شرح نهج البلاغه

Ibn Abi al-Hadid d. 656 AH
131

شرح نهج البلاغه

شرح نهج البلاغة

پوهندوی

محمد عبد الكريم النمري

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۴۱۸ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

لما تقاعس محمد يوم الجمل عن الحملة ، وحمل علي عليه السلام بالراية ، فضعضع أركان عسكر الجمل ، دفع إليه الراية ، وقال : امح الأولى بالأخرى ، وهذه الأنصار معك . وضم إليه خزيمة بن ثابت ذا الشهادتين ، في جمع من الأنصار ، كثير منهم من أهل بدر ، فحمل حملات كثيرة ، أزال بها القوم عن مواقفهم وأبلى بلاء حسنا . فقال خزيمة بن ثابت لعلي عليه السلام : أما إنه لو كان غير محمد اليوم لافتضح ، ولئن كنت خفت عليه الحين وهو بينك وبين حمزة وجعفر لما خفناه عليه ، وإن كنت أردت أن تعلمه الطعان فطالما علمته الرجال .

وقالت الأنصار : يا أمير المؤمنين ، لولا ما جعل الله تعالى للحسن والحسين لما قدمنا على محمد أحدا من العرب . فقال علي عليه السلام : أين النجم من الشمس والقمر ! أما إنه قد أغنى وأبلى ، وله فضله ، ولا ينقص فضل صاحبيه عليه ، وحسب صاحبكم ما انتهت به نعمة الله تعالى إليه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إنا والله لا نجعله كالحسن والحسين ، ولا نظلمهما له ، ولا نظلمه - لفضلهما عليه - حقه ، فقال علي عليه السلام : أين يقع ابني من ابني رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقال خزيمة بن ثابت فيه :

محمد ما في عودك اليوم وصمة . . . ولا كنت في الحرب الضروس معردا

أبوك الذي لم يركب الخيل مثله . . . علي ، وسماك النبي محمدا

فلو كان حقا من أبيك خليفة . . . لكنت ، ولكن ذاك ما لا يرى بدا

وأنت بحمد الله أطول غالب . . . لسانا ، وأنداها بمال ملكت يدا

وأقربها من كل خير تريده . . . قريش وأوفاها بما قال موعدا

وأطعنهم صدر الكمي برمحه . . . وأكساهم للهام عضبا مهندا

سوى أخويك السيدين ، كلاهما . . . إمام الورى والداعيان إلى الهدى

أبى الله أن يعطي مقعدا . . . من الأرض أو في الأوج مرقى ومصعدا

ومن كلام له لما أظفره الله بأصحاب الجمل

وقد قال له بعض أصحابه : وددت أن أخي فلانا كان شاهدنا ليرى ما نصرك الله به على أعدائك ، فقال علي عليه السلام : الأصل : أهوى أخيك معنا . فقال : نعم ، قال : فقد شهدنا في عسكرنا هذا قوم في أصلاب الرجال ، وأرحام النساء ، سيرعف بهم الزمان ، ويقوى بهم الإيمان .

الشرح : يرعف بهم الزمان : يوجدهم ويخرجهم ، كما يرعف الإنسان بالدم الذي يخرجه من أنفه ، قال الشاعر :

وما رعف الزمان بمثل عمرو . . . ولا تلد النساء له ضريبا

والمعنى مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان ولم يكن شهد بدرا ، تخلف على رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مرضت مرض موتها - : ' لقد كنت شاهدا وإن كنت غائبا ، لك أجرك وسهمك ' .

مخ ۱۵۱