أي فكل منقول عنه صلى الله عليه وسلم نقلا لم يبلغ حد التواتر ولم يعط حكم ما نقل بالتواتر، فلا يسمى قرآنا ولا تثبت له أحكام القرآنية، من جواز قراءته في الصلاة وحرمة مس الجنب له ونحو ذلك، بلا خلاف بين المسلمين في ذلك، لكن يجب علينا العمل بالمنقول للغير المتواتر في المواضع التي لم يعارض فيها المتواتر، يوجب العمل دون العلم، فيجوز لنا العمل بالشاذ من القراءات بل يجب علينا ذلك في مواضع، وجواز عملنا بالشاذ من القراءات لا يستلزم أن يعطي لغير المتواتر حكم المتواتر، لأنا إنما ننزل الشاذ من القراءات منزلة خبر الآحاد، لأن كلا منهما مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكما أن خبر الآحاد يوجب عندنا العمل ولا يلزم أن يعطى له حكم المتواتر، فكذلك الشاذ من القراءات، وقال عطاء ومالك والشافعي والمحاملي وابن الحاجب: لا يجوز العمل بالشاذ من القراءات بخلاف خبر الآحاد (مثل ذلك) قراء ابن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات، (قلنا) أن العدالة توجب القبول فيتعين أن يكون المنقول خبر آحاد وقرآنا وإلا لزم تكذيب الناقل ولا قائل بكذب ابن مسعود، (قالوا) بجواز أن يكون مذهبا (قلنا) فيلزم إلا كفار وهو أعظم (قالوا) يصير خبرا مقطوعا بخطئه إذ روايته قرآنا خطأ فلا يعمل به (قلنا) مهما لم نظنه مكذوبا، وجب العمل بمقتضاه وإن أخطأ الناقل بوصفه بالقرآنية، (واعلم) أن الشاذ من القراءات ما هو وراء السبعة، وقال البغوي هو ما وراء العشرة فالسبعة هم نافع وأبو عمرو والكسائي وابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة فهؤلاء السبعة، وأما الثلاثة الذين زادهم البغوي، فقال صاحب المنهاج هم: أبو يعقوب الخضري وأبو جعفر الطبري وأبي ابن خلف الجمحي، واعترضه غيره بأن القارئ المشهور الذي هو أحد العشرة هو أبو محمد بن هشام البزاز، قال وأما أبي بن خلف فهو الذي قتله محمد صلى الله عليه وسلم يوم أحد، (قال) صاحب المنهاج وكذلك عد بعض الناس من المتواتر قراءة ابن المرزبان خلف بن أحمد وقراءة هبة الله بن أحمد الطبري انتهى، (واعلم) أن اللفظ الدال على المعنى اعتبارات أربعة، الاعتبار الأول: من جهة وضع اللغة، الاعتبار الثاني: من حيث فهم المعنى منه ظهورا وخفاء، وذلك كالمجمل والمبين والمتشابه والمحكم، الاعتبار الثالث: من حيث استعمال اللفظ فيما وضع له وفي غير ما وضع له، وذلك الحقيقة والمجاز، الاعتبار الرابع: من حيث أخذ الحكم منه، وذلك هو الدال بعبارته والدال بإشارته والدال باقتضائه والدال بدلالته، لما كان الاعتبار الأول وهو الاعتبار الوضعي مشتملا على الخاص والعام والجمع المنكر والمشترك، وكان الخاص أخص الأربعة وضعا وأوضحها بيانا وأتمها فائدة وأقواها برهانا، قدم مبحثه على سائر مباحث هذا النوع فقال:
مبحث الخاص وأحكامه.
الخاص ما دل لمعنى مفرد ... كرجل ومائة في العدد.
ونحو زيد علما عيني ... ونحو إنسان وذا نوعي.
مخ ۳۲