للزاوية التي فيها ذلك الربع مائلًا إلى الجنوب والصّبا، وكذلك الأمر في سائر الأرض حتى يكون من ذلك لكل واحد من الأرباع مشاكل للمثلثتين المقابلتين وتكون الأجزاء التي تلي الوسط منه مائلة إلى الأمر الذي مال إليه ذلك الجزء الذي هو خلاف ما يميل إليه بكليته ويكون سائر أجزائه موافقة لمثل كلية الربع، وينبغي أن يؤخذ مع كواكب مثلثة ذلك الربع في المشاكلة الكواكب التي لها التدبير في تلك المثلثات
1 / 32
الآخر، وينبغي في جميع المساكن أن يؤخذ الكواكب المدبّرة لتلك المثلثات فقط في كل واحد من أرباعها ما خلا الأجزاء التي وسط العمران منها، فإنه يؤخذ مع الكواكب المدبرة للمثلثات كوكب عطارد لأنه من حيز متوسط مشترك، فيجب من هذا الترتيب أن يكون الأجزاء الموضوعة فيما بين الشمال والدبور من الربع الأول الذي هو فيما بين الشمال والدبور من الأرض المسكونة أعني الربع المنسوب إلى أوروفا مشاكلة للمثلث الذي فيما بين الشمال والدبور وهو مثلث الحمل والأسد والرّامي وبالواجب صار المدّبرين لها ربًّا هذا المثلث أعني المشتري
والمرّيخ إذا كانًا منسوبين إلى العشيات، والأمم الكلّية التي تسكن في هذه الأجزاء هي أهل بلاد الصقالبة بلاد برطانيا وغلاطيا وجرمانيا وباسطرنيا وإيطاليا وغاليا وأبوليا وسقيليا وطورينيا وقالطيقي وسبانيا وقد تمسى أكثر هذه الأسماء بالهاء فيقال غلاطية ويهمس فيه ويقال غالطية وإيطالية وأبولية وهي مدنية عظمية بمنزلة عمورية وسقيلية وهي سقيلية وطورينية بمنزلة قورينية وما كان منها مثل ملطية بمنزلة سلمية. قال فيجب أن يكون أهل هذه البلدان في أكثر الأمر بسبب رياسة هذا المثلث وبسبب الكواكب التي تشترك في تدبيره غير خاضعين محبين للحرية والسلاح والتعب محاربين أصحاب سياسة ونظافة كبار الهمم، ولما كان المشتري والمرّيخ مشتركين فيهم إذا كان في الحال المنسوبة إلى العشيات وكانت الأجزاء المتقدمة من هذا المثلث مذكرة والمتأخرة مؤنثة عرض لهذه الأمم أن لا يكون لهم غيرة في أمر النساء وصاروا مستخفين بمجامعتهن وهم في الذكورة أرغب وعليهم أغير ومن ارتكب ذلك منهم لا يرى أنه أتى فعلًا منكرًا قبيحًا ومن ارتكب منه ذلك لا يرى أنه بالحقيقة عديم الرّجلة مسترخيًا فيمتنع من أن يفعّل به ويأخذون أنفسهم بالّرجلة والمؤاساة والأمانة وصحبة القرب وباصطناع المعروف وهذه البلاد التي ذكرنا أولًا أما بلاد برطانيا منها أو بلاد غالاطيا وبلاد جرمانيا وبلاد بسطرانيا فتشاكل الحمل خاصة والمريخ ولذلك صار سكانها في أكثر الأمر وحشيين متهورين، أخلاقهم قريبة من أخلاق السباع يعني متهورين لا دين لهم، وأما بلاد ايطاليا منها وبلاد أبوليا وبلاد سقلية فإنها تشكل الأسد والشمس ولذلك صار سكانها أصحاب سياسة وأصحاب اصطناع المعروف وأصحاب مؤاساة، وأما بلاد طورينيا منها وبلاد قالطيقيا وبلاد