ويقول شيخ من القبيلة في تؤدة ووقار: إن ما يلزمنا يا شيخ القبيلة هو فتى في مثل قوة رافع بن عدي يجعل انتصارنا على العدو مؤكدا.
ويصمت الجميع ويتكلم شيخ القبيلة بعد تريث وتفكير. - بالصواب نطقت، ولكن من أين لنا به؟
ويصيح شاب من القبيلة: إن العراف ...
وتقاطعه أصوات كثيرة. - هل ضعفت؟ - ما للعراف وهذا. - إنك تخرف.
ويقول شيخ القبيلة: دعوا الفتى يكمل حديثه.
ويسود الصمت هنيهة ويعود الشاب إلى حديثه. - إن العراف يمر بالقبائل جميعها وهو يعرف من أخبارها ما لا نعرف، فلماذا لا نقصد إليه نسأله أن يدلنا على بطل من أبطال العرب يكون كفؤا لرافع بن عدي؟
ويصمت الشاب ويعود الصمت إلى التحليق ويقول شيخ القبيلة: الرأي ما قلت، إذا كان الغد نذهب إلى العراف.
وينفض الاجتماع ولكن شابا من شباب القبيلة يمكث حيث هو لا يريد أن ينصرف، وإنما يظل رانيا إلى شيخ القبيلة في استعطاف ولهفة، وأنا أنظر إليهما لا يريد أن أنصرف أو أسمع الحديث بين الشيخ والفتى؛ فأنا أعرف ما يريد سليمان أن يقول، وأريد أن أعرف كيف سيجيبه شيخ القبيلة. يظل الفتى رانيا وشيخ القبيلة يتظاهر بأنه لا يراه وإنما هو يحول عنه بصره في ضيق، حتى إذا فشل سليمان في أن يجعل الشيخ يسأله ما يريد جمع كل ما فيه من شجاعة وتقدم إلى الشيخ. - وبعد يا عماه؟ - وبعد فيم يا سليمان؟ - ألا تعرف؟ - كأني أعرف. - فما انصرافك عني كلما أردت أن أكلمك. - أهذا وقته يا سليمان؟ - قبل الحرب كنت تقول بعد الحرب، وها قد انتهت الحرب. - أترى الحرب قد انتهت. - لقد انتصرنا، ألم ننتصر؟! - ففيم إذن كان اجتماعنا هذا؟ - لنؤمن النصر، ونتأكد منه. - فإذا أمنا النصر وتأكدنا منه يحق لك أن تقول وأن أسمع. - يا عماه سنوات ثلاث مررن. - أو عشر ماذا أفعل؟ - اعقد لي عليها. - فماذا تقول القبيلة؟ - تقول زوج ابنته من ابن أخيه. - والعدو يتربص بنا. - وهل لزواجي صلة بالعدو؟ - إني شيخ القبيلة لا يجوز لي أن أفرح والقبيلة خائفة. - إذن. - انتظر. - إلى متى؟ - إلى قريب، إلى قريب إن شاء الله.
ويطرق سليمان ثم يلقي بنظره حوله فلا يجد غيري فيقوم إلي يصحبني إلى عريض الصحراء. - ما رأيك؟ - لقد اخترت موعدا لا يصلح لهذا الحديث. - فأي موعد يصلح؟ - حين ترى الأمن بين القبيلة تقدم بطلبك. - ومتى يشيع؟ - لا أحد يعرف متى يشيع الأمن بين النفوس. - لا أحد يعرف؟ •••
وقال العراف: أعرف فتى لا حديث له إلا الحرب وأفعاله فيها، وما خاضه من أهوال. - هل شهدته وهو يحارب؟ - يا أخا العرب إنني عراف لا أشهد الحرب، هل رأيتني أجيء إلى قبيلتكم منذ نشبت الحرب بينها وبين غطفان؟ - لا. - إن عملي في الحياة هو الحياة، والحرب عملها الموت، يا أخا العرب إن الموت والحياة لا يجتمعان. - إذن فمن هذا الفتى الذي يروي عن الحرب؟ - غضبان بن صخر. - أتعرف مكانه؟ - أدلكم عليه. •••
ناپیژندل شوی مخ