فوجدناها معلله بصفة راجعة إلى الجملة ، وليس كذلك المفارقة بين من صح أن يحيا وبين من لا يصح ، فإن من الممكن أن ترجع بها إلى الأمور التي تفتقر الحياة في الوجود إليها ، من التأليف والرطوبة وغيرهما.
** الواحد منا حي وجسم فهل يكون الله كذلك؟
فإن قيل : الواحد منا إذا كان عالما قادرا كما يجب أن يكون حيا يجب أن يكون جسما ، فقولوا مثله في القديم تعالى. قلنا : هذا الذي ذكرتم إنما وجب في الواحد منا لعلة ، تلك العلة مفقودة في القديم تعالى ، وهي أن أحدنا عالم بعلم ، وقادر بقدرة ، والعلم والقدرة يحتاجان إلى محل مخصوص ، والمحل المخصوص لا بد من أن يكون جسما ، وليس كذلك القديم تعالى ، لأنه تعالى قادر لذاته ، فلا يجب إذا كان عالما قادرا أن يكون جسما ، وإن وجب كونه حيا.
فإن قيل : فارضوا منا بمثل هذا الجواب ، فنقول : الواحد منا إذا كان قادرا عالما إنما وجب أن يكون حيا ، لأنه عالم بعلم وقادر بقدرة ، والعلم والقدرة يحتاجان إلى محل فيه حياة ، وليس كذلك القديم تعالى لأنه عالم لذاته وقادر لذاته ، فلا يحتاج إلى الحياة ، ولا يجب أن يكون حيا.
والأصل في الجواب عن ذلك ، أن العالم القادر إنما وجب أن يكون حيا في الشاهد لتعلق بين هاتين الصفتين ، لا لما ذكرتموه. ألا ترى أن ما دخل في جملة الحي دخل في جملة العالم القادر كاليد الصحيحة ، وما خرج عن جملة الحي خرج عن جملة العالم القادر كاليد المبانة ، ولهذا تقع الكتابة باليد الصحيحة ولا تصح باليد المبانة.
فإن قيل : إن الكتابة إنما تقع باليد الصحيحة لاتصالها بجملة الحي ، وهذا غير ثابت في اليد المبانة ، لا تأثير للاتصال ولا للانفصال في ذلك ، ألا ترى أن الشعر والظفر مع اتصالها بالحي لا تصح بهما الكتابة والفعل ، فإذا لا تأثير لكونه متصلا على ما قالوه.
على أنا نفرض الكلام في اليد الشلاء ، فنقول : إنها لما خرجت عن جملة الحي لم تتأت بها الكتابة ، ولا شيء آخر لخروجها عن جملة الحي. فإذا بأن ذلك إنما هو لعلاقة بين الصفتين ، لا للاتصال وعدم الاتصال.
مخ ۱۰۵