أسبانيا فإنها تشكل الرامي والمشتري ولذلك صار سكانها سليمي القلوب محبّي النظافة وأما الأجزاء التي في هذا الرّبع وما يقع في جزيرة العرب الماثلة إلى وسط الأرض المسكونة تراقا أي ترقة وما قادونيا أي مقدونية، وهي أرض مصر وايلورية واللآس وحايا والأصل أحايا واقريطس الجزيرة والبلد التي تمسى وقلادس وسواحل آسيا الصغرى وهي سواحل مصر وجزيرة قبرص وهي الأجزاء التي مما يلي ناحية الجنوب والصبا من هذا الربع فهي تشكل مع ما قلنا المثلث المنسوب إلى ما بين الجنوب والصّبا أعني مثلث الثور والعذراء والجدي، وتشترك في تدبيره الزّهرة وزحل وعطارد، أيضًا ولذلك صار سكان هذه البلدان متشاهبين في الصور أكثر من غيرهم معتدلي الأبدان والأنفس، وهم أيضًا أصحاب سياسة أشداء غير خاضعين من أجل المرّيخ، وهم أيضًا محبون للحرية ينفرد كل واحد منهم بسنة خاصية له وبرياسة لنفسه ويخترعون السنن من أجل المشتري وهم يحبون الموسيقى أي الأغاني المليحة والتعليم والجهاد والتنظيف في تدبيرهم من أجل الزّهرة، وهم أصحاب مؤاساة يحبون إضافة الغرباء والعدل والكتاب واستعمال الكلام من أجل عطارد، كاتمين للأسرار من أجل مشاكلتهم الزهرة إذا كانت منسوبة إلى العشيات وأيضًا فإن هذه البلدان إذا فصّلت وجزئت صار الذين يسكنون بلاد قوقلادس وسواحل آسيا الصغرى وقبرس مشاكلين خاصة للثور والزهرة ولذلك صاروا في أكثر الأمر مترفين محبين للنظافة معتنين بأمر البدن أي يؤثرون لذة الأبدان من المطعم والمشرب والملبس والملمس والشم والسماع، وصار الذين يسكنون الآس وأحايا واقريطيس مشاكلين للعذراء وعطارد، وهم لذلك أصحاب منطق خاصة يحبون التعليم ويقدمون العناية بأمر النفس على البدن أي يؤثرون لذة أرواحهم من الحكمة والعلم والنظر في غوامض الأمور، وصار الذين يسكنون بلاد مقدونية وتراقا وإيلورية مشاركين للجدي وزحل ولذلك يحبون الملك وليست أخلاقهم بأنيسة ولا يشتركون في الأشياء السنية. خ إذا كانًا منسوبين إلى العشيات، والأمم الكلّية التي تسكن في هذه الأجزاء هي أهل بلاد الصقالبة بلاد برطانيا وغلاطيا وجرمانيا وباسطرنيا وإيطاليا وغاليا وأبوليا وسقيليا وطورينيا وقالطيقي وسبانيا وقد تمسى أكثر هذه الأسماء بالهاء فيقال غلاطية ويهمس فيه ويقال غالطية وإيطالية وأبولية وهي مدنية عظمية بمنزلة عمورية وسقيلية وهي سقيلية وطورينية بمنزلة قورينية وما كان منها مثل ملطية بمنزلة سلمية. قال فيجب أن يكون أهل هذه البلدان في أكثر الأمر بسبب رياسة هذا المثلث وبسبب الكواكب التي تشترك في تدبيره غير خاضعين محبين للحرية والسلاح والتعب محاربين أصحاب سياسة ونظافة كبار الهمم، ولما كان المشتري والمرّيخ مشتركين فيهم إذا كان في الحال المنسوبة إلى العشيات وكانت الأجزاء المتقدمة من هذا المثلث مذكرة والمتأخرة مؤنثة عرض لهذه الأمم