الكليات لا الجزئيات
قال بعض الفلاسفة القدماء: إن الله تعالى لا يعلم الجزئيات؛ لأنها متغيرة غير منتهية.
إنا لا نتعرض لعلم الله سبحانه، فهو أعلم بعلمه؛ ولكن أقول: إن البشر لا يستطيع أن يحيط علما بالجزئيات، ولا يجديه أن يحاول الإحاطة بها، فليكن قصدنا إلى الكليات نعرفها ونعرف كيف تنطبق على جزئياتها في العلم والأدب وسائر المعلومات.
المؤرخ - مثلا - يستطيع أن يقول: إن الأمور السياسية أو الاقتصادية مختلة في عصر أو في بلد ما، وكان من اختلالها أن وقع كذا وكذا، ويكتفي بذكر الأمثلة من الحوادث وليس يجديه أن يستقرئ كل الجزئيات التي أدى إليها هذا الاختلال.
وأذكر أنه كان لنا أستاذ في الجامعة المصرية الأولى تكلم يوما عن الوزارة أيام الخليفة المقتدر العباسي فعد زهاء خمس عشرة وزارة، وذكر كيف تولت كل واحدة الأمر وكيف تركته، فكتبت إليه في أدب ولم أذكر اسمي: حسبنا أن يبين اضطراب الأمور أيام هذا الخليفة وتكرر الوزارات، ونذكر بعضها تمثيلا.
ونرى في كتب الفقه الإسلامي المتأخرة جزئيات كثيرة تعني المتعلم ولا تفيده، وأجدى منها أن تذكر القاعدة التي ترجع إليها مسائل الباب ويترك للمتعلم التطبيق.
وينبغي أن يسلك في التعليم كله هذا المسلك؛ نعلم القاعدة ونعلم التفريع منها ونعد المتعلم أن يتصرف في مسائلها إلى غير نهاية.
كان سقراط يقول: إن عملي أن أولد الحقائق في النفوس لا أن ألقنها كما تفعل أمي - وكانت أمه قابلة - وتفسير قول سقراط فيما أرى أنه كان يوقظ العقول ويوجهها إلى النظر فتدرك المسائل واحدة بعد أخرى دون أن يلقنها مسألة إلخ.
الجمعة 17 ذي الحجة/29 سبتمبر
راية للخير أو للشر
ناپیژندل شوی مخ