117

الکائنات او بُد

الكون والفساد من كتاب الشفاء

ژانرونه

وكذلك لو كانت الكواكب تتحرك بنفسها الحركة السريعة من غير ميل عرض ما قيل؛ وإن كانت السرعة مع ميل عرض ذلك أيضا، وكان مدار الميل وما يقرب منه وما يبعد بالصفات المذكورة. فوجب أن يكون ميل تحفظه حركة غريبة مدة ما، ثم تزيله إلى جهة أخرى بقدر الحاجة فى كل جهة. فوجب أن يبطىء المائل فى جهة ميله، حتى يبقى، فى كل برهة، ليتم بذلك تأثيره، وأن يتكرر على المدار، مع ذلك، ليتشابه فعله فى جميع الجهة التى هو مائل إليها، ولا يفرط تأثيره فى بقعة يقيم عليها. وبالجملة ليكون جميع الجهة ينال منه التأثير نيلا معتدلا غير مفسد، ولا يزال كذلك إلى تمام الحاجة.

وذلك إنما يتم بحركة أخرى سريعة ضرورة. فجعل لذى الميل حركة بطيئة، وجعلت له حركة أخرى تابعة لحركة سريعة، حتى يوجد الغرضان.

واعتبر هذا من الشمس. فإن الشمس تميل بحركتها إلى الشمال، فتبقى مدة فى تلك الجهة، لا دائمة على سمت واحد، بل متكررة اتباعا للحركة الأولى .فإنها إن بقيت دائما أفسدت، كما لو دام هجيرها، ولقصر أيضا فعلها وتأثيرها عن جميع الأقاليم الأخرى. فلما جعل لها ذلك التكرر صار للشمس أن تحرك المواد إلى غذو النبات والحيوانات، حتى إذا فعلت فعلها فى الشمال، وجذبت المواد الكامنة فى الأرض زالت إلى الجنوب، قبل أن تفسد بالإحراق والتجفيف، ففعلت هناك فعلها ههنا، وبرد، وجه الأرض ههنا، فاحتقنت الرطوبات، واجتمعت فى باطن الأرض، كأنها تخزن وتعد لعود الشمس مرة أخرى لتنفق على النبات والحيوانات نفقة بالقسط. وبين الأمرين تدريج ربيع وخريف، لئلا ينتقل من إفراط إلى إفراط دفعة، وليكون الفعل مدرجا فيه. فسبحان الخالق المدير بالحكمة البالغة والقوة الغير المتناهية.

وبالحرى أن يلحق بهذا القول فى الأدوار والآجال.

مخ ۱۹۴