أن لا يكون لهم غيرة في أمر النساء وصاروا مستخفين بمجامعتهن وهم في الذكورة أرغب وعليهم أغير ومن ارتكب ذلك منهم لا يرى أنه أتى فعلًا منكرًا قبيحًا ومن ارتكب منه ذلك لا يرى أنه بالحقيقة عديم الرّجلة مسترخيًا فيمتنع من أن يفعّل به ويأخذون أنفسهم بالّرجلة والمؤاساة والأمانة وصحبة القرب وباصطناع المعروف وهذه البلاد التي ذكرنا أولًا أما بلاد برطانيا منها أو بلاد غالاطيا وبلاد جرمانيا وبلاد بسطرانيا
1 / 33
فتشاكل الحمل خاصة والمريخ ولذلك صار سكانها في أكثر الأمر وحشيين متهورين، أخلاقهم قريبة من أخلاق السباع يعني متهورين لا دين لهم، وأما بلاد ايطاليا منها وبلاد أبوليا وبلاد سقلية فإنها تشكل الأسد والشمس ولذلك صار سكانها أصحاب سياسة وأصحاب اصطناع المعروف وأصحاب مؤاساة، وأما بلاد طورينيا منها وبلاد قالطيقيا وبلاد أسبانيا فإنها تشكل الرامي والمشتري ولذلك صار سكانها سليمي القلوب محبّي النظافة وأما الأجزاء التي في هذا الرّبع وما يقع في جزيرة العرب الماثلة إلى وسط الأرض المسكونة تراقا أي ترقة وما قادونيا أي مقدونية، وهي أرض مصر وايلورية واللآس وحايا والأصل أحايا واقريطس الجزيرة والبلد التي تمسى وقلادس وسواحل آسيا الصغرى وهي سواحل مصر وجزيرة قبرص وهي الأجزاء التي مما يلي ناحية الجنوب والصبا من هذا الربع فهي تشكل مع ما قلنا المثلث المنسوب إلى ما بين الجنوب والصّبا أعني مثلث الثور والعذراء والجدي، وتشترك في تدبيره الزّهرة وزحل وعطارد، أيضًا ولذلك صار سكان هذه البلدان متشاهبين في الصور أكثر من غيرهم معتدلي الأبدان والأنفس، وهم أيضًا أصحاب سياسة أشداء غير خاضعين من أجل المرّيخ، وهم أيضًا محبون للحرية ينفرد كل واحد منهم بسنة خاصية له وبرياسة لنفسه ويخترعون السنن من أجل المشتري وهم يحبون الموسيقى أي الأغاني المليحة والتعليم والجهاد والتنظيف في تدبيرهم من أجل الزّهرة، وهم أصحاب مؤاساة يحبون إضافة الغرباء والعدل والكتاب واستعمال الكلام من أجل عطارد، كاتمين للأسرار من أجل مشاكلتهم الزهرة إذا كانت منسوبة إلى العشيات وأيضًا فإن هذه البلدان إذا فصّلت وجزئت صار الذين يسكنون بلاد قوقلادس وسواحل آسيا الصغرى وقبرس مشاكلين خاصة للثور والزهرة ولذلك صاروا في أكثر الأمر مترفين محبين للنظافة معتنين بأمر البدن أي يؤثرون لذة الأبدان من المطعم والمشرب والملبس والملمس والشم والسماع، وصار الذين يسكنون الآس وأحايا واقريطيس مشاكلين
1 / 34
للعذراء وعطارد، وهم لذلك أصحاب منطق خاصة يحبون التعليم ويقدمون العناية بأمر النفس على البدن أي يؤثرون لذة أرواحهم من الحكمة والعلم والنظر في غوامض الأمور، وصار الذين يسكنون بلاد مقدونية وتراقا وإيلورية مشاركين للجدي وزحل ولذلك يحبون الملك وليست أخلاقهم بأنيسة ولا يشتركون في الأشياء السنية.
