168

شرح نهج البلاغه

شرح نهج البلاغة

ایډیټر

محمد عبد الكريم النمري

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۴۱۸ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

ثم قال : المال والبنون حرث الدنيا ، وهو من قوله سبحانه : ' المال والبنون زينة الحياة الدنيا ' ، ومن قوله تعالى : ' من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ' .

قال : وقد يجمعهما الله لأقوام ، فإنه تعالى قد يرزق الرجل الصالح مالا وبنين ، فتجتمع له الدنيا والآخرة .

ثم قال : فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه ، وذلك لأنه تعالى قال : ' فاتقون ' ، وقال : ' فارهبون ' ، وقال : ' فلا تخشوا الناس واخشون ' ، وغير ذلك من آيات لتحذير .

ثم قال : ولتكن التقوى منكم أقصى نهايات جهدكم ، لا ذات تقصيركم ، فإن العمل القاصر قاصر الثواب ، قاصر المنزلة .

النهي عن الحسد

واعلم أن مصدر هذا الكلام النهي عن الحسد ، وهو من أقبح الأخلاق المذمومة . وروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم : ' ألا لا تعادوا نعم الله ' ، قيل : يا رسول الله ، ومن الذي يعادي نعم الله ؟ قال : ' الذين يحسدون الناس ' .

وكان ابن عمر يقول : تعوذوا بالله من قدر وافق إرادة حسود .

قيل لأرسطو : ما بال الحسود أشد غما من المكروب ؟ قال : لأنه يأخذ نصيبه من غموم الدنيا ، ويضاف إلى ذلك غمه بسرور الناس .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ، فإن كل ذي نعمة محسود ' ، وقال منصور الفقيه :

منافسة الفتى فيما يزول . . . على نقصان همته دليل

ومختار القليل أقل منه . . . وكل فوائد الدنيا قليل

ومن الكلام المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام : لله در الحسد ! ما أعدله ! بدأ بصاحبه فقتله .

ومن كلام عثمان بن عفان : يكفيك من انتقامك من الحاسد أنه يغتم وقت سرورك .

وقال مالك بن دينار : شهادة القراء مقبولة في كل شيء إلا شهادة بعضهم على بعض ، فإنهم أشد تحاسدا من السوس في الوبر ، وقال أبو تمام :

وإذا أراد الله نشر فضيلة . . . طويت ، أتاح لها لسان حسود

لولا اشتعال النار فيما جاورت . . . ما كان يعرف طيب عرف العود

مخ ۱۸۸