لأن سبب الإعلال في مثله فتح ما قبل آخره، مع تحركه أو تقدير تحركه، ولكان الموقوف عليه مبنيا، وكذا المحكي والمتبع، وهذا القول غير بعيد من الصواب.
والإشارة بقولنا "بلا معارض" إلى نحو "أي" فإنها في جميع أحوالها تناسب الحروف، إلا أن هذه المناسبة تعارضها مخالفة "أي" لسائر الموصولات ولأدوات الاستفهام والشرط بإضافتها، وكونها بمعنى بعض إن أضيفت إلى معرفة، وبمعنى كل إن أضيفت إلى نكرة، فعارضت مناسبة أي للمعرب مناسبتها للحرف، فغلبت مناسبة المعرب لأنها داعية إلى ما هو مستحق للاسم بالأصالة، وليثبت بذلك مزية ما له جابر على ما لا جابر له، ولأن إلغاء شبه الحرف في أي لما فيها من شبه التمكن، كإلغاء عُجمة لِجامٍ ونحوه لما فيه من شبه الاسم العربي بقبول الألف واللام والإضافة.
وقولنا "والسلامة منها تَمَكُّن" أي سلامة الاسم من مناسبة الحرف المؤثرة تمكن، أي تَثَبُّت في مقام الأصالة.
فالاسم ضربان: متمكن وهو المعرب، وغير متمكن وهو المبني.
والمتمكن ضربان: أمكن وهو المنصرف، وغير أمكن وهو ما لا ينصرف.
ولما كان المضارع شريك الاسم في الإعراب، وكان الكلام في الإعراب عموما، لم يستغن عن ذكر الأنواع الأربعة، وقدم الرفع والنصب للاشتراك فيهما، وقدم الرفع لأن الكلام قد يستغنى به عن غيره، وقدم الجر لأنه خاص بما هو أصل، وأخر الجزم لأنه خاص بما هو فرع.
ص: وخُصَّ الجرُّ بالاسم لأن عامله لا يستقل، فيحمل غيره عليه، بخلاف الرفع والنصب، وخُصَّ الجزم بالفعل لكونه فيه كالعوض من الجر.
ش: لما كان الاسم في الإعراب أصلا للفعل، كانت عوامله أصلا لعوامله فقبل رافع الاسم وناصبه أن يُفرَّع عليهما، لاستقلالهما بالعمل وعدم تعلقهما بعامل آخر، بخلاف عامل الجر فإنه غير مستقل، لافتقاره إلى ما يتعلق به من فعل أو ما يقوم مقامه، فموضع المجرور نصب بما يتعلق به الجار، ولذلك إذا حذف الجار نصب معموله، وإذا عطف على المجرور جاز نصب المعطوف، وربما اختير النصب.
فشارك المضارع الاسم في الرفع والنصب لقوة عامليهما بالاستقلال، وإمكان التفريع
1 / 39