شرح نهج البلاغه
شرح نهج البلاغة
ایډیټر
محمد عبد الكريم النمري
خپرندوی
دار الكتب العلمية
شمېره چاپونه
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
قال نصر بن مزاحم : الرجل هو الأشعث بن قيس ، قال : فكأنما قصع على أنفه الحميم ثم قال : ولكني رضيت بما يرضى به أمير المؤمنين ؛ ودخلت فيما دخل فيه ، وخرجت مما خرج منه ، فإنه لا يدخل إلا في الهدى والصواب . قال نصر : فحدثنا عمر بن سعد عن أبي جناب الكلبي عن إسماعيل بن شفيع عن سفيان بن سلمة ، قال : فلما تم الكتاب وشهدت فيه الشهود ، وتراضى الناس خرج الأشعث ، ومعه ناس بنسخة الكتاب يقرؤها على الناس ، ويعرضها عليهم ، فمر به على صفوف من أهل الشام ، وهم على راياتهم ، فأسمعهم إياه ، فرضوا به ، ثم مر به على صفوف من أهل العراق ، وهم على راياتهم ، فأسمعهم إياه ، فرضوا به ، حتى مر برايات عنزة ، وكان مع علي عليه السلام من عنزة بصفين أربعة آلاف مجفف ، فلما مر بهم الأشعث يقرؤه عليهم ، قال فتيان منهم : لا حكم إلا لله ، ثم حملا على أهل الشام بسيوفهما ، فقاتلا حتى قتلا على باب رواق معاوية - فهما أول من حكم . واسماهما جعد ومعدان - ثم مر بهما على مراد ، فقال صالح بن شقيق ، وكان من رؤوسهم :
ما لعلي في الدماء قد حكم . . . لو قاتل الأحزاب يوما ما ظلم
لا حكم إلا لله ، وكره المشركون . ثم مر على رايات بني راسب ، فقرأها عليهم ، فقال رجل منهم : لا حكم إلا لله ، لا نرضى ولا نحكم الرجال في دين الله . ثم مر على رايات تميم ، فقرأها عليهم ، فقال رجل منهم : لا حكم إلا لله ، يقضي بالحق وهو خير الفاصلين . فقال رجل منهم لآخر : أما هذا فقد طعن طعنة نافذة . وخرج عروة بن أدية ، أخو مرداس بن أدية التميمي ، فقال : أتحكمون الرجال في أمر الله لا حكم إلا لله ! فأين قتلانا يا أشعث ! ثم شد بسيفه ليضرب به الأشعث ، فأخطأه ، وضرب عجز دابته ضربة خفيفة ، فصاح به الناس : أن املك يدك ، فكف ورجع الأشعث إلى قومه ، فمشى الأحنف إليه ومعقل بن قيس ومسعر بن فدكي ، ورجال من بني تميم ، فتنصلوا واعتذروا ، فقبل منهم ذلك وانطلق إلى علي عليه السلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إني عرضت الحكومة على صفوف أهل الشام ، وأهل العراق ، فقالوا جميعا : رضينا ، حتى مررت برايات بني راسب ، ونبذ من الناس سواهم ، فقالوا : لا نرضى ، لا حكم إلا لله فمل بأهل العراق وأهل الشام عليهم حتى نقتلهم . فقال علي عليه السلام : هل هي غير راية أو رايتين ونبذ من الناس ؟ قال : لا ، قل : فدعهم .
قال نصر : فظن علي عليه السلام أنهم قليلون لا يعبأ بهم ، فما راعه إلا نداء الناس من كل جهة ومن كل ناحية : لا حكم إلا لله ! الحكم لله يا علي لا لك ! لا نرضى بأن يحكم الرجال في دين الله . إن الله قد أمضى حكمه في معاوية وأصحابه أن يقتلوا أو يدخلوا تحت حكمنا عليهم ، وقد كنا زللنا وأخطأنا حين رضينا بالحكمين ، وقد بان لنا زللنا وخطؤنا فرجعنا إلى الله وتبنا ، فارجع أنت يا علي كما رجعنا ، وتب إلى الله كما تبنا ، وإلا برئنا منك . فقال علي عليه السلام : ويحكم ! أبعد الرضا والميثاق والعهد نرجع ! أليس الله تعالى قد قال : ' أوفوا بالعقود ' ، وقال : ' وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ' ! فأبى علي أن يرجع ، وأبت الخوارج إلا تضليل التحكيم والطعن فيه ، فبرئت من علي عليه السلام وبرئ علي عليه السلام منهم .
قال نصر : وقام إلى علي عليه السلام محمد بن جريش فقال : يا أمير المؤمنين ، أما إلى الرجوع عن هذا الكتاب سبيل ! فوالله إني لأخاف أن يورث ذلا ، فقال علي عليه السلام : أبعد أن كتبناه ننقضه ! إن هذا لا يحل .
مخ ۱۴۰