وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
وهذا من عجائبه وغرائبه . | ومنها أن الغالب على شرفاء الناس ومن هو من أهل بيت السيادة والرياسة أن يكون ذا كبر وتيه وتعظم وتغطرس ، خصوصا إذا أضيف إلى شرفه من جهة النسب شرفه من جهات أخرى ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يفي مصاص الشرف ومعدنه ومعانيه ، لايشك عدو ولا صديق أنه أشرف خلق الله نسبا بعد ابن عمه صلوات الله عليه ، وقد حصل له من الشرف عير شرف النمسب جهات كثيرة متعدجدة ، قد ذكرنا بعضها ، ومع ذلك فكان أشد الناس تواضعا لصغير وكبير ، وألينهم عريكه ، وأسمحهم عريكة ، وأسمحهم خلقا ، وأبعدهم عن الكثر ، وأعرفهم بحق ، وكانت هذه في كلا زمانيه ، زمان خلافته ، والزمان الذي قبله ، لم تغيره الإمرة سجيته وما برح أميرا لم يستفد بالخلافة شرفا ، ولا اكتسب بها زينة ، بل هو قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل ، ذكر ذلك الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي في تاريخه المعروف بالمنتظم تذاكروا عند أحمد أب يبكر وعلي وقالوا فأكثروا فرفع رأسه إليهم ، وقال لقد أكثرتم إن عليا لم تزله الخلافة ، ولكنه زالها ، وهذا الكلام دال بفحواه ومفهومه على أن غيره ازدان بالخلافة وتممت نقصه ، وأن عليا عليه السلام لم يكن فيه نقص يحتاج إلى أن يتمم بالخلافة ، وكانت الخلافة ذات نقص يفي نفسها ، فتم نقصها بولايته إياها . | ومنها أن الغالب على ذوي الشجاعة وقتل الأنفس وإراقة الدماء أن يكونوا قليلي الصفح ، بعيدي العفو ، لأن أكبادهم واغرة ، وقلوبهم ملتهبة ، والقوة الغضبية عندهم شديدة ، وقد علمت حال أمير المؤمنين عليه السلام في كثرة إراقة الدم وما عنده من الحلم والصفح ، ومغالبة هوى النفس ، ولقد رأيت فعله يوم الجمل ، ولقد أحسن مهيار في قوله : |
حتى إذا دارت بغيهم
عليهم وسبق السيف العذل
عاذوا بعفو ماجد معود
للعفو حمال لهم على الملل
فنجت البقيا عليهم من نجا
وأكل الحديد منهم من أكل
مخ ۳۹