أنا الذي سمتني أمي حبدرة
ورجزهما معا مشهور منقول لا حاجة لنا الآن إلى ذكره . | وتزعم الشيعة أنه خوطب في حياة الرسول صلى الله عليه وآله بأمير المؤمنين خاطبة بذلك جلة المهاجرين والأنصار ولم يثبت ذلك في أخبار المحدثين ، إلا أنهم قد رووا ما يعطي هذا المعنى ، وإن لم يكن اللفظ بعينه ، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وآله له : ' أنت يعسوب ' الدين الدين والمال يعسوب الظلمة ، وفي رواية أخري ' هذا يعسوب ' المؤمنين ، وقائد الغر المحجلين ، واليعسوب ، ذكر النحل وأميرها ، روى هاتين الروايتين أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني في المسند في كتابه فضائل الصحابة ، ورواهما أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء . | ودعي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله بوصي رسول الله ، لوصضايته إليه بما أراده ، وأصحابنا لا ينكرون ذلك ، إنها لم تكن وصية بالخلافة ، بل بكثير من المتجددات بعده ، أفضى بها إليه عليه السلام ، وسنذكر طردا من هذا المعنى فيما بعد . | وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي أول هاشمية ولدت لهاشمي ، كان علي السلام أصغر بنيها ، وجعفر أسن منه بعشر سنين ، وفاطمة بنت أسد أمهم جميعا . | وأم فاطمة بنت أسد فاطمة بنت هرم من رواحة بن حجر بن عبد بن معيص ابن عامر بن لوي ، وأمها حدية بنت وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن معيص بن عامر بن لوي وأمها سلمى بنت عامر بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر . وأمها عاتكة بنت أبي همهمة ، واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وأمها حبيبة ، وهي أمة الله بنت عبد يا ليل بن سالم بن مالك بن خطيط بن جشم بن قسي ، وهو ثقيف ، وأمها فلانة بنت مخزوم بن أسامة بن ضبع بن وائلة بن نصر بن صعصعة بن ثعلبة بن كنانة بن عمرو بن قين بن فهم بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر . وأمها ريطة بنت يسار بين مالك بن خطيط بن جشم بن ثقيف وأمها كلة بنت حصين بن سعد بن بكر بن هوازن وأمها حبي بنت الحارث بن النابغفة بن عميرة بن عوف بن نصر بن بكر بن هوازن ، ذكر هذا النسب أبو الفجر علي بن الحسي الأصفهاني في كتاب ' مقاتل الطالبيين ' | أسلمت فاطمة بنت أسد بعد عشرة من المسلمين ، وكانت الحاتدية عشرة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يكرمها ويعظمها ويدعوها : ' أمي ' وأوصت إليه حين حضرتهاغ الوفاة ، فقبل وصيتها ، وصلى عليها ، ونزل في لحدها ، واضطجع معها فيه بعد أن ألبسها قميصه ، فقال له أصحابه : إنا ما رأيناك صنعت يا رسول الله بأحد ما صنعت بها ، فقال : ' إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبر بي منها ، وإنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة ن واضطجعت معها ليهون عليها ضغطة القبر ' . | فاطمة أول امرأة بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله من النساء . | وأم أبي طالب بن عبد المطلب فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم ، وهي أم عبد الله ، والد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله , وأم الزبير بن عبد المطلب وسائر ولد عبد المطلب بعد لأمهات شتى . | واحتلف في مولد علي عليه السلام اين كان ؟ فكثير من الشيعة يزعمون أنه ولد في الكعبة ، والمحدثون لا يعترفون بذلك ، | ويزعمون أن المولود في الكعبة حكيم بن حزام خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي . واختلف في سنة حين أظهر النبي صلى الله عليه وآله الدعوة ، إذ تكامل له صلوات الله عليه أربعون سنة ، فالأشهر من الروايات أنه كان ابن عشر ، وكثير من أصحابنا المتكلمين يقولون : إنه كان ابن ثلاث عشرة سنة ، ذكر ذلك شيخنا أبو القاسم البلخي وغيره من شيوخنا . والأولون يوقولن : إنه قتل وهو ابن ثلاث وستين سنة ، وهؤلاء يقولون : ابن ست وستين ، والروايات في ذلك مختلفة ، ومن الناس من يزعن أن سنة كانت دون العشر ، والأكثر الأظهر خلاف ذلك . | وذكر أحمد بن يحيى البلاذري وعلي بن الحجسين الأصفهاني أن قريشا أصابتها أزمة وقحط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعميه ، حمزة والعباس : ' الا نحمل ثقل أبي طالب في هذا المحل ' فجاؤوا إليه وسألوه أن يدفع إليهم ولده ليكفوه أمرهم ، فقال : دعوا لي يعقيلا وخذوا من شئتم ، وكان شديد الحب لعقيل فأخذ العباس طالبا ، وأخذ حمزة جعفرا ، وأخذ محمد صلى الله عليه وآله عليا ، وقال لهم : قد اخترت من اختار الله لي عليكم عليا ' قالوا : فكان علي عليه السلام في حجر رسول الله عليه وآله ، منذ كان عمره ست سنين . | وكان ما يسدي إليه صلوالت الله عليه من إحسانه وشفقته وبره وحسن تربيته ، كالمكافأة والمعاوضة لصنيع أبي طالب به ، حيث مات عبد المطلب وجعله في حجره وهذا يطابق قوله عليه السلام : لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة سبع سنين وقوله : كنت أسمع الصوت وأبصر الضوء سنين سبعا ، ورسول الله صلى الله عليه وآله حينئذ صامت ما أذن في الإنذار والتبليغ ، وذلك لأنه إذا كان عمره يوم إظهار الدعوة ثلاث عشرة سنة ، وتسليمه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله من أبيه وهو ابن ست ، فقد صح أنه كان يعبد الله قبل الناس بأجمعهم سبع سنين ، وابن ست تصح من العبادة إذا كان ذا تمييز ، على أن عبادة مثله هي التعظيم والإجلال ، وخشوع القلب ، واستخداء الجوارح إذا شاهد شيئا من جلال الله سبحانه وآياته الباهرة ، ومثل هذا موجود في الصبيان . | وقتل عليه السلام ليلة الجمعة لثلاث عشرة بقين من شهر رمضان ، سنة أربعين في رواية أبي عبد الرحمن السلمي وهي الرواية المشهورة ، وفي رواية أبي مخنف أنها كانت لإحدى عشرة ليلة بقين من شهر رمضان ، وعليه الشيعة في زماننا . | والقول الأول أثبت عند المحدثين ، والليلة السابعة عشرة من شهر رمضان هي ليلة بدر ، وقد كانت الروايات وردت أنه يقتل في ليلة بدر ، عليه السلام ن وقبره بالغرى . | وما يدعيه أصحاب الحديث من الاختلاف في قبره ، وأنه حمل إلى المدينة ، أو أنه دفن في رحبة الجامع ، أو عند باب قصر الإمارة ، أو ند البعير الذي حمل عليه فأخذته الأعراب ، باطل كله ، لا حقيقة له ، وأولاده أعرف بقبره وأولاد كل الناس أعرف بقبور آبائهم من الأجانب ، وهذا القبر الذي زاره بنوه لما قدموا العراق ، منهم جعفر بن محمد عليه وغيره من أكابرهم وأعيانهم . | وروى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين بإسناد ذكره هناك أن الحسين عليه السلام لما سئل : أين دفنتم أمير المؤمنين ؟ فقال : خرجنا به ليلا من منزلة بالكوفة ، حتى مررنا به على مسجد الأشعث ، حتى انتهينا به إلى الظهر بجنب الغري . | وسنذكر خبر مقتله عليه السلام فيما بعد . | فأما فضائلة عليه السلام ن فإنها قد بلغت من العظم والجلالة والانتشار والاشتهار مبلغا يسمح معه التعرض لذكرها ، والتصدي لتفصيلها ، فصارت كممما أبو العيناء لعبيد الله بن يحيى بن خاقانت وزير المتوكل والمعتمد : رأيتني فيما أتعاطى من وصف فضلك ، كالمخبر عن ضوء النهار الباهر ، والقمر الزاهر ن الذي لا يخفى على الناظر ، فأيقنت أني حيث انتهى بي القول منسوب إلى العجز ، مقصر عن الغاية ، فانصرفت عن الشاء عليك إلى الدعاء لك ، وتوكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك . | وأما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ، ولا كتمان فضائله ، فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها ، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره ، والتحريض عليه ، ووضع المعايب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر ، وتوعدوا مادحيه ، بل حبسوهم وقتلوهم ، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة ، أو يبرفع له ذكرا ، حتى حظروا أن يسمىأحد باسمه ، فما زاده ذلك إلا رفعه وسموا ، وكان كالمسك كلما سترانتشر عرفه ، وكلما كتم تضوع نشره ، وكالشمس لا تستر بالراح ، وكضوء النهار إن حجبت عند عين واحدة ، أدركته عيون كثيرة ، | وما أقول في رجل تعزى إلأيه كل فضيلة ، وتنتهي إليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة ، فهو رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها ، وسابق مضمارها ، ومجلي حلبتها ، كل من برع فيها بعده فمنه أخذ ، وله اقتفى ، وعلى مثاله احتذى . | وقد عرفت أنه أشرف العلوم هو العلم الإلهي ن لأن شرف العلم بشرف المعلوم ومعلومه أشرف الموجودات ، فكان هو أشرف العلوم ، ومن كلامه عليه السلام اقتبس وعنه نقل ، وإليه انتهى ، ومنه ابتدأ ، فإن المعتزلة - الذين هم أهل التوحيد والعدل ، وأرباب النظر ومنهم تعلم الناس هذا الفن ، تلامذته وأصحابه ، لأن كبيرهم واصل بن عطاء تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ، وأبو هاشم تلميذ أبيه ، وأبوه تلميذه عليه السلام وأما الأشعرية فإنهم ينتمون إلى أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري وهو تلميذ أبي علي الجبائي ، وأب علي أحد مشايخ المعتزلة ، فالأشعرية ينتهون بآخرهن إلى استاذ المعتزلة ومعلمهم ، وهو علي بن أبي طالب عليه السلام . وأما الإمامية والزيدية فانتماؤهم إليه ظاهر . | ومن العلوم علم الفقه وهو عليه السلام أصله وأساسه ، وكل فقيه في الإسلام فه عيال عليه ، ومستفيد من فقهه ، أما أصحاب أبي حنيفة كأبي يوسف ومحمد وغيرهما فأحذوا عن أبي حنيفة ، وأما الشافعي فقرأ على محمد بن الحسن ، فيرجع فققه أيضا إلى أبي حنيفة ، وأما أحمد بن حنبل فقرأ على الشافعي ، فيرجع فقهه أيضا إلى أبي حنيفة ، وأبو حنيفة قرأ على جعفر بن محمد عليه السلام ، وقرأ جعفر على أبيه عليه السلام ، وينتهي الأمر إلى علي عليه السلام ، وأما مالك بن أنس فقرأ على ربيعة الرأي ، وقرأ ربيعة ، على عكرمة ، وقرأ عكرمة على عبد الله بن عباس ، وقرأ عبد الله بن عباس على علي بن أبي طالب ، وإن شئت فرددت إليه فقه الشافعي بقراءته على مالك كان لك ذلك ، فهؤلاء الفقهاء الأربعة . | وأما فقه الشيعة