شعر و فکر: د ادب او فلسفې په هکله مطالعات
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
ژانرونه
سننطلق في هذا العرض من تناهي الإنسان. والتناهي يظهر في النقص. وليس المقصود بهذا أنه عيب أو «خطأ» يمكن تلافيه، بل المقصود به أن البنية الأساسية لكل موجود هي معاناة النقص «في» ذاته، وأكتفي بأن أذكركم بما بيناه في القسم الأول من هذه المحاضرة عن النقص الملازم لتكافؤ كل معرفة (بحيث لا نجد معرفة مكافئة لموضوعها أو مطابقة له مطابقة تامة). ولكي نفهم بنية النقص المشار إليها بصورة أفضل، أود أن أقدم لكم، باختصار شديد، ودون دخول في التفصيلات، مثلين اثنين يلقيان عليه الضوء.
إن النقص لا يقوم على الكلية (أو الشمول) المفتقد. فاللغة مثلا تعد ناقصة في ذاتها؛ لأنها استدلالية منطقية. فهل يمكننا أن نتصور لغة كاملة؟ هل يسعنا أن نتخيل لغة شامة متكاملة لا تقتصر على أن تكون لغة استدلالية منطقية؟ إننا لنعجز حتى عن تصور مثل هذا الشمول الكلي.
ثم كيف تبدو صورة الزمان إن لم يكن في ذاته نقصا؟ إن المثل يقول: الزمن يهرب.
15
وليس معنى هذا أن الزمان يفلت أو يهرب منا، بل معناه أنه في ذاته عابر وزائل. وحتى لو حاولنا أن نتصور الأبدية كزمن كلي، فإنها لن تعدو في الحقيقة أن تكون «لحظة دائمة».
16
وهذا هو الذي يفترضه الزمان الذي يتدفق في ذاته وينساب ويفلت حتى من ذاته.
هكذا تكون اللغة ناقصة في ذاتها، ويكون الزمان ناقصا في ذاته. غير أننا لا نملك حتى أنن طرح هذا السؤال: ما الذي ينقص اللغة؟ وما الذي ينقص الزمان؟ (26)
نحن نرى إذن ، من وجهة النظر الفلسفية، أن النقص هو البنية الأساسية للموجود المتناهي. هذا النقص يتجسد في الأسطورة، ويمكن أن يقص ويحكى ليتخذ بذلك الشكل الأسطوري-التاريخي لدراما أصلية. وتجسيد النقص بصورة درامية-تاريخية يقوم على حقيقة أن وفرة أو امتلاء أصليا قد فقد فقدا أليما، وأنه سيستعاد مرة أخرى بالألم والمخاطرة. ومعنى هذا أن الأسطورة لها شكل دراما أصلية تتمثل في الوفرة الضائعة، واليأس، والرجاء، والصراع، والانتصار. فالأسطورة إذن في صميمها هي أسطورة الصراع الدائم، حتى ولو لم تظهر في هذه الصورة، بل في صورة أخرى، كأسطورة البحث على سبيل المثال. ولا يجوز بطبيعة الحال أن نفهم الصراع المذكور على أنه قوة، أو على أنه مجرد قوة فحسب، بل يجب أن يفهم منه أنه جهد لا يتوقف عن الصراع. (27)
إن الهدف من هذا الصراع هو الانتصار. وليس معنى الانتصار الذي نقصده سحق العدو بالقوة، بل معناه خلاصه من اليأس، معناه النجاة. وهكذا يرتبط الانتصار والخلاص والنجاة برباط لا تنفصم عراه. إن النجاة هي الانتصار الشامل على النقص عن طريق الأسطورة وبفضلها، بحيث يلتقي الأصل والنهاية. وما النجاة في نهاية المطاف؟ إنها الانطلاق من «المقدس» بوصفه الأصل في وجودي، والوصول إلى المقدس بوصفه نهايتي. ومفهوم النجاة، أو بالأحرى فكرته، ليست فكرة غير محددة فحسب، بل يتحتم أن تكون غير محددة، إذ يكمن فيها الانتصار الشامل على النقص أو إلغاؤه إلغاء شبه كامل. (28)
ناپیژندل شوی مخ