شرح نهج البلاغه
شرح نهج البلاغة
پوهندوی
محمد عبد الكريم النمري
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
فأما الكلام الذي كان أمير المؤمنين عليه السلام قاله على منبر الكوفة فاعترضه فيه الأشعث ، فإن عليا عليه السلام قام إليه - وهو يخطب ، ويذكر أمر الحكمين - رجل من أصحابه ، بعد أن انقضى أمر الخوارج ، فقال له : نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها ، فما ندري أي الأمرين أرشد ! فصفق عليه السلام بإحدى يديه على الأخرى ، وقال : هذا جزاء من ترك العقدة . وكان مراده عليه السلام : هذا جزاؤكم إذ تركتم الرأي والحزم ، وأصررتم على إجابة القوم إلىالتحكيم ؛ فظن الأشعث أنه أراد : هذا جزائي حيث تركت الرأي والحزم وحكمت ، لأن هذه اللفظة محتملة ، ألا ترى أن الرئيس إذا شغب عليه جنده وطلبوا منه اعتماد أمر ليس بصواب ، فوافقهم تسكينا لشغبهم لا استصلاحا لرأيهم ، ثم ندموا بعد ذلك ، قد يقول : هذا جزاء من ترك الرأي ، وخالف وجه الحزم ؛ ويعني بذلك أصحابه ؛ وقد يقوله يعني به نفسه حيث وافقهم أمير المؤمنين عليه السلام ، إنما عنى ما ذكرناه دون ما خطر للأشعث ، فلما قال له : هذه عليك لا لك ، قال له : وما يدريك ما علي مما لي ، عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين ! وكان الأشعث من المنافقين في خلافة علي عليه السلام ، وهو في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، كما كان عبد الله بن أبي بن سلول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كل واحد منهما رأس النفاق في زمانه .
وأما قوله عليه السلام للأشعث : حائك ابن حائك ، فإن أهل اليمن يعيرون بالحياكة ، وليس هذا مما يخص الأشعث .
ومن كلام خالد بن صفوان : ما أقول في قوم ليس فيهم إلا حائك برد ، أو دابغ جلد ، أو سائس قرد ، ملكتهم امرأة ، وأغرقتهم فأرة ، ودل عليهم هدهد !
ومن خطبة له في تهويل ما بعد الموت وتعظيمه
الأصل : فإنكم لو قد عاينتم ما قد عاين من مات منكم ، لجزعتم ووهلتم ، وسمعتم وأطعتم ، ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا ؛ وقريب ما يطرح الحجاب .
ولقد بصرتم إن أبصرتم ، وأسمعتم إن سمعتم ، وهديتم إن اهتديتم ، وبحق أقول لكم : لقد جاهرتكم العبر ، وزجرتم بما فيه مزدجر ، ما يبلغ عن الله بعد رسل السماء إلا البشر .
الشرح : الوهل الخوف ، وهل الرجل يوهل .
و ما في قوله : ما يطرح ، مصدرية ؛ تقديره : وقريب طرح الحجاب ، يعني رفعه بالموت .
وهذا الكلام يدل على صحة القول بعذاب القبر ، وأصحابنا كلهم يذهبون إليه ، وإن شنع عليهم أعداؤهم من الأشعرية وغيرهم بجحده .
وذكر قاضي القضاة رحمه الله تعالى أنه لم يعرف معتزليا نفى عذاب القبر ، لا من متقدمه ولا من متأخرهم ؛ قال : وإنما نفاه ضرار بن عمرو ، لمخالطته لأصحابنا وأخذه عن شيوخنا ، ما نسب قوله إليهم .
مخ ۱۷۹