134

کمونیزم او انسانیت په اسلامي شریعت کې

الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام

ژانرونه

ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم .

إصلاح ليس بالقليل، ولا ينبغي أن يحسب قليلا حتى في موازين المستغلين له من دعاة القرن العشرين، فإنهم لخلقاء أن يسألوا أنفسهم: هل كان من المفيد تحريم تعدد الزوجات لو أراد أحد تحريمه، ولم يقنع يومئذ بذلك الإصلاح؟ ما كان ذلك التحريم بالجد الذي يقدم عليه مشرع في شئون الاجتماع، وما كان له من وصف يوصف به، إلا أنه عبث تتنزه عنه حكمة التشريع، ولن يكون التحريم إلا عبث عابث حين تكون الإباحة حكما عالميا، قد انعقد عليه إجماع الشرائع والعادات والأديان.

وربما كان العمل المنتج في هذا الإصلاح منوطا بإسناد حق الموافقة إلى المرأة قبل البناء بمن يخطبها، سواء كانت ولية أمرها، أو كان لها ولي ينوب عنها، والنبي عليه السلام يقول: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن»، وقال: «الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها.»

فهذا الحق ينقل أمر إنصاف المرأة إلى يديها، فإن قبلت تعدد الزوجات راضية، فهي أولى باختيار ما يرضيها، وإن قبلته لضرورة لا محيص عنها، فوجود هذه الضرورة في المجتمع رد كاف على من يتغافل عنها ولا يلتفت إليها، وما كانت المرأة لتقبلها يوما، إلا وهي توقن أن قبولها أوفق لها من رفضها. •••

على أن تعدد الزوجات على إطلاقه قبل الإسلام، لم يكن يضيم المرأة كما كان يضيمها قضاء الذلة التي رانت عليها في شعوب الحضارة وشعوب البداوة على السواء، وكانت بعض الحضارات - كالحضارات المصرية القديمة - تميل إلى إنصافها في حقوق الأسرة والمجتمع، ثم شملتها النكسة العامة التي غمرت العالم الإنساني في الحقبة التي مرت به من القرن الثاني قبل الميلاد إلى القرن السادس بعده، إذ كان هذا العالم الإنساني قد غثيت نفسه بمساوئ الترف المادي والانحلال الخلقي، فخرج منها بعقيدة احتقار الجسد، وتصوير المرأة في صورة النجاسة المحذورة؛ لأنها عنوان المتعة الجسدية والشهوات الحسية، فهبطت في معيار الأخلاق والعقائد إلى حطة النجاسة، وبقيت في معيار التشريع حيث أبقتها أم الشرائع في العصور القديمة - دولة الرومان - ولم تزد في شريعتها كثيرا عن منزلة الرقيق المملوك الذي لا يستقل عن مشيئة رب الأسرة بحق من الحقوق.

وأما في بلاد العرب فقد كانت للمرأة حالات تتراوح بين الكرامة والمهانة، أحسنها لم يرتفع عن حالة الطفل القاصر في رعاية أهله، وأسوأها تدل عليه عادة وأد البنات خشية العار أو خشية الإملاق، فهذه الحالة العامة في شعوب الحضارة والبداوة هي التي أنقذها منها الإسلام؛ لأنه رفع عن الجسد وصمة النجاسة، ورفع عن المرأة وصمة العار، ووهب لها في المعاملات حقوق الشخصية المستقلة التي تملك ما عندها، وتملك أن تنيب عنها من يديره لها، ولو لم يكن وليها أو قريبها، وفرض لها المساواة المثلى التي تستقيم مع اختلاف الجنسين، ولم يحرمها من المساواة إلا ما يعد الحرمان منه نوعا من الإعفاء عند تقسيم العمل بين الجنسين المختلفين. •••

والمساواة المثلى هي العدل الذي لا ظلم فيه على أحد، ولهذا لم يستطع فقهاء التعريفات أن يجعلوها مساواة في الواجبات؛ لأن المساواة في الواجبات مع اختلاف القدرة عليها ظلم قبيح، ولم يستطيعوا أن يجعلوها مساواة في الحقوق؛ لأن المساواة في الحقوق مع اختلاف الواجبات ظلم أقبح من ذلك؛ لأنه إجحاف يأباه العقل، وإضرار يحيق بالمصلحة العامة، كما يحيق بمصلحة كل فرد من ذوي الواجبات والحقوق.

وقوام الأمر إذن أن تكون المساواة العادلة مساواة في الفرص والوسائل، فلا يحرم إنسان فرصته لإحراز القدرة، التي تمكنه من النهوض بواجب من الواجبات، ولا يحرم وسيلته التي يتوسل بها إلى بلوغ تلك الفرصة ما استطاع من وسائل السعي المشروع.

والمساواة في الفرص مفهومة بين أبناء الجنس الواحد؛ لأنها ممكنة في حدود الوظائف الطبيعية، وأما غير المفهوم فهو المساواة في الفرص بين جنسين مختلفين في التركيب والاستعداد، وفيما ثبت من الواقع في تواريخ جميع الأمم، وفيما يتطلبه المجتمع من تقسيم العمل بين هذين الجنسين.

هذا الاختلاف واقع دائم لا حيلة فيه لأصحاب التعريفات أو أصحاب الدعايات السياسية، ولا تجدي في إلغائه وإلغاء دلالته تعلة من التعلات التي يردونه إليها، فلا ينتهون منها إلى غير السفسطة والمحال.

ناپیژندل شوی مخ