مردودين بنون الإناث إليه، ولشبهه بالمعرب لم يجز أن تلحقه هاء السكت وقفا، إذ لا يلحق متحركا بحركة إعرابية ولا شبيهة بإعرابية، كاسم لا التبرئة، والمنادى المضموم.
وأما الأمر فشَبَهُهُ بالمجزوم بَيِّن، لأنه يجرى مجراه في تسكين آخره إن كان صحيحًا، وفي حذفه إن كان معتلا، ولا يعامل هذه المعاملة غيره من المبنيات المعتلة، بل يكتفي بسكون آخره كالذي والتي. وإذا ثبت أن المبني من الأفعال يُشَبّه بالمعرب، ضعف جعل مناسبته سببًا لبناء بعض الأسماء، فهذا بيان ضعف القول بأن أسماء الأفعال بنيت لمناسبة الأفعال التي هي واقعة موقعها كنَزالِ وهَيْهات، فإنهما بمعنى أنزِل وبَعُد واقعان موقعهما، ويزيده ضعفًا أيضًا أن مثل هذه المناسبة موجودة في المصادر الواقعة دعاء، كسقْيًا له، فإنه بمعنى سقاه "الله" وفي الواقعة أمرًا كقوله تعالى (فضرب الرقاب) فإنه بمعنى اضربوا الرقاب، وهما معربان بإجماع.
وأيضًا فمن أسماء الأفعال ما هو بمعنى المضارع وواقع موقعه، كأفٍّ وأوّه بمعنى أتضجر وأتوجع، فلو كان بناء نَزالِ وهيهات لوقوعهما موقع مبنيين، لكان أفّ وأوّه معربي لوقوعهما موقع مضارعين، فثبت بهذا وبما قبله أن بناء أسماء الأفعال ليس لمناسبتها الأفعال بل لمناسبتها الحروف لأنها شبيهة بالحروف الناسخة للابتداء في لزوم معنى الفعل والاختصاص بالاسم، وكونها عاملة غير معمولة، وسنذكر في مواضع الأسماء المبنية ما لكل منها من وجوه شبه الحرف.
ومما يشكل أمره من الأسماء المبنية ما بني قبل التركيب كحروف التهجي المسرودة، وهي أيضًا غير خالية من شبه الحرف، لأنها كلها غير عاملة في شيء ولا معمولة لشيء، فأشبهت الحروف المهملة كهل ولو ولولا. وامتنع بعض النحويين من الحكم عليها بالبناء وقال: لو كانت مبنية لم تسكن أواخرها وصلا بعد ساكن نحو: سين قاف، إذ ليس في المبنيات ما يكون كذلك. ولا يلزم أصلا من عدم الإعراب لفظًا عدمه حكمًا، ولو لزم ذلك لم يقل في الإفراد: فتى ونحوه،
1 / 38