236

شعر و فکر: د ادب او فلسفې په هکله مطالعات

شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة

ژانرونه

لو بحثنا تبعا لهذا عن «داخل» الحكايات (التواريخ) باعتباره ظاهرة، لما أمكن أن يكون هو الزمان، إذ ليس الزمان ظاهرة، بل هو صورة، ولهذا يتحتم أن يكون هو الحكاية (التاريخ) المطلقة المستقلة.

إن ظاهرة «الحكاية (التاريخ) المطلقة المستقلة»، بوصفها «الداخل» الذي يشمل الحكايات (التواريخ)، تفجر صورة الزمان. ويرجع هذا إلى سبب بسيط، فالحكاية - وهذا شيء يقتضيه معناها - يجب أن تكون ذات بداية ونهاية. أما الزمان أو الزمانية - بوصفها صورة - فليس له بداية ولا نهاية. ولو حاولت أن أتصور بداية للزمان لبقيت دائما «في» الزمان. ويصدق نفس الشيء إذا حاولت أن أتصور نهاية الزمان. وكما تصورت البداية أو النهاية بقيت داخل صورة الزمان.

ولما كان للحكايات وللتاريخ صورة الزمان، فإن بداية ونهاية التاريخ الذي نوجد بداخله «لا يمكن أن تعطى للرؤية». ويصدق هذا على تاريخ حياتي الخاصة المجربة للعالم. فأنا مثلا لا أعرف شيئا عن مولدي إلا من الآخرين. كما أن موتي لم يعط لي. ويصدق نفس الشيء صدقا أعم وأشمل على «الداخل» المطلق المستقل الذي توجد فيه كل الحكايات.

إن المهاد المطلق قد أعطي لي في تجربة خالصة بسيطة. ويمكنني أن «أقص» التاريخ المطلق باعتباره تجربة خالصة حية، ولكنني لن أستطيع أن أقص بداية التاريخ المطلق المستقل ونهايته بصورة حقيقية وافية. ولهذا لا يمكن أن يقص التاريخ المطلق والمستقل - باعتباره «الداخل» المطلق المستقل - على نحو ما يقص التاريخ «الزمني» (أو التاريخ الواقع في الزمان). (23)

إن التاريخ المطلق والمستقل يفجر صورة الزمان، وبهذا يعلو على الزمان ويتجاوزه. وكما أن العالم في رأي هسرل هو «العالي» (الترانسندنس)، فالتاريخ المطلق كذلك هو «العالي».

هكذا نجد أنفسنا أمام هذا السؤال العسير: كيف يتيسر إدراك هذا «الداخل» المطلق والمستقل؟ فكما أن العالم ليس مهادا يمكن أن يجرب تجربة خالصة بسيطة، كذلك التاريخ المطلق والمستقل - وهو «الداخل» الذي يحتوي جميع الحكايات (التواريخ) - ليس حكاية (تاريخا) يمكن أن تقص أو تروي رواية خالصة بسيطة. (24)

ما هذا الذي يحتوي البداية والأصل اللذين يتجاوزان الزمان، كما يشتمل على النهاية المفتوحة التي تتخطى الزمان أيضا، دون أن يكون في المستطاع قصه أو روايته بالمعنى الحقيقي لهذه الكلمة؟ الإجابة تقول: إنه الأسطورة.

وكما أننا لا نملك ابتداء ولا في أغلب الأحيان وعيا «بحثيا» بالعالم، فكذلك الحال مع الأسطورة. فنحن في الغالب نجربها متناثرة في شذرات، أي فيما يسمى بالموضوعات الأسطورية، دون أن نفطن إلى ذلك. ومع ذلك فإن من الممكن تفسير بنية الأسطورة، شأنها في ذلك شأن بنية العالم.

مهما يكن الأمر فقد استطعنا على كل حال أن نؤكد هذه الحقيقة الأساسية: كما أن الوجود «في» العالم هو الأسلوب الرئيسي لوجود الإنسان، فكذلك يمكن أن نقول إن الوجود «في» الأسطورة أسلوب أساسي في وجوده. (25)

اسمحوا لي في الختام أن أعرض عليكم بعض الملاحظات عن البنية الأصلية للأسطورة.

ناپیژندل شوی مخ