قسم ما بين المشرق والجنوب: وأما الربع الثاني الذي في الناحية الجنوبية من بلاد آسيا العظمى فإن النواحي منه التي تشتمل على بلاد الهند والصين ومكران وكرمان وفارس وبابل وملتقى النهرين وأثور ووضعها مائل إلى جهة الجنوب والصبا من جميع الأرض المسكونة بالواجب صارت مشاركة للمثلث الذي فيما بين الجنوب والصبا، وهو مثلث الثور والعذراء والجدي والذي يدبر هذه البلدان الزهرة وزحل، إذا كانا منسوبين إلى الغدوات ولذلك صارت طبائع سكان هذه البلدان تابعة لطبائع هذين المدبرين، ولذلك إنهم يعظمون الزهرة ويسمونها إسيس ويسمون زحل مترا الشمس ومنهم كثير ممن يخبر بالأشياء التي تكون قبل حدوثها، ويصونون الأعضاء المولدة بالتي في المولدة للطبع يعني المشتري والزهرة يريد بالولد القريع؟ والأعضاء الرئيسية تعظيمًا لمشابهتها من الكواكب، وهم أصحاب حرارة، كثيرو الجماع منهمكون فيه، وهم أصحاب رقص ووثوب، محبون للزينة والنظافة والبيع من أجل الزهرة ومن أجل زحل لا يأتدمون حد؟ كثير في طعامهم ومنهم من لا يرى أكل اللحم مثل البراهمة وتدبيرهم من أجله تدبير بسيط ويظهرون مجامعة للنساء لا يستترون لذلك، ولا يدفنون موتاهم لحال الشكل المنسوب إلى الغدوات ويبغضون فعل ذلك مع الذكورة جدًا، وفي بعض هذه البلدان من يستحسن نكاح الأمهات والأخوات والبنات ويولدونهن، ويكفر بعضهم لبعض بالإشارة بالصدور، قال أبو محمد التكفير أن يخر بذقنه هابطًا نحو صدره ويلقي له راحته ويقال هو معنى قول الله تعالى ويخرون للأذقان يبكون ويسمون مع ما ذكرنا
1 / 35
إلى معالي الأمور ويتنافسون فيها لحال القوة المدبرة التي في القلب المشاكل لقوة الشمس، وهم مع أكثر الأمر في اللباس والزينة وجميع أسباب البدن أصحاب ترفة وتأنيث لحال الزهرة، وهم مع ذلك أشداء في نفوسهم محاربون لمشاكل زحل المشرق.
ثم يفترق هذا التدبير على ثلاثة أوجه بعدد بروج المثلثة وأربابها، فينفرد الثور والزهرة بهمذان وفارس والماهين والصين من المشرق بلبس الثياب المصبغات بمثل ألوان الزهرة، ويغشون بها البدن كله ما خلا الصدر وبطيب الطعام والتنعم والترف والغضارة والطرب والسماع لطباع الزهرة، وانفردت للسنبلة وعطارد ببابل وما حولها من العراق وملتقى النهرين الجزيرة والشام وبلاد أثور، فصار أصحاب هذه البقاع أصحاب أدب وحكمة وعلم بالنجوم وخبرة بالعلوم التعليمية وأصحاب رصد للكواكب وقياس لهم ذكاء وفطنة وانفرد الجدي وزحل بأرض الهند والسند ومكران وسجستان وما والاها فلذلك مناظرهم قبح، وألوانهم مسودة غير وضاء ولا صباح ولا نظافة شبيه أخلاقهم بأخلاق السباع جافية طرائقهم وأما سائر أجزاء هذا الربع الذي يلي وسط جميع الأرض المسكونة وما يقع في جزيرة العرب منها مثل إيدوما وأرض سورية وأرض فلسطين وبلاد اليهود العتيقة من إيليا وتسمى بالعبرانيّة يرشلم، وتعربها العرب فتقول أوراشلم، وبلاد الأعراب الخصيبة يريد فلاة العرب من نجد والحجاز والعروض وبلاد فونيقا يريد اليمن وما وإلى هذه البلدان، فإنه يقبل أيضًا مشاكل المثلث المنسوب إلى ناحية الشمال والدبور وهو مثلث الحمل والأسد والرامي الذي يدبره المشتري والمريخ وعطارد أيضًا ولذلك صار أهل هذه البلدان أكثر تقلبًا في التجارة من غيرهم، أصحاب معاملات وأصحاب مكر وغش متهاونين للأموال للسخاء الذي فيهم ومعهم رجاحة عقل وذكاء وتدبير في الأخذ والعطاء ويحبون أنفسهم وهم بالجملة ذوو وجهين ولسانين لأجل مشاكلهم لهذه الكواكب، فمن كان منهم في بلاد سورية وهي أرض بني إسرائيل وبلاد
1 / 36
إيدوما وبلاد اليهود العتيقة فهم يشاكون الحمل والمريخ خاصة، ولذلك صار هؤلاء متهورين لا يعرفون الله ﷿ حق معرفته.
