167

وبعد هذا فنقول: إن كل محمول بسيط محصل، فإما أن يكون له ضد، أو لا يكون. فإن كان له ضد، فاما أن يكون بينهما متوسط، أو لا يكون. والموضوع لا يخلو إما أن يكون موجودا، أو معدوما مأخوذا من حيث هو معدوم. فإن كان موجودا وفرض بإزائه شىء كالمحمول فإما أن يكون ذلك موجودا فيه، أو ضده، أو واسطة إن كانت أو تكون كلاهما جميعا بالقوة مثل الجرو الذى لم يفقح فإن العمى والبصر كليهما فيه بالقوة، أو يكون غير قابل ولا لواحد منهما مثل النفس للبياض والسواد والوسائط. فإذا قلنا: زيد ليس يوجد عادلا، فإنه يكذب إذا كان عادلا فقط ويصدق فى البواقى. وإما إذا قلنا: زيد يوجد لا عادلا، فإنه يصدق إذا كان جائرا أو متوسطا أو كليهما بالقوة أو غير قابل لهما على اختلاف الآراء فيه، ويكذب إذا كان عادلا أو معدوما. وقد جرت عادتهم بأن يسموا أخس المتقابلين عند الجمهور وفى ظاهر المشهور فى مثل هذا الموضع عدما، سواء كان بالحقيقة عدما كالعمى والظلمة، أو كان ضدا كالجور. فالموجبة العدمية تقع فى حيز الموجبة المعدولية والسالبة البسيطة، فيكون حال العدميتين عند المعدولتين أن الموجبة منهما تشارك الموجبة المعدولية، والسالبة تشارك السالبة المعدولية. فإن الموجبة المعدولية تصدق على الموجبة العدمية، ولا ينعكس، لأن الموجبة المعدولية أعم من الموجبة العدمية؛ لكن السالبةالعدمية تصدق على السالبة المعدولية، ولا ينعكس. فإنه إذا صدق قولنا إن زيدا ليس يوجد لا عادلا، صدق قولنا إن زيدا ليس يوجد جائرا، ولا ينعكس. فإنه ليس إذا صدق قولنا إن زيدا ليس يوجد جائرا، صدق أنه ليس يوجد لا عادلا، فإن هذا يصدق فى المختلط وفى الذى بالقوة وفى غير القابل، ولا يصدق الأول عليه. فحال العدميتين عند المعدولتين أن الايجاب يطابق الإيجاب والسلب يطابق السلب وإن اختلفا فى العموم والخصوص، وحال العدميتين عند البسيطتين أن السلب يطابق الإيجاب والإيجاب يطابق السلب. وهذا لوح هذه المخصوصات بأحكامها: ( ا ) زيد يوجد عادلا ( ب ) زيد ليس يوجد عادلا يصدق فى الجميع إلا فى واحد يصدق إذا كان عادلا فقط فيصدق إذاكان معدوما وجائرا ومختلطا وبالقوة ولا بالقوة ويكذب فيما سوى ذلك ويكذب إذا كان عادلا ( ج ) زيد ليس يوجد لا عادلا ( د ) زيد يوجد لا عادلا يصدق إذاكان عادلا أو معدوما يكذب إذا كان عادلا أومعدوما ويكذب فى البواقى ويصدق فى البواقى ( ه ) زيد ليس يوجد جائرا ( و ) زيد يوجد جائرا يكذب إذا كان جائرا ويصدق إذا كان معدوما أو عادلا يصدق فى واحدفقط إذاكان جائرا أو مختلطا أو بالقوة أو لا بالقوة ويكذب فى البواقى فقد بين لك أن اثنين حالهما عند العدميين كحال الإيجاب والسلب عندهما، واثنين ليس كذلك. وأما أن الموجب فى كل واحد منهما صدقة فى واحد والسالب كذبه فى واحد، فهو مما يتشابه فيه العدميتان والبسيطتان وتختلف به العدميتان والمعدوليتان. واعلم أن ما هو أخص صدقا من شىء فنقيضه أعم صدقا من نقيض ذلك الشىء، وذلك لأن الأخص صدقا هو الأعم كذبا والأعم صدقا هو الأخص كذبا. ويصدق النقيضان حيث يكذب الأولان من المتشاركين، فإن الذى يكذب أكثر مقابله يصدق أكثر؛ فلذلك نقيض أمر لازم الأخص من غير انعكاس هو ملزوم لنقيض الأخص من غير انعكاس؛ وحيث كذب الأعم كذب الأخص من غير انعكاس وحيث صدق الأخص صدق الأعم من غير انعكاس. ولنضع للمهملات لوحا أيضا: الإنسان يوجد عادلا الإنسان ليس يوجد