البعد الجسمانى أن تلقى (1) ذاته البعد الجسمانى الآخر. وليست الهيولى مما لا يقبل طبيعة البعد ويلاقيه ، ولا أيضا (2) مما لا يقبل بعدا أو زيادة (3) ويكشف (4) قبولها التخلخل ، وذلك حين وتحققه وتصححه. فإن كان البعد لا يمتنع عن مداخلة بعد آخر فى نفسه ، والهيولى مستعدة لأن يلقاها البعد ، وليس فى طباعها بما هى هيولى أن تنفرد بحيز فتتقابل (5) الداخلة ، فواجب أن يكون التداخل فى الجسمين جائزا. فإن كل مؤلف من شيئين ، وليس إلا نفس تؤلفهما (6) من غير إن حدث (7) هناك استحالة وانفعال هى صورة ثالثة ومعنى ثالث غيرهما. فإن الحكم إذا كان جائزا على كل واحد منهما ، كان جائزا على الحملة ، وإذا لم يمنعه واحد واحد منهما ، لم تمنعه الجملة لكن جملة الجسم تمانع مداخلة جسم آخر ، فهو بسبب أن فى أجزائه ما يمنع ذلك ، فإنه (8) ليس كل جزء منه غير مانع لذلك. إذ (9) ليست الهيولى سببا يمنع ذلك ، ولا سبب فعل خاص وانفعال خاص ، فبقى أن تكون طبيعة البعد لا تحتمل التداخل. فإن كان مع ذلك (10) يجب الهيولى المتصورة بالبعد أن لا تداخل العبد ، لم يجز أن يدخل الجسم فى البعد (11) البتة ، ثم لا يخلو إذا كان المتمكن فى الإناء قد ملأه من أن يلقى مادته وهيولاه ذلك البعد المفطور أو لا يلاقيها ، فإن انفرد عنها وفارقها فلا يكون (12) الجسم ذو الهيولى قد ملأ الإناء ولا دخل فيه (13) إذ يكون ذلك البعد المفطور قائما على حياله ليس ملاقيا لمادة الجسم الداخل فيه ، والجسم الداخل فيه لا تكون ذاته خالية (14) عن مادته ، وإن سرى ذلك البعد (15) فى ذات المادة مع البعد الذي فى المادة ، فتكون المادة قد سرى فيها بعدان متساويان متفقا الطبيعة. وقد علم أن الأمور المتفقة فى الطباع التي لا تتنوع بفصول فى جوهرها لا تتكثر فى هوياتها إنما تتكثر بتكثر (16) المواد التي تحملها (17)، وإذا كانت المادة لها واحدة لم تتكثر البتة ، فلا يكون بعدان. ولو أنا فرضنا البعد قد تكثر فى المادة إذا (18) صار (19) فيها بعدان ، فأية (20) خاصية (21) بعدية تكون للمادة بسبب سريان أحد البعدين فيها (22)؟ وأية خاصية أخرى تكون لها بسريان (23) البعد الآخر فيها؟ فإنا لا نجد فى المادة إلا نحوا من الاتصال واحدا ، ونحوا من الانقسام واحدا ، وعلى ما لو كان فيها بعد واحد فقط لكانت الصورة تلك الصورة (24).

مخ ۱۲۲