فرجوعه إليه ظاهر ن وأيضا فإن فقهاء الصحابة كانوا : عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عباس ، وكلاهما أخذ عن علي عليه السلام ، أما ابن عباس فظاهر وأما عمر فقد عر كل أحد رجوعه إليه في كثير من المسائل التي أشكلت عليه وعلى غيره من الصحابة ، وقوله غير مرة ، ' لولا علي لهلك عمر ' وقوله ' لات بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن ' وقوله ' لا يفتين أحد في المسجد وعلي حاضر ' فقد عرف بهذا الوجه أيضا انتهاء الفقه إليه . | وقد روت العامة والخاصة قوله صلى الله عليه وآله : ' أقضاكم علي ' والقضاء هو الفقه ، فهو إذا أفقههم وروى الكل أيضا أنه عليه السلام قال له وقد بعثه إلى اليمن قاضيا ' اللهم اهد قلبه وثبت لسانه ' قال : فما شككت بعدها في قضاء بين اثنين ، وهو عليه السلام الذي أفتى في المرأة التي وضعت لستة أشهر ، وهو الذي أفتى في الحامل الزانية ، وهو الذي قال في المنبرية ' صار ثمنها تسعا ، وهذه المسألة لو فكر الفرضي فيها فكرا طويلا لاستحسن منه بعد طول النظر هذا الجواب ، فما ظنك بمن قاله بديهة ، واقتضبه ارتجالا | ومن العلوم علم تفسير القرآن ، وعنه أخذ ، ومنه فرع ، وإذت رجعت إلى كتب التفسير علمت صحة ذلك لأن أكثره عنه وعن عبد الله بن عباس وقد علم الناس حال ابن عباس في ملازمته له ، وانقطاعه إليه وأنه تلميذه وخريجه ، وقيلف له : أين علمك من علم ابن عمك ؟ فقال : كسبه قطرة من المطر إلى البحر المحيط . ومن العلوم علم الطريقة والحقيقة وأحوال التصوف ، وقد عرفت أن أرباب هذا الفن في جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون ، وعنده يقفون ، وقد صرح بذلك الشبلي ، والجنيد وسري ، وأبو يزيد البسطامي ، وأبو محفوظ معروف الكرخي ، وغيرهم . ويكفيك دلالة على ذلك الخرقة التي هي شعارهم إلى اليوم ، وكونهم يسندونها بإسناد متصل إليه عليه السلام . | ومن العلوم علم النحو والعربية ، وقد علم الناس كافة أنه هو الذي ابتدعه وأنشأه وأملى على أبي الأسود الدؤلي جوامعه وأصوله ، من جملتها : الكلام كله ثلاثة أشياء : اسم وفعل وحرف ، ومن جملتها تقسيم الكلمة إلى معرفة ونكرة ، وتقسيم وجوه الإعراب إلى الرفع والنصب والجر والجزم ، وهذا بكاد يلحق بالمعجزات ، لأن القوة البشرية لا تفي بهذا الحصر ، ولا تنهض بهذا الاستنباط . وإن رجعت إلى الخصائص الخلفية والفضائل النفسانية والدينية وجدته ابن جلاها وطلاع ثناياها . | وأما الشجاعة فإنه أنسى الناس فيها ذكر من كان قبله ، ومحا اسم من يأتي بعده ، ومقاماته في الحرب مشهورة يضرب بها الأمثال إبى يوم القيامة وهو الشجاع الذي ما فر قط ، ولا ارتاع من كتيبة ، ولا بارز أحدا إلى قتله ، ولا ضرب ضربة قط فاحتاجت الأولى إلى ثانية ، وفي الحديث : ' كانت ضرباته وترا ' ولما دعا معاوية إلى المبارزة ليستريح الناس من الحرب بقتل أحدهما ، قال لهن عمرو : لقد أنصفك ، فقال معاوية : ما غششتني منذ نصحتني إلا اليوم ، أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنه الشجاع المطرق أراك طمعت في إمارة الشام بعدي ، وكانت العرب نفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته ، فأما قتلاه فافتخار رهطهم بأنه عليه السلام قتلهم أظهر وأكثر قالت أخت عمرو ابن عبد ود ترثيه : |
لو كان قاتل عمرو غير قاتله
بكيته أبدا ما دمت في الأبد
مخ ۱۹