265

شرح سیر کبیر

شرح السير الكبير

خپرندوی

الشركة الشرقية للإعلانات

د چاپ کال

۱۳۹۰ ه.ق

ژانرونه

حنفي فقه
وَدَلَّ عَلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَك فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾ [التوبة: ٦] . وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّومِ عَهْدٌ فَكَانَ يُشِيرُ نَحْوَ بِلَادِهِمْ كَأَنَّهُ يَقُولُ: حَتَّى نَفِيَ بِالْعَهْدِ ثُمَّ نُغِيرُ عَلَيْهِمْ يَعْنِي أَنَّ الْعَهْدَ كَانَ إلَى مُدَّةٍ، فَفِي آخِرِ الْمُدَّةِ سَارَ إلَيْهِمْ لَيَقْرَبَ مِنْهُمْ حَتَّى يُغِيرَ عَلَيْهِمْ مَعَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. قَالَ: وَإِذَا شَيْخٌ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ، وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ. وَكَانَ هَذَا الشَّيْخُ عَمْرَو بْنَ عَنْبَسَةَ السُّلَمِيَّ. تَبَيَّنَ لَهُ بِمَا قَالَ أَنَّ فِي صُنْعِهِ مَعْنَى الْغَدْرِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يَدْنُو مِنْهُمْ يُرِيدُ غَارَتَهُمْ، وَإِنَّمَا يَظُنُّونَ أَنَّهُ يَدْنُو مِنْهُمْ لِلْأَمَانِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا قَوْلُك: وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ؟ قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «أَيُّمَا رَجُلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلَا يَحُلَّنَّ عُقْدَةً وَلَا يَشُدَّهَا حَتَّى يُمْضِيَ أَمَدَهَا وَيُنْبَذَ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ» . وَفِي هَذَا دَلِيلُ وُجُوبِ التَّحَرُّزِ عَمَّا يُشْبِهُ الْغَدْرَ صُورَةً وَمَعْنًى، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

1 / 265