عادلا الإنسان ليس يوجد لا عادلا الإنسان يوجد لا عادلا الإنسان ليس يوجد جائرا الإنسان يوجد جائرا فقولنا: الإنسان يوجد عادلا يصدق إذا كانوا كلهم عادلين أو بعضهم عادلين والباقون ما كانوا، ويكذب إذا كانوا معدومين. وإذا لم يكن فيهم عادل واحد ما كانوا متفقين أو شوبا. وأما قولنا: الإنسان ليس يوجد عادلا، فيصدق إذا كانوا كلهم معدومين أو كانوا كلهم لا عادل فيهم ألبتة ما كانوا أو كان بعضهم لا عدل فيه ما كان والآخر فيه عدل أو غيره ما كان إذا وجد بعض منهم معدومين أو جائرين أو متوسطين أو بالقوة أو غير قابل، ويكذب إذا كانوا كلهم عادلين فقط. فهاتان المضالعتان تتفقان فى باب واحد اتفاق ما لا يقتضى عموما. وأما قولنا: الإنسان يوجد جائرا فيصدق إذا كان كلهم جائرين أو بعضهم جائرا وبعضهم ليس عادلا ما كان، فقد يصدق إذن معه قولنا: الإنسان ليس يوجد عادلا. كيف يصدق ولا ينعكس، فإنه قد يصدق قولنا الإنسان ليس يوجد عادلا لأنه إذا كانوا كلهم لا عادلين ولا جائرين متفقين كانوا أو شوبا، وحينئذ لا يصدق أن الإنسان يوجد جائرا. وأما قولهم الإنسان ليس يوجد جائرا فيصدق إذا كانوا معدومين، أو كان لا جائرا فيهم ألبتة، أو كان بعضهم جائرا فقط، وبالجملة إذا كان بعض معدوما أو عادلا أو متوسطا أو غير قابل والآخر ما كانوا، ويكذب إذا كانوا كلهم جائرين فقط، فهو أعم من قولنا: الإنسان يوجد عادلا. وأما قولنا الإنسان يوجد لا عادلا فيصدق إذا لم يكن فيهم عادل ألبتة كائنا ما كانوا متفقين وشوبا أو لم يكن فى بعضهم كائنا ما كان، بل كانوا أولئك البعض جائرين أو متوسطين أو بالقوة أو غير قابلين أو كان البعض وحده عادلا، ويكذب إذا كانوا معدومين أو كان الجميع عادلين، فهو أعم من قولنا الإنسان يوجد جائرا، وأخص من قولنا الإنسان ليس يوجد عادلا. وأما قولنا: الإنسان ليس يوجد لا عادلا، فإنه يصدق إذا كانوا كلهم معدومين أو كانوا كلهم عادلين أو كان بعضهم عادلين والباقى ما كانوا؛ وبالجملة بعد أن يكون بعض معدوما أو عادلا، ويكذب إذا لم يكن فيهم عادل ألبتة كائنا ما كانوا؛ فهو أكثر صدقا من قولنا: الإنسان يوجد عادلا، لكنه أخص من قولنا: الإنسان ليس يوجد جائرا، لأن قولنا: الإنسان ليس يوجد جائرا، يصدق إذا كانوا كلهم معدومين أو كلهم عادلين أو بعضهم عادلين، ويصدق أيضا إذا كانوا كلهم متوسطين أو بالقوة أو غير قابلين، ويكذب هناك قولنا: الإنسان ليس يوجد لا عادلا. فالمضالعات كلها تجتمع على الصدق إذا كان بعض وبعض ليس.

وأما المقاطرات فإن الموجبة البسيطة والعدمية تتفقان إذا كان بعض عادلا وبعض جائرا، والموجبة والبسيطة والموجبة المعدولية تتفقان إذا كان بعض عادلا والآخرون موجودون فقط ما كانوا. وأما السالبة البسيطة والسالبة العدمية فتتفقان إذا لم يكن فيهم عادل ولا جائر ألبتة أو كان بعض عادلا وبعض جائرا. وأما السالبة البسيطة والسالبة المعدولية فتتفقان على الصدق إذا كانوا معدومين أو بعض عادلا وبعض غير عادل. وأما الموجبة العدمية والسالبة البسيطة فتتفقان إذا كان البعض جائرا والبعض الآخر ما كان. وأما السالبة العدمية والموجبة المعدولية فتتفقان إذا لم يكن فيهم عادل ولا جائر أو إذا كان بعض وبعض.

الفصل الثاني (ب) فصل في اعتبار هذه المناسبات بين المتناقضات المحصورة وإتمام القول في العدول والبساطة والإشارة إلى المواضع الطبيعية للواحق القضايا

مخ ۱۸۵