شرح نهج البلاغه
شرح نهج البلاغة
پوهندوی
محمد عبد الكريم النمري
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
فلما قدم رسوله على معاوية ، وقرأ كتابه ، بعث رجلا من بني عميس ، وكتب معه كتابا إلى الزبير بن العوام ، وفيه : بسم الله الرحمن الرحيم . . لعبد الله الزبير أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان : سلام عليك ، أما بعد ، فإني قد بايعت لك أهل الشام ، فأجابوا واستوسقوا كما يستوسق الجلب ، فدونك الكوفة والبصرة ، لا يسبقك إليها ابن أبي طالب ، فإنه لا شيء بعد هذين المصرين ، وقد بايعت لطلحة بن عبيد الله من بعدك ، فأظهرا الطلب بدم عثمان ، وادعوا الناس إلى ذلك ، وليكن منكما الجد والتشمير ، أظفركما الله ، وخذل مناوئكما ! فلما وصل هذا الكتاب إلى الزبير سر به ، وأعمل به طلحة وأقرأه إياه ، فلم يشكا في النصح لهما من قبل معاوية ، وأجمعا عند ذلك على خلاف علي عليه السلام .
جاء الزبير وطلحة إلى علي عليه السلام بعد البيعة بأيام ، فقالا له : يا أمير المؤمنين ، قد رأيت ما كنا فيه من الجفوة في ولاية عثمان كلها ، وعلمت رأي عثمان كان في بني أمية ، وقد ولاك الله الخلافة من بعده ، فولنا بعض أعمالك ، فقال لهما : ارضيا بقسم الله لكما ، حتى أرى رأيي ، واعلما أني لا أشرك في أمانتي إلا من أرضى بدينه وأمانته من أصحابي ، ومن قد عرفت دخيلته ، فانصرفا عنه وقد دخلهما اليأس ، فاستأذناه في العمرة .
طلب طلحة والزبير من علي عليه السلام أن يوليهما المصرين : البصرة والكوفة ، فقال : حتى أنظر . ثم استشار المغيرة بن شعبة ، فقال له : أرى أن توليهما إلى أن يستقيم لك أمر الناس . فخلا بابن عباس ، وقال : ما ترى ؟ قال : يا أمير المؤمنين ، إن الكوفة والبصرة عين الخلافة ، وبهما كنوز الرجال ، ومكان طلحة والزبير من الإسلام ما قد علمت ، ولست آمنهما إن وليتهما أن يحدثا أمرا . فأخذ علي عليه السلام برأي ابن عباس . وقد كان استشار المغيرة أيضا في أمر معاوية ، فقال له : أرى إقراره على الشام ، وأن تبعث إليه بعهده إلى أن يسكن شغب الناس . ولك بعد رأيك . فلم يأخذ برأيه .
فقال المغيرة بعد ذلك : والله ما نصحته قبلها ، ولا أنصحه بعدها ما بقيت . دخل الزبير وطلحة على علي عليه السلام ، فاستأذناه في العمرة ، فقال : ما العمرة تريدان ؛ فحلفا له بالله أنهما ما يريدان غير العمرة ، فقال لهما : ما العمرة تريدان ، وإنما تريدان الغدرة ونكث البيعة ؛ فحلفا بالله ما الخلاف عليه ولا نكث بيعة يريدان ، وما رأيهما غير العمرة . قال لهما : فأعيدا البيعة لي ثانية ، فأعاداها بأشد ما يكون من الإيمان والمواثيق ، فأذن لهما ، فلما خرجا من عنده ، قال لمن كان حاضرا : والله لا ترونهما إلا في فتنة يقتتلان فيها . قالوا : يا أمير المؤمنين ، فمر بردهما عليك ، قال : ليقضي الله أمرا كان مفعولا .
لما خرج الزبير وطلحة من المدينة إلى مكة لم يلقيا أحدا إلا وقالا له : ليس لعلي في أعناقنا بيعة ، وإنما بايعناه مكرهين .
مخ ۱۴۳