فحقيقة المنعم على ذلك: هو الموصل للنفع أو لسببه مع القصد للإحسان إلى من وصل إليه.
وحقيقة الإنعام: هو النفع الحسن الذي يقصد به موصله وجه
الإحسان إلى من وصل إليه.
[الكلام على أهل الطبع]
وأما الكلام على أهل الطبع: فهو يتعين في إبطال ما يذهبون
إليه من الطبع وإثبات الصانع المختار -سبحانه- وأنه لا فاعل للأجسام سواه، فبذلك يبطل ما ذهبوا إليه، وسنذكر في إبطال ما ذهبوا إليه طرفا من الكلام فيما بعد إن شاء الله تعالى.
[الكلام على مذهب أهل النجوم في الأرزاق]
وأما أصحاب النجوم: فمذهبهم مبني على أن الأرزاق والأرفاق الواصلة إلى العباد تحصل بتأثير الكواكب وسعادة المولد.
والكلام عليهم: أن هذه الأرزاق الواصلة إلى العباد أفعال فلا بد لها من فاعل، والفاعل لا يكون إلا حيا قادرا، والكوكب غير حي ولا قادر.
ودليل آخر: وهو أن الكوكب جسم بالإضطرار والمشاهدة، تلزمه الحركة والسكون وسائر الأكوان، وذلك أمارة الحدوث، فلو قدر على إستحالة ذلك كون الكوكب قادرا لم يخرج عن كونه قادرا بقدرة، فالقادر بالقدرة لا يصح منه فعل الأجسام، ولأن القادر بالقدرة لا يعدي فعله إلا بالإعتماد، والأرزاق أجسام بالإضطرار، والإعتماد لا يولد الأجسام، ولا تأثير له في إنشاء الغمام، وفتق الأكمام([28])، إلى غير ذلك من أنواع الإنعام.
ومما يبطل به قول أهل النجوم على وجه الجدل من المشاهدة: أنا ننظر إلى التوأمين والأسباب واحدة، والطالع واحد، مختلفي الأحوال في السعة والضيق، والرفاهية والنصب، وذلك ما لاينكره أحد؛ لأن منكره تفضحه المشاهدة، فلو كان لما ذكروه وجه لما اختلف الأمر فيمن ذكرنا.
واعلم: أن بإثبات الصانع، المختار، يبطل ما قالوه، فهذا هو الكلام على أهل النجوم على سبيل الجملة.
مخ ۶۷