فَصْلٌ
* هَلْ لِلْعَامِّيِّ أَنْ يَتَخَيَّرَ وَيُقَلِّدَ أَيَّ مَذْهَبٍ شَاءَ أَمْ لا؟
- فَإِنْ كانَ مُنْتَسِبًا إِلَى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ؛ بَنيْنَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَامِّيَّ هَلْ لَهُ مَذْهَبٌ أَمْ لَا؟
وَفِيهِ مَذْهَبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا مَذْهَبَ لَهُ؛ لِأَنَّ (١) [الْمَذْهَبَ إِنَّمَا يَكُونُ] (٢) لِمَنْ يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ.
فَعَلَى هَذَا: لَهُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ مَنْ [شَاءَ مِنْ] (٣) شَافِعِيٍّ وَحَنَفِيٍّ وَمَالِكِيٍّ وَحَنْبَلِيٍّ، لَا سِيَّمَا إِنْ قُلْنَا: "كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ"؛ لِقَوْلهِ ﷺ (٤): "أَصْحَابي كَالنُّجُوم؛ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ" (٥).
وَالثَّانِي: أَنَّ لَهُ مَذْهَبًا؛ لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَذْهَبَ الَّذِي انْتَسَبَ إلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ، فَعَلَيهِ الْوَفَاءُ بِمُوجَبِ اعْتِقَادِهِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ حَنْبَلِيًّا أَوْ مَالِكِيًّا أَوْ شَافِعِيًّا؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ حَنَفَيًّا، وَلا (٦) يُخَالِفَ إِمَامَهُ.