قال أبو محمد: مصداق ذلك مسألة بني إسرائيل موسى ﵇ أن يريهم الله جهرة، وأن يجعل لهم إلاهًا يعبدونه لما رأوا أصحاب الأوثان في كثير من هذا قال بطليموس: وهم غاشون ذو خفة وطيش مع نجدة فيهم وهم أهل يسار وغنى، وأما من كان في بلاد فونيقى يريد اليمن وبلاد تدمر وأصحاب البراري يريد مهرة فهم يشاكلون الأسد والشمس، ولذلك صاروا سليمي الصدور رحماء القلوب، محبين لعلم النجوم، يعظمون الشمس خاصة من بين جميع النجوم ويسجدون لها وأما الذين في أرض نجد والحجاز وتهائمها فيشكلون القوس والمشتري، فأهلها لذلك حسنة أخلاقهم، جميلة هيئتهم سهل عيشهم يريد أنهم يجتزون بالدّر من أنعامهم ولهم نفاذ في التجارة والأخذ والأعطاء وملاءمة للمذاهب الجميلة والمعالي والرياسات وبلدهم خصب كثير الأفاويه وإنما سماها بطليموس أرض الأعراب لأجل أن أكثر العرب بادية، وسماها خصبة لأنها أكثر البلاد كلا دون المزارع، ولذلك اعتمد أهلها على المال السارح وحموه بالخيل إذ لا يحصون لهم، ويريد أنها كثيرة الأفاويه بزهور الرمال مثل الأقحوان والخزامى وغير ذلك، واليمن يجمع الورد وكثيرًا من الأفاويه، ولا يعدم بها أكثر الحشائش التي ذكرها ديوسقوريدس في كتابه المعروف بكتاب الحشائش مع نفيس الجواهر والمعدوم من العرض إلا بساحلها فيما يقارب وزن المثقال، ويزيد عليه وبها مرامي العنبر على سيوفها ولمهرة وبني مجيد على سيفي بحر اليمن شرقًا وغربًا الجمال العنبرة، وذلك أن مسائمها على الساحل، وإذا اشتم الجمل العنبرية برك فلم يثر حتى يفقده صاحبه فيطلبه فيجده بالقرب منها فيلقطها، فإن أبطأ عليه لم يبرح حتى تفتر قواه من الجوى، وربما نفق فذلك خيفة عليها.
1 / 37
قسم ما بين المشرق والشمال: وأما الربع الثالث الذي في ناحية شمال المشرق من بلاد آسيا العظمى، فإن ما يحوي من البلاد أرمينية العليا وأرمينية السفلى والسّغد ومدينتها سمرقند وطبرستان وجرجان وموقان وآذربيجان والخزر وجيلان واللان وياجوج وماجوج، وخراسان وتبت وأرض الترك وأرض التّغزغز وسوروما طقا وهي بلاد النساء اللواتي يقطعن أثداءهن ويلقين الحرب، ولتدبير المشتري وزحل هذا القسم صار الغالب على أهل هذا القسم الغنى والجدة، ويعظمون المشتري وما لهم من الجوهرتين العتيقتين كثير، وهم أهل نظافة في المطعم والمشرب، حكماء ينظرون في الأمور الإلهية، وأخلاقهم أخلاق عدل أحرار وأنفسهم نبيلة قوية وهم مبغضون للشر يمقتون النميمة والسعاية، مودّتهم صحيحة يسهل عليهم بذل أنفسهم للموت دون قراباتهم، ومن استنصرهم في الأمور الحسنة المحمودة، مقتصدون في مجامعة النساء، أصحاب عفة وطهارة، يلبسون اللباس الكبير الثمن، ويجيزون الجوائز وهممهم رفيعة، ولهم دهاء ومكر وتعمق بالرأي والنظر، وذلك لاشتراك المشتري وزحل في المشرقية، فينفرد الجوزاء وعطارد من هذا الحيز بجرجان وطبرستان وأرمينية وما صاقبها، فصار أهل هذه المواضع أسرع حركة، وأميل إلى الخبث، وحسنت سيرتهم، وظهر خيرهم، وكثرت حيلهم ولطف مكرهم، وانكتمت أسرارهم لأجل خفة حركة، عطارد وطول اختفائه.
وينفرد الميزان والزهرة بأرض بلخ وأرض الشاش وماصاقبها، فلذلك صار أهل هذه البلدة كثيري الأموال محبين للموسيقى مترفين، وصار عليهم عيشهم لينًا نافعًا، وينفرد الدلو وزحل بالسُّغد وسوروماطيقا بلاد النساء المقطعات الثدي وما أخذ أخذها يريد الترك والخزر، فلذلك صار أهل هذه البلاد أعزاء أشداء أهل فظاظة وجفاء وأجسام قوية مع وحشية وزعارة وأخلاق كأخلاق السباع.
وأما باقي أجزاء هذا الربع الذي يلي وسط الأرض المسكونة وما يقع في جزيرة العرب منه أو يجاورها فآذربيجان وتخوم ديار ربيعة وديار مضر إلى ما
1 / 38
يلي الجنوب والدبّور فإلى ما قارب شرق الثغور الشآمية، وتسمى هذه البلاد باليونانية بيوتونية وفروجية وقبادوقية ولودية وقيليقية أي قالى قلا وجانب سورية وتدمر، ويقبل أيضًا مشاكلة المثلث المنسوب إلى ما بين الجنوب والدبور وهو مثلث السرطان والعقرب والسمكة، ويشترك في تدبير المريخ والزهرة وعطارد أيضًا لاشتراكه ووقوع حصته في الوسط، ولذلك صار أهل هذه البلاد في أكثر الأمر يعظمون الزهرة، ويسمونها بأسماء كثيرة مختلفة في كل اسم، ويسمون المريخ أدونيس وبأسماء أُخر، ويتعبدون له، وينسبون إلى هذين الكوكبين أسرارًا يذهبون فيها مذهب النياحة، وهم أشقياء أذلة الأنفس، مكدودون مائلون إلى الشر والخساسة ويأخذون الأجرة على الخروج في العساكر والحرب والنهب والسبي، ويصيرون في عداد العبيد ويملكون في الحرب من قبل أن حال المريخ والزهرة الحال الشرقية التي يلائمها، وهم أهل غش وخيانة وسرف وبذالة وشرب وسكر، ومن أجل أن شرف المريخ في الجدي وهو تثليث الزهرة وشرفها في الحوت وهو تثليث المريخ اشتدت نصيحة نسائهم لأزواجهن ومحبتهن لهم مكدودات متعوبات خاضعات، فمن كان من هؤلاء في بلاد بتونية وفروجية فإنهم يشاكلون خاصة السرطان والقمر، ولذلك صار رجالهم في أكثر الأمر أصحاب تقى وخضوع، وصار في أكثر نسائهم بسبب تشريق القمر وتذكيره شكله - يريد أنه ولي بلدًا من حيز المشرق وهو مغربي فانطلق طباعه هنالك - رجلة وترؤس ومحاربة بمنزلة النساء اللواتي يرهبن ويهربن من مجامعة الرجال، وهن محبات للسلاح مقطعات للثدي اليمنى من أجل حاجتهن إلى الخروج في العساكر، ويكشفن هذه الأعضاء عند المصافة في الحرب لينفين عنهن أن يظن بهن أن طبائعهن طبائع النساء، وأما ناحية سورية من شرقها وفنقولية وقبادوقية وتدمر فيشاكلون العقرب والمريخ، فلذلك صار أكثرهم متهورين في الدين، سفهاء أهل جرأة وغش وخبث وكثرة شهوات ومصالاة تعب. وأما بلاد
1 / 39