ولا يكون البعد الواحد متناولا لمجموعهما ، بل يتميز بعد وبعد ، وإما أن يتحدا خطا واحدا إن أمكن ذلك ، فحينئذ لا يكون خطان ، بل خط واحد. والأجسام التي (1) تمتنع (2) عن التداخل ليس الذي منع ذلك من هذا الجسم أن يدخل فى ذلك الجسم جملة ما يشتمل (3) عليه الجسم (4) من الصورة والكيفيات وغير ذلك ، فإن الصورة والكيفيات أيها (5) فرضت لو لم (6) تكن وفرض الجسم موجودا كان التداخل ممتنعا أيضا ، وليس الهيولى هى التي تمتنع عن مداخلة هيولى أخرى بالعدد. وذلك أنا إذا قلنا إن الهيولى تمتنع (7) عن مداخلة هيولى أخرى ، إما (8) أن يكون على سبيل السلب ، كقولنا إن الصوت لا يرى ، بل كما نقول إن النفس لا تداخل الحركة ، إذ ليس من شأن كل واحد منهما أن يكون مع (9) الآخر (10)، بحيث يتوهم عليه المداخلة ، وإما أن لا يكون على هذا (11) (12) المعنى ، بل على المعنى الذي يقابل المداخلة مقابلة خاصية (13)، فإنه كما أن معنى المداخلة هو أن يكون أى شيء أخذت من أحد الأمرين يجد معه فى الوضع شيئا من الآخر إذ لا ينفرد أحدهما عن الآخر بوضع ، فالذى (14) يقابله هو أن يكون ذات هذا متميزا فى الوضع عن ذات ذلك ، فتوجد أجزاؤه مباينة (15) لأجزاء ذلك.

فإن قيل إن الهيولى يمتنع (16) عليها التداخل. بمعنى (17) السلب الذي هو المعنى الأول ، فليس كلامنا فى ذلك ، وذلك مسلم ، إذ الهيولى فى نفسها بهذه الصفة. ولكن كلامنا فى القسم الثاني ، وذلك (18) القسم الثاني لا يتصور فى الهيولى إلا أن يجعل ذات وضع ، ولا يصير كذلك (19) إلا بالعرض بسبب البعد الذي يعرض لها. فحينئذ يتعرض للتجزى والانقسام (20)، فيكون استعداد الهيولى لأن يحمل عليها بهذه (21) المقابلة ، وهى التداخل ، وغير (22) التداخل المقابل (23)، أمرا يلحقها من البعد. والبعد هو السبب فى أن تلحقها هذه المقابلة وتتصور فيها ، وهو السبب فى أن صارت الهيولى لا تداخل الهيولى الأخرى (24) لأجل البعد ، وإن كان البعد جائزا له ذلك. وليس فى طبية الهيولى وحدها منع يقابل المداخلة (25)، فلا يمتنع (26) على الهيولى المداخلة وكيف يمكن أن تمانع هذه الهيولى ذات البعد لنفسها لا لامتناع

مخ ۱۲۱