225

شرح نهج البلاغه

شرح نهج البلاغة

ایډیټر

محمد عبد الكريم النمري

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۴۱۸ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

وقد قال عبد الله قولا تعلقت . . . به النفس إن لم تقتطعني عوائقي

وخالقه فيه أخوه محمد . . . وإني لصلب العود عند الحقائق

فقال عبد الله : رحل الشيخ . ودعا عمرو غلامه وردان - وكان داهيا ماردا - فقال : ارحل يا وردان ، ثم قال : احطط يا وردان ، ثم قال : ارحل يا وردان ، احطط يا وردان . فقال له وردان : خلطت أبا عبد الله ! أما إنك إن شئت أنبأتك بما في قلبك ، قال : هات ويحك ! قال : اعتركت الدنيا والاخرة على قلبك ، فقلت : علي معه الآخرة في غير دنيا وفي الآخرة عوض من الدنيا ، ومعاوية معه الدنيا بغير آخرة ، وليس في الدنيا عوض من الاخرة ، وأنت واقف بينهما ، قال : قاتلك الله ! ما أخطأت ما في قلبي ، فما ترى يا وردان ؟ قال : أرى أن تقيم في بيتك ، فإن ظهر أهل الدين عشت في عفو دينهم ، وإن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك . قال : الآن لما أشهرت العرب سيري إلى معاوية ! فارتحل وهو يقول :

يا قاتل الله وردانا وقدحته . . . أبدى لعمرك ما في النفس وردان

لما تعرضت الدنيا عرضت لها . . . بحرص نفسي وفي الأطباع إدهان

نفس تعف وأخرى الحرص يغلبها . . . والمرء يأكل تبنا وهو غرثان

أما علي فدين ليس يشركه . . . دنيا ، وذاك له دنيا وسلطان

فاخترت من طمعي دنيا على بصر . . . وما معي بالذي أختار برهان

إني لأعرف ما فيها وأبصره . . . وفي أيضا لما أهواه ألوان

لكن نفسي تحب العيش في شرف . . . وليس يرضى بذل العيش إنسان

فسار حتى قدم على معاوية ، وعرف حاجة معاوية إليه ، فباعده من نفسه ، وكايد كل واحد منهما صاحبه .

فقال له معاوية يوم دخل عليه : أبا عبد الله ، طرقتنا في ليلتنا ثلاثة أخبار ليس فيها ورد ولا صدر ، قال : وما ذاك ؟ قال : منها أن محمد بن أبي حذيفة كسر سجن مصر فخرج هو وأصحابه ، وهو من آفات هذا الدين . ومنها أن قيصر زحف بجماعة الروم ليغلب على الشام . ومنها أن عليا نزل الكوفة ، وتهيأ للمسير إلينا .

فقال عمرو : ليس كل ما ذكرت عظيما ؛ أما ابن حذيفة ، فما يتعاظمك من رجل خرج في أشباهه أن تبعث إليه رجلا يقتله أو يأتيك به ، وإن قاتل لم يضرك ! وأما قيصر فأهد له الوصائف وآنية الذهب والفضة ، وسله الموادعة فإنه إليها سريع . وأما علي فلا والله ما يسوي العرب بينك وبينه في شيء من الأشياء ، وإن له في الحرب لحظا ما هو لأحد من قريش ، وإنه لصاحب ما هو فيه إلا أن تظلمه . هكذا في رواية نصر بن مزاحم عن محمد بن عبيد الله .

مخ ۳۹