ثم من العجائب أن يكون الأجرام لا كيفية لواحد واحد منها فى مجموعها حرارة أو برودة. وليس ذلك ألبتة البتة فى فرد فرد من ذلك المجموع، حتى لو مست الجملة، ولم يشك أن كل واحد من اجزائها إنما يلاقى حينئذ ما يساويه، فإن كان ذلك الواحد لا يؤثر فيما يلاقيه، وكذلك كل واحد آخر، فيكون ليس عن آحاد المتماسات فعل وانفعال؛ بل سلامة، والجملة غير سالمة ولا مسلمة. وإن كان الاجتماع يوجب أن تحدث الحرارة سارية فى الجميع، حتى تكون فى كل فرد أيضا لمجاورة قرينه ما لو انفرد عنه لم يكن. فيكون من شأنها أن يستحيل فى الكيف. وقد امتنعوا من ذلك، وهو يضاد متوخاهم فى مذهبهم.
ثم لا يشك فى أن للأجرام حركات طبيعية. فإن كانت الحركات الطبيعية تصدر عن جواهرها وجب أن تكون حركاتها متفقه، وأن لا يكون فى العالم حركتان طبيعيتان متضادتان. وإن كانت تصدر عنها لأشكالها، وأشكالها غير متناهية عند بعضهم، فالحركات الطبيعية كثيرة جدا، وليس كذلك على ما علمت، وأيضا فإن الحركات الطبيعية غير متناهية. وقد أوضحنا أنها لا تكون إلا متناهية. وهى متناهية عند آخرين منهم، ولكن كثيرة جدا، فوجب أن تكون أصناف الحركات الطبيعية المتضادة موجودة. وقد عرف من حالها أنها إنما تصدر عن قوى متضادة، فيجب أن يكون فى الأشكال أشكال متضادة. وقد منع ذلك.
مخ ۱۱۹