119

وكان عمر شديد الكره للبكاء عليه، سمع حفصة أم المؤمنين تعول، فقال لابنه عبد الله: أجلسني؛ فليس لي صبر على ما أسمع. ثم قال لها: إني أحرج عليك بما لي عليك من الحق إن تندبيني، فأما عينك فلن أملكها. يريد أنه لا يمنعها من البكاء؛ لأنه لا يستطيع ذلك.

وسمع صهيبا يعول، فقال له: أما سمعت قول النبي

صلى الله عليه وسلم : إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه؟!

وكانت عائشة - رحمها الله - تنكر هذا الحديث، وتقول: إن عمر أخطأ، وإنما رأى النبي

صلى الله عليه وسلم

قوما يبكون على هالك لهم، فقال: إنهم ليبكون وإن صاحبهم ليعذب. وكان قد اجترم ما عرضه للعذاب، وأمر عمر أن يقوم عنه كل من كان يبكي بحضرته.

وزعم الرواة أنه حين أحس الموت، أوصى ابنه عبد الله، فقال له: يا بني، عليك بخصال الإيمان. قال: وما هن يا أبت؟ قال: الصوم في شدة أيام الصيف، وقتل الأعداء بالسيف، والصبر على المصيبة، وإسباغ الوضوء في اليوم الشاتي، وتعجيل الصلاة في يوم الغيم، وترك ردغة الخبال. قال: وما ردغة الخبال؟ قال: شرب الخمر.

وتوفي - رحمه الله - من غده، فقد طعن يوم الأربعاء وتوفي يوم الخميس على اختلاف من الرواة في ذلك، فمنهم من يقول: إنه توفي بعد ثلاث من طعنته. وأكبر الظن أنه توفي من غده.

وأنفق أهل الشورى بعد دفنه ثلاثة أيام يتشاورون، وكان عمر قد بلغ من السن نحو ستين عاما، وإن اختلف الرواة في سنه اختلافا كثيرا.

ومهما يكن من شيء، فقد مات عمر مرضيا عنه من الله ورسوله وأجيال المسلمين على تتابعها واختلافها لا يختلفون في حبه والثناء عليه، إلا ما كان من غلاة الشيعة.

ناپیژندل